أساساً، انتهى العام اللبناني بشرٍّ مؤجّل إلى العام 2018، والشّرور والعقد وخلق المعضلات وصفة لبنانيّة بامتياز، لا يحتاج الساسة في لبنان إلى عقد من الخارج، هم يبتكرونها، ولن يكون آخرها مرسوم «الأقدميّة»، لبنانياً، تضيّع العقد السياسيّة «رهجة» الإنجاز الأمني والاجتماعي الذي شهده لبنان والعاصمة بيروت ليلة رأس السنة، أساساً بدأ العام 2018 بشرِّ تهديدات «الزرّ النووي» على طاولة فتى كوريا الشماليّة الأغرّ، و»ترامبت» الولايات المتحدّة الأميركيّة، العالم يترقّب «الزرّيْن» الكبير الكوري والأكبر الأميركي، وإذا «نقشت» مع شعوب العالم المحظوظة بالمجانين سـ»يكبس» العبقريّان الأميركي والكوري «الزرّيْن» في نفس اللحظة، وترتاح البشريّة!
وإذا كانت نهايات العام 2016 حازت على ترّقب مزعج لعام انزاح بثِقَلٍ شديد عن المنطقة برمّتها بعد دمويّة تجاوزت قدرة العقل البشريّ على تحمله وأغلب ضحاياه من الأطفال فإنّ العام 2017 «تأبّط شرّاً» بعيد دخوله بدقائق بنهر من الدّماء في ملهى لارينا التركي وضحاياه، ولم يغيّر العام الماضي دمويّة العام 2016، بل زاد عليها، وتمادى حتى بلغ الذروة مع إعلان دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وتذكروا أن العام 2018 سيكون عام ضياع القدس العربيّة وإعلان يهوديّتها وعام تصفية القضية الفلسطينيّة وشعبها المرابط الصابر في أراضيه المحتلة، لم نخطىء عندما وصفنا العام 2017 قبل حلوله بأنّه «تأبّط شرّاً»، وبنسبة تشاؤم عالية نقول أنّ العام 2018 «تأبّط شروراً» والحبل عالجرّار!
بواقعيّة شديدة العام 2018 سيكون أسوأ من العام 2017، في السياسة سنظلّ نرواح في هذه الدائرة المفرغة حتى يقرّر فريق ما قلب الطاولة على رأس لبنان والالتحاق بما يجري في المنطقة، متى ما سمح مصير المنطقة بتظهّر الرابح والخاسر ودويلات التقسيم ونمط تعايشها وتناحرها، الإقليم كلّه على كفّ عفريت والدول «السُنيّة» الكبرى فيه تحارب بعضها، من أسوأ ما مرّ علينا في العام 2017 الصراع المعلن بين تركيا ومصر والسعودية، لا تحتاج الدول السنيّة الكبرى إلى العدوّ الإيراني الشيعي، أو العدوّ الإسرائيلي اليهودي، ولا إلى عداوة، هي تتكفّل بإضعاف بعضها البعض ومحاربة بعضها البعض، وما على الآخرين إلا التفرّج!
عام 2018 لن يكون بأفضل، هو أيضاً «تأبّط شرّاً»، كذاك الشاعر الجاهلي «الصعلوك» ابن «أبو كبير الهذلي» وأخوته الأربعة «ريش بلغب»، و»ريش نسر»، و»كعب جدر»، و»لا بواكي له»، و»تأبط شراً» لقب لقّب به واسمه ثابت، وذكر الرواة أنّه كان رأى كبشاً كبيراً في الصحراء فحمله تحت إبطه فجعل يبول عليه طول طريقه، فلما قرب من الحي ثقل عليه الكبش فلم يقله فرمى به فإذا هو الغول فقال له قومه: ما تأبطت يا ثابت؟ قال: الغول، قالوا: لقد تأبطت شراً فسمي بذلك. وقيل: بل قالت له أمّه: كل إخوتك يأتيني بشيء إذا راح غيرك فقال لها: سآتيك الليلة بشيء، ومضى فصاد أفاعي كثيرة من أكبر ما قدر عليه فلما راح أتى بهن في جراب متأبطاً له فألقاه بين يديها ففتحته فتساعين في بيتها فوثبت، وخرجت فقال لها نساء الحي: ماذا أتاك به ثابت؟ فقالت: أتاني بأفاع في جراب فقلن: وكيف حملها؟ قالت: تأبطها، قلن: لقد تأبط شراً فلزمه تأبط شراً. وقيل لقب بتأبط شرا لأنه كان كلما خرج للغزو وضع سيفه تحت إبطه فقالت أمّه مرة: تأبط شراً، فلقب بهذا اللقب.
في الحقيقة، سواءً تأبّط «الغول» أو «جراب الأفاعي» أو «السيف»، ما يلوح في الأفق يؤكد أنّ العام 2018 «ثابتٌ» كالشّاعر الصعلوك وأنّه يأتينا وقد «تأبّط شروراً»!
ميرڤت سيوفي