في معلومات لمصادر ديبلوماسية اوروبية تتمتع بنسبة عالية من الجدّية والاطلاع، ان رئىس الحكومة الأسبق سعد الحريري سمع في موسكو اثناء لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وفريق عمله، كلاماً واضحاً وصريحاً، ان روسيا الحريصة على امن لبنان واستقراره، لا تمانع بوصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا، وتؤيد تحرّك الحريري لكسر الجمود القاتل الذي يكاد ان يشلّ لبنان وتؤيد خياراته التي ينوي اتخاذها في هذا الصدد.
هذه المعلومة تتقاطع مع الاجواء الايجابية التي تسود اوساط تكتل التغيير والاصلاح وحزب التيار الوطني الحر، واقتناعهم بأن الايام التي تفصلنا عن تاريخ 31 من الشهر الجاري الذي حدّده رئيس المجلس النيابي نبيه بري لتكون الجلسة رقم 46 لانتخاب رئيس للجمهورية، ستحمل اخباراً ايجابية، مثل اعلان سعد الحريري تبنيّ ترشيح عون، ونجاح مساعي حزب الله لعقد قمة ثلاثية تضم، عون وبرّي والسيد حسن نصرالله، يؤمل ان ينتج عنها تقصير المدّة، بحيث تجري الانتخابات الرئاسية قبل الموعد المحدد لها.
اذا اضفنا الى هذه الاجواء العونية المتفائلة بقرب انتخاب عون رئيساً، ما تسرّب من معلومات حول الموقف السعودي الحقيقي من ترشّح عون، وهو موقف الحياد الايجابي بالنسبة الى جميع المرشحين، بمعنى انها على استعداد للتعامل مع اي رئيس ينتخبه المجلس النيابي، بمعزل عن وجود تيّارين او خطين داخل السعودية، خط يؤيد سليمان فرنجية، وآخر لا يمانع بميشال عون، ما دفع القيادة السعودية الى الوقوف على الحياد، والقبول بما يقبل به اللبنانيون، فهذا يعني عملياً ان السعودية أطلقت يدي الحريري في اتخاذ القرار الذي يخرج لبنان من غيبوبته الطويلة ضمن اقتناعه بأن العهد المقبل لن يكون معاديا للسعودية ولدول الخليج العربي والمصالح العربية الاستراتيجية وعودة وزير الصحة وائل ابو فاعور المفاجئة الى الرياض قد تحمل الخبر اليقين لهذه المعلومات المسرّبة.
****
بمعزل عمّا اذا كانت هذه المعلومات صحيحة او غير صحيحة الا ان المعلومة الصحيحة المخيفة التي لا يجادل احد فيها الاّ المكابرون او المنتفعون من خراب لبنان، هي ان لبنان دخل فعلا في نفق الانهيار الكامل بعد سنتنين ونصف السنة على النزف الاقتصادي والاجتماعي والمالي في جميع مؤسسات الدولة ومرافقها العامة والخاصة ويبقى النزف الاهم والاكبر والاخطر، هو النزف المالي الناتج عن الفساد الرسمي والهدر في المال العام، من جهة، وتدنّي موارد الدولة من جهة ثانية، والتراجع الملحوظ في تحويلات الخارج وفي الاستثمارات العربية والاجنبية واستهلاك البنى التحتية من كهرباء وماء وطرقات ومدارس ومستشفيات من قبل مليوني نازح ســوريا ولاجئ فلسطيني والمليارات التي انفقتها الدولة وتنفقها عليهم واذا كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة استطاع بعلمه وخبرته وقدرته وسهره ان يحافظ على قوّة العملة الوطنية وسط هذه الاوضاع المأسوية في العالم العربي وفي لبنان الاّ ان سلامة لا يستطيع ان يجترح العجائب اذا لم يجد السياسون مخرجا وحلولا للازمات القائمة وليس مستبعدا وفق خبراء المال والاقتصاد ان تضعف الليرة اللبنانية تجاه العملات الصعبة اذا استمر الفراغ يحكم قصر بعبدا وساحة النجمة والسراي الحكومية بنسبة قد تصل الى الثلثين في منتصف العام المقبل او اول العام 2018 هل في لبنان عاقلون ينقذونه قبل فوات الاوان وقبل قيام مواجهة بين موسكو وواشنطن؟