بالعربي
3- إيران العضو غير المعلن في التحالف لمحاربة «داعش»
أعلن رئيس وزراء العراق حيدر العبادي منذ أيام ان «الدولة العراقية هي الوحيدة التي تقاتل منظمة داعش على الارض».
أراد الرئيس العبادي ان ينفي بتصريحه هذا وجود أي قوات إيرانية على الأراضي العراقية تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية.
وهو اضطر ليعلن ذلك بعدما كثر التداول حول ماهية القوات الإيرانية على أرض العراق ودورها.
رافق الجهود لتشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش بعد اجتياحها لأكثر من ثلث الأراضي العراقية خلال أسابيع قليلة إعلان أركان الإدارة الأميركية من الرئيس باراك أوباما وما دون عدداً من المسلمات منها:
– انه يجب معالجة الأسباب والعوامل التي دفعت الكثير من عشائر العراق «السنية» للوقوف إلى جانب «داعش»، وأن أبرز هذه العوامل هو اقصاؤها عن العملية السياسية خلال مرحلة حكم الرئيس نوري المالكي، وأن تهميشها خلال المرحلة المذكورة، وقمع حراكها الشعبي بالقوة، دفعها لتقع في أحضان «داعش» وتشكل لهذا التنظيم المتطرّف بيئة حاضنة.
– تشجيع الرئيس العبادي على سلوك نهج الانفتاح تجاه العراقيين «السنة» واشراكهم بالعملية السياسية كمكون عراقي أساسي، وهذه الشراكة يجب ان تكون فعلية وملموسة.
– رفض مشاركة إيران بالتحالف الدولي.
– تشجيع الدول العربية (السنية) على المشاركة في التحالف، مصر تحفظت وأعلنت انها تحارب الإرهاب والتطرف على أراضيها، فيما شاركت غالبية دول الخليج بواسطة قواتها الجوية.
– رفض مشاركة نظام الرئيس بشار الأسد في التحالف، وفشلت جميع الجهود التي بذلها من أجل قبوله في التحالف، فأصرت الإدارة الأميركية ان ما يقوم به نظام الرئيس الأسد يشبه ما تقوم به «داعش» من إرهاب.
– فشلت جهود الإدارة الأميركية في إقناع تركيا المشاركة في التحالف، فتركيا اشترطت: إقامة منطقة عازلة داخل سوريا بعمق 30 كلم، وأن يكون من ضمن مهام التحالف إسقاط نظام الرئيس الأسد الذي استخدم كل أنواع الأسلحة لقتل وتشريد شعبه.
من جهتها إيران التي باتت لها الكلمة الرئيسية والتأثير الحقيقي على النظام العراقي وعلى الحراك الشعبي رفضت الإملاءات الأميركية بتحديد من يُشارك في قتال «داعش» ومن لا يقاتل، وأعلنت القيادة الإيرانية «نحن عندما نقاتل الإرهاب لا نأخذ اذناً من أحد، ولا يحق لأي دولة ان تحدد مسار تحركنا».
وبعد ذلك أخذت القيادة الإيرانية «تتعمد» إظهار تواجد قياداتها على الأراضي العراقية، فتعمدت ان تنشر صورة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني أكثر من مرّة وهو يتواجد بين المقاتلين في العراق في ديالي وصلاح الدين وسامراء وجنوب بغداد في مواجهة داعش، وإعلان أحد قادة الحرس الثوري ان «للثورة الإسلامية جيش شعبي في العراق (يقصد به المنظمات العراقية التي تتلقى دعماً مالياً وعسكريا من الحرس الثوري) يبلغ حجمه عشرة اضعاف حجم حزب الله اللبناني».
نائب قائد الحرس الثوري الإيراني أعلن ان «هناك متغيرات تحدث في موازين القوى في المنطقة لصالح ايران»، كما قدمت السلاح علناً لقوات «البشمركة» الكردية، وهي تتواجد بقوات الحرس الثوري، واعلنت ان سليماني هو الذي حمى بغداد وسامراء.
ما اعلنته القيادة الإيرانية فهو صحيح، فهي لم تخف دعمها لنظام بشار الأسد، وكذلك دعمها للمنظمات «الشيعية» العراقية، ولا دعمها للحوثيين في اليمن، وعندما يعلن بعض قادة الحرس الثوري «اننا وضعنا خطاً احمر لداعش في العراق»، فهو صحيح، فإيران هي التي تتواجد على الأرض وليس غيرها من أعضاء التحالف الدولي.
فهناك فرق كبير لوضعية وتأثير من يمسك بالأرض عبر تواجده عليها، وبين من يقصف من الجو فهذا كالزائر يرحل عندما تنتهي مُـدّة زيارته.
من جهة ثانية عندما باتت إيران هي القوة الفعلية الأساسية على الأراضي العراقية خلال مواجهة «داعش» تراجعت الإدارة الأميركية، عن مواقفها السابقة حول مشاركة إيران، فهي «صامتة» عن التدخل الإيراني خاصة وأن إدارة أوباما الراغبة في تقديم إنجاز الاتفاق النووي مع إيران للشعب الأميركي لا تريد اغضاب إيران في هذه المرحلة، فأوباما يرى هذا الإنجاز لعله يعوض عن الفشل الذريع في سياسته الخارجية.
ان ما أعلنه رئيس الوزراء العبادي لا يلغي من حقيقة ما هو قائم وموجود على الأرض، وهو ما تؤكده إيران يومياً.
فإيران منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ولغاية الآن لها اليد الطولى، والكلمة المسموعة، كونها متواجدة وليست غائبة، وهي اليوم العضو المؤثر في التحالف الدولي من غير إعلان رسمي أميركي، وأن جميع ما تقوم به إيران في أكثر من دولة عربية لم تأخذ اذناً من أحد.
والآن ترى انها ليست بحاجة لاذن أو تفويض أميركي، فهي موجودة، ومن يتواجد على الأرض يكون له الكلمة الفصل.