سلام في جدّه يشيدبالدعم السعودي ويعقد خلوة مع الحريري
22 أيار: عون يترشّح وجعجع يسلبه صفة المرشح التوافقي
تحركت بكل اتجاه: الرئيس تمام سلام وصل الى جدة، في اول زيارة له لبلد عربي، حيث يلتقي ظهر اليوم ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز، بعد ان كان التقى الرئيس سعد الحريري الذي أولم على شرفه مع الوفد المرافق له، في منزله في جدة، وهو كان استقبل في السراي الكبير، قبيل سفره، البطريرك الماروني بشارة الراعي، في اطار التداول في انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية قبل 25 ايار الحالي.
الرئيس نبيه بري دعا مجلس النواب الى اجتماع غداً الاربعاء للاستماع الى رسالة الرئيس ميشال سليمان، والتي يدعو فيها المجلس الى الانعقاد لاتخاذ الموقف المناسب، ومناقشتها، وذلك قبل 24 ساعة من الجلسة المخصصة عند الثانية عشرة من اليوم التالي، اي الخميس لانتخاب رئيس الجمهورية.
مرشح قوى 14 آذار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، خرج عن صمته، وعقد مؤتمراً صحفياً في نادي الصحافة في العاصمة الفرنسية، للكشف عما دار من المحادثات المستفيضة مع الرئيس الحريري، وأهم ما اثاره جعجع واثار لغطاً اعلامياً وسياسياً الفقرة المتعلقة بما سمعه من رئيس تيار «المستقبل» من ان «العماد ميشال عون طرح نفسه مرشحاً «توافقياً»، واستطرد جعجع (والكلام له): «فلنتوقف ونرى كم هو العماد عون مرشح توافقي»، مضيفاً: «وبالفعل توقعنا واستعرضنا الامر، وكان لي رأي موضوعي جداً».
فعلام أشتمل الرأي الموضوعي للدكتور جعجع؟
الجواب على لسان جعجع نفسه: «اذ استغرب كيف لعون بعد تسع سنوات من ممارسات في خط مختلف تماماً ان يتحول ويصبح فجأة مرشحاً توافقياً؟ فضلاً عن ذلك لم يبلغنا احد بأن مذكرة التفاهم ألغيت مع حزب الله».
واذا كانت توضيحات جعجع قطعت الشك باليقين فيما دار في اللقاء مع الرئيس الحريري، فإن الرئيس فؤاد السنيورة الذي عاد من اللقاء نفسه الى بيروت، اعلن صراحة ان كتلة «المستقبل» ستشارك في جلسة الانتخاب، معلناً ان جعجع ما يزال هو مرشح الكتلة.
واوضحت مصادر في كتلة «المستقبل» ان الكتلة التي اجتمعت امس برئاسة الرئيس السنيورة، ابدت استمرار تأييدها لمرشح قوى 14 آذار، نافية وجود اي توجه جديد باستثناء التمسك بترشيح جعجع.
وفهم من هذه المصادر ان الكتلة تمنت ان يعمد الفريق الآخر الى ترشيح شخصية لمنصب الرئاسة، لتقوم منافسة، مبدية الاستعداد لتقديم التهنئة للفائز من المرشحين والذي يحوز على 65صوتاً.
وعُلم أن الرئيس السنيورة أكّد أن الكلام الذي سرّب عن لقاء باريس غير دقيق ومجتزأ، وأن هناك رغبة بتوضيح حقيقة ما جرى، ربما يصدر اليوم في البيان الذي سيصدر عن الكتلة.
وأكّد المصدر أن لا تغيير في موقف الكتلة، كما انه لا فيتو على احد، والوضع ما زال كما هو، في إشارة إلى أن جلسة الخميس قد لا يحصل فيها انتخاب حتى ولو اكتمل نصابها، مشدداً على أن كل ما قيل عن استبعاد أسماء أو طرح أسماء جديدة من الصف الثاني لا أساس له من الصحة.
اما حزب الله، الذي دعا إلى الإقلاع عن الارتهان إلى اللعبة الإقليمية (ربما في إشارة إلى ما يتردد عن تفاهم سعودي ايراني) طالب بضمانات بتأييد رئيس جديد للجمهورية ويحفل تاريخه بدعم المقاومة، معتبراً أن الالتزامات الشفهية لم تعد تكفي.
وبانتظار جلاء الموقف في خطاب الأمين العام السيّد حسن نصر الله الأحد المقبل في بنت جبيل، والذي يأتي بعد انتهاء المهلة الدستورية، فان أوساط الحزب تروج إلى أن مساعي قوى 8 آذار تصب في تأمين انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية قبل 3 حزيران (أي قبل موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا) وإلا فان عملية الانتخاب ربما ستذهب الى عدّة أشهر بعد هذا التاريخ، معتبرة (أي هذه الاوساط) انه اذا ما حدث خرق في قوى 14 آذار بالتفاهم مع تيّار المستقبل فان هذا الخرق سيصبح ممكناً لمصلحة النائب عون في جلسة وصفت بأنها «مباغتة».
