Site icon IMLebanon

٢٥٪‏ من مساحة سوريا؟

قدم سيرغي لافروف يوم الأربعاء مضبطة اتهام ضد المعارضة السورية وكل من يطالب بتنفيذ المادتين ١٢ و١٣ من القرار الأممي رقم ٢٢٥٤، أي وقف النار وإدخال المساعدات الإنسانية بهدف إيجاد أجواء تساعد على إنجاح مؤتمر “جنيف ٣”.

في ذلك الحين كانت المقاتلات الروسية تشنّ ٢٢٥ غارة هستيرية في يوم واحد استهدفت ميدانياً محيط حلب وسياسياً مؤتمر جنيف، الذي أعلن دو ميستورا تأجيله الى ٢٥ شباط الجاري، في حين أعلن وفد المعارضة انه لن يعود الى جنيف قبل التزام القرار ٢٢٥٤.

ليس في هذا أي مفاجأة. فمن الواضح تماماً ان العودة الى جنيف لم تكن أصلاً سوى محاولة للإيحاء الخادع بأن موسكو وايران والنظام السوري تريد حلاً سياسياً، بينما تصرّ في الواقع على حل عسكري لم يغالِ فيليب هاموند عندما قال إنه يهدف عملياً الى إقامة الدولة العلوية، وهو ما خدش حياء لافروف سيد الأحابيل والمخاتلات!

لا داعي للحديث عن دو ميستورا الذي يعمل في الواقع، مقاولاً لشراء المزيد من الوقت للحل العسكري، أولم يقلّ بداية الأسبوع إن المفاوضات يمكن ان تستغرق ستة أشهر، وهذه مدة يريد استقطاعها لإضافتها الى أشهر فلاديمير بوتين الأربعة، التي حددها أصلاً لعمليته العسكرية التي بدأت في ٣٠ أيلول الماضي، ثم عندما يؤجل مفاوضات جنيف ثلاثة أسابيع أوليست هذه مدة مستقطعة أيضاً لمزيد من القصف الذي جعل القرار ٢٢٥٤ ركاماً على رغم ان روسيا وافقت عليه على سبيل المراوغة طبعاً؟

يعرف المعارضون السوريون فصول دو ميستورا جيداً، لكنهم ذهبوا الى جنيف لئلا يُقال إنهم لا يريدون الحل السلمي ولكي يكشفوا النظام وحلفاءه، لكن ما لا يُصدّق في كل هذه العملية، ان ينبري جون كيري صباح أمس الخميس، بعدما أحرق الروس محيط حلب وقصفوا مؤتمر “جنيف ٣”، ليعلن ان لافروف وافق على “ضرورة مناقشة سبل تنفيذ وقف للنار في سوريا وان من الضروري ايصال المساعدات الإنسانية الى الطرفين”!

هكذا بالحرف وبما يوحي زوراً طبعاً ان موسكو تقبل بوقف النار، في حين لا تزال المقاتلات تنفذ كلام لافروف: “الغارات الجوية الروسية لن تتوقف ما لم نهزم فعلاً تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة وان عقد الآمال على شروط ومهل [المقصود شروط وقف النار وإيصال المساعدات] يمثّل سياسة قصيرة النظر”!

لكن كيري في موقع العين بصيرة واليد قصيرة، بما يعني عملياً انه مقاول آخر أسوأ من دو ميستورا يضخّ المزيد من التعميات الأميركية التي تعطي بوتين الوقت الكافي ليرسم بالنار حدود الدولة العلوية من دمشق الى طرطوس أي ٢٥ ٪‏ من مساحة سوريا!