IMLebanon

«24 ساعة من التاريخ»

 

«24 ساعة من التاريخ»، هي العبارة التي أنهى بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الى المملكة العربية السعودية، وقد ختمها بجولة في مدينة الرياض وبزيارة حميمة الى مدينة «درعية»، وهي عبارة عن مدينة أثرية أبقيَ على شكلها القديم ليتذكّر أهل المملكة ما كانت عليه مدنها، خصوصاً الرياض في السابق، قبل تجديدها وتحديثها لتغدو ما أصبحت عليه اليوم.

أمّا لغة التحديث والتجديد، فقد كانت اللغة الابرز التي واكبت لقاءات البطريرك الراعي الثلاثية الأهم، واختصرت ثمار جولته التي وصفها بأنّها ستدوّن في سيرة حياته «24 ساعة من التاريخ»، في وقت بَدت سياسة التجديد من أبرز القواعد التي اتفق عليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، ووليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، والبطريرك.

الملك سلمان

صباح أمس توجّه الراعي في موكب ملكي للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز. إستمر اللقاء نحو 20 دقيقة، جدَّد فيها الملك دعمه للبنان وشعبه.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ الحديث مع الملك تركز على أهمية دور لبنان في المنطقة، والمساعدة على جعله مركزاً دائماً لحوار الاديان والحضارات تماشياً مع الشعار الذي أطلقه عليه البابا يوحنا بولس الثاني، أي لبنان الرسالة، فيما قدّم البطريرك إلى الملك السعودي وثيقة خطيّة تتضمَّن خريطة طريق لهذه المطالب، ومن ثم ناقشاها.

أمّا اللقاء الأبرز للراعي، وفق معلومات «الجمهورية»، فكان «اللقاء الصريح» الذي جمعه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والذي اتّصَف بالإيجابي والصريح. إذ، وإضافة الى مناقشة الوثيقة المقدّمة من البطريرك والمتعلقة بجعل لبنان مركزاً لحوار الحضارات، تخلل اللقاء حديث مطوّل عن حدث الساعة، بحيث فاتح وليّ العهد الراعي بصراحة عن رأي المملكة في سياسة لبنان الحالية، مُبدياً عَتبه على بعض المسؤولين السياسيّين الذين يتجوّلون في بلاد الغرب «للشكوى» على أشقائهم العرب.

(وقد قصد الوزير جبران باسيل الذي بدأ أمس جولة في اوروبا للبحث في أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري)، وقد اعتبرت المملكة أنها إساءة بحقها. وعلمت «الجمهورية» أنّ ولي العهد سأل البطريرك عن رأيه إذا كان يقبل أن تُكافأ المملكة بالشكوى عليها في جولة أوروبية لمسؤولين سياسيّين رفيعي المستوى في الدولة؟

وقد فَنّد ولي العهد للبطريرك بصراحة ما فعلته المملكة للبنان الذي كانت وما زالت تعتبره شقيقاً، لكنّها اليوم تطالبه بممارسة سياسة جديدة بعدما نوَت هي ايضاً البدء بسياساتها الجديدة إبّان عهدها الجديد، كما أبدى ولي العهد انزعاجه من تظهير المملكة مُعتدية فيما هي مُعتدى عليها، بالإشارة الى أنها لم تَعتدِ على إيران بل هي بادرت الى ذلك.

والحديث عن التجدّد في السياسة سمعه البطريرك أيضاً من الرئيس سعد الحريري، الذي اكد أنه لن يتراجع عن استقالته اذا لم يجد رئيس الجمهورية ميشال عون مخرجاً للبحث في تسوية جديدة.

والسياسة الجديدة أيضاً وأيضاً هي ما أكّده أمير الرياض فيصل بن بندر خلال مأدبة الغداء التي دعا اليها على شرف البطريرك والوفد المرافق، فوصف المملكة بأنها تتجدّد وتَتبِع سياسة جديدة للمنطقة، داعياً الجميع الى التجدّد معها وملاقاتها.

البطريرك الراعي الذي بدا مرتاحاً في ختام لقاءاته، فاجأ الاعلاميين عندما سئل عن اقتناعه بأسباب استقالة الحريري، فكان جوابه حاسماً وصادماً إذ أجاب: ومن قال إنّي غير مقتنع، مؤكّداً اقتناعه منذ الاساس بأسباب استقالة الحريري، ليبدو وكأنّه اقتنع كلياً بالاسباب التصعيدية التي لجأت اليها المملكة تجاه لبنان والحريري أخيراً.

كما أتت الاشارة الجديدة ايضاً عن لسان الراعي حين لفت إلى أهمية رجوع الحريري للبحث مع الرئيسين عون وبري عن إمكانية البدء بإيجاد مخارج للبناء على تسوية جديدة، وهو اكد أنّ الحريري سوف يعود قريباً الى لبنان ليسألهما عن ذلك، لأنه كما يبدو لن يكون هناك لا تنازل من المملكة، ولا تراجع من الحريري إذا لم يقرّر عون وبري البدء في البحث عن تسوية وترك الأمر في يد «حزب الله».

وقبل مغادرته، اجتمع الراعي بوزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان الذي رافقه الى قاعدة الملك سلمان الجوية، ليغادر بعدها البطريرك الى لبنان لساعة من الوقت حسبما أعلن قبل توجّهه الى روما.

في الخلاصة، هذا هو الجديد في سياسة التجديد الذي يمكن استنتاجه من الزيارة التاريخية التي ازدوجت مهمتها، فبعدما كانت بَحت دينية تحوّلت في اللحظات الاخيرة سياسية بامتياز:

– فقد بَدا الراعي «مقتنعاً» بأسباب وموجبات استقالة الحريري.

– كان هناك إجماع من مختلف الافرقاء، أي الملك السعودي وولي العهد والحريري والبطريرك والسبهان وكثير من الديبلوماسيين، على أنّ المنطقة ذاهبة الى تسوية كبيرة، وبدوره لبنان مطلوب منه تسوية جديدة.

– الثقة والثبات اللذان تكلم بهما البطريرك ألمحا الى قبول خارجي أيضاً وليس فقط عربي برفع الغطاء عن معارضي التسوية الجديدة.

• إقتناع بمسألة السياسة الجديدة التي أكد عليها أمير الرياض، ويبدو أنّ الراعي استوعب وقَبلَ أن لا عودة الى الوراء بعد هذا القرار.
• توضيح أسباب الاستقالة.
• ضرورة ابتكار حلّ من الرئيسين عون وبري لتسهيل عودة الحريري.