وعلى صعيد الحركة الدبلوماسية، وفيما باريس تحتضن كل الحراك المتصل بالاستحقاق الرئاسي اللبناني فان السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل، رفع من وتيرة نشاطه باتجاه اللاعبين المحليين الكبار، فانتقل من قصر بعبدا إلى عين التينة، ولم يخف موقف بلاده المتمثل بحث القيادات اللبنانية على انتخاب رئيس الجمهورية في المهلة المحددة وفقاً للدستور «لأن النجاح لن يكون ممكناً من دون التزام القيادات اللبنانية لتقادي دفع ثمن الفراغ»، معتبراً أن الوقت لم يفت بعد.
والسؤال: ماذا سيحدث في جلسة الخميس؟
ثمة معزوفة يجري تداولها منذ أيام أن النصاب سيتأمن، وأن الانتخاب سيتأجل، الا أن مصادر واسعة الاطلاع تعتبر أن جلسة الخميس لن تكون كسابقاتها، وإن كان الاجتماع النيابي الذي يسبقها الأربعاء قد يؤشر إلى المسار الذي يمكن ان يسلكه لجهة الحضور أو الترشيحات، او توزع أصوات النواب إذا حصل الانتخاب.
وفي المعلومات، أن عون يقترب من اتخاذ قرار بالترشيح، لكن المصادر تدعو إلى ترقب بيان تكتل الإصلاح والتغيير اليوم، والذي ينتظر بدوره توضيحات من الحوار الدائر بين تياري «المستقبل» و«العوني».
وعلى صعيد حضور النواب، فإن أوساط 8 آذار تلمّح الى أن فريق 14 آذار سيلعب ورقة تطيير النصاب، من زاوية أن التفاهم الذي يطالب فيه هذا الفريق (أي 8 آذار) لم يحصل، وبالتالي لا يمكن أن يذهب الى جلسة انتخاب ديموقراطية، أو تنافسية.
زيارة سلام
وعلى صعيد زيارة الرئيس سلام الى السعودية، فقد أفاد موفد «اللواء» ضمن البعثة الإعلامية، د. عامر مشموشي، أن خلوة عُقدت قبيل منتصف الليل بين الرئيسين سلام والحريري أعقبت مأدبة العشاء التكريمية، والتي كان سبقها اجتماع موسع في حضور الوزراء المرافقين إستمر نصف ساعة.
وصرح سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري لـ «اللواء» أن المملكة لا تتدخل في شأن لبنان الداخلي، مضيفاً أن «على اللبنانيين أن يتصرفوا ونحن نريد ونتمنى الوصول الى رئيس توافقي يتبنّى إعلان بعبدا والنأي بالنفس عما يجري في سوريا، وعلى خطى الرئيس سليمان».
ومن المقرر أن يعقد الرئيس سلام مؤتمراً صحفياًَ بعد لقاء ولي العهد، قبل أن يُقفل عائداً الى بيروت قرابة السادسة مساء.
وكشفت مصادر الوفد المرافق، أن زيارة المملكة ستكون باكورة جولة خليجية سيقوم بها الرئيس سلام في الشهر المقبل، وتشمل دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر وسلطنة عُمان والبحرين.
وفي دردشة مع الإعلاميين في الطائرة التي أقلّته من بيروت الى جدة، نفى سلام أن تكون الزيارة للبحث في موضوع الانتخابات الرئاسية، متمنياً أن يكون الاستحقاق الرئاسي صناعة لبنانية، كما كانت الحكومة من دون أي تدخل خارجي. كما نفى أن يكون البطريرك الماروني الذي زاره صباحاً فاتحه بموضوع بقاء سليمان في قصر بعبدا، معتبراً أن الراعي هو بطريرك لكل لبنان وليس لطائفة واحدة، متمنياً أن لا نذهب الى مزايدات سياسية بعد 25 أيار.
وأعلن أن العلاقات مع الرئيس الحريري مستمرة ومتواصلة، مشيراً الى أن العلاقات مع السعودية وطيدة، قائلاً: «أنا حرصت على بدء جولتي العربية بالسعودية»، منوّهاً بما أعطته للبنان.
تجدر الإشارة الى أن زيارة الراعي الى السراي جاءت قبل أيام من مغادرته الى الأراضي المقدسة، وهو (أي الراعي) حدّد لها ثلاثة أهداف، كان أهمها رفض الفراغ ولو ساعة واحدة، مؤكداً أن ضمير النواب الوطني يجب أن يقنعهم بانتخاب رئيس، وأن دور النائب أن ينتخب رئيساً.