Site icon IMLebanon

مواجهة 3 أزمات

 

 

هنالك 3 أزمات كبيرة تؤثر على كل الدول وبالتالي على الاقتصاد الدولي.  هذه الأزمات هي الأسواق المالية التي عصفت بالاستقرار العالمي مرارا، أهمها في 2008 وثم لاحقا بالمصارف تحديدا بدأ من كاليفورنيا الى كل مصارف العالم.  حاولت الجهات التشريعية والرقابية منذ 2008 معالجة نتائج الأزمة ووضعت تشريعات لضمان عدم تكرار أزمات من هذا النوع.  لكن الأزمات استمرت بل عادت بسبب ضعف تطبيق بعض التشريعات خاصة المرتبطة بالسلامة كما بسبب  التهور المصرفي المتكرر الذي يضيف حدة الى عمق المشاكل المتراكمة.

الأزمة الثانية الكبرى هي وباء الكورونا الذي ضرب العالم صحيا واقتصاديا بدأ من 2009 ولم نتعافَ بعد من تأثيرته المستمرة والمتقلبة.  تعلم العالم الكثير من الأزمة الصحية الكبيرة ولا بد من أن يتحسن اداء المواجهة اذا ما حصلت أزمات خطيرة من هذا النوع.  هنالك جانب اجتماعي ظهر خلال الوباء وهو التضامن الشعبي والرسمي للمواجهة مما يدل على امكانية اعطاء أفضل النتائج عندما تتركز الارادة العامة على المعالجة.  لا بد من التنويه هنا بالأجهزة التمريضية والصحية التي كانت مثال العطاء بالرغم من الحوافز المالية القليلة المقدمة لها.

 

أما الأزمة الثالثة فهي مشكلة المناخ التي تزداد تعقيدا وتكلفة على كل البشر عبر الطقس ومساوئه الخطيرة من زلازل وفياضانات وهزات أرضية تضرب أوضاع الدول خاصة الفقراء.  تحاول المؤتمرات المتخصصة آهمها في دبي دفع الحكومات والمنظمات الى تطبيق القرارات الجيدة التي تم التوافق عليها والتي تخفف التلوث أقله الانبعاث الجديد.  تأثيرات التردي المناخي كبيرة جدا على صحة الانسان وعمره المرتقب كما على السلامة الاجتماعية في كل المناطق خاصة الفقيرة.  لا بد من نشر التوعية العامة من ناحية حسن التصرف والتكلفة كما عن الاستثمارات المطلوبة لبناء مستقبل نظيف يعتمد على طاقة كافية جيدة وممارسات صحية من قبل المواطن والمسؤولين.  الحفاظ على البيئة يبقى في غاية الأهمية.

 

أزمات من هذا النوع لا بد وأن تحصل وثم تتكرر، لكن الأهم هو أن نتعلم من الماضي لخلق فرص نهوض كبيرة مستقبلية وللحافظ على القيم الجيدة الجديدة والموروثة. فالأسواق لا قيم عندها، بل الشعوب تحترم قيمها للمصلحة العامة.  دورة الأزمة وثم المعالجة يجب أن تكتمل بخلق فرص كبيرة تسمح ليس فقط بتغطية الخسائر بل خاصة بتقوية المناعة الدفاعية الفاعلة.  يحتاج العالم الى تغييرات كبيرة في الأنظمة والقوانين والقواعد لبناء اقتصاد عالمي جديد يعطي أفضل النتائج للجميع. لذا المفروض من قبل السلطات الرسمية تقييم 3 أمور أساسية ضمانا للنجاح وتخفيفا للخسائر:

أولا: التنبه للتأثيرات غير المباشرة وغير المحسوبة التي تنتج عن تنفيذ القرارات.  هنالك دائما تأثيرات ايجابية وأخرى سلبية لأي سياسات عامة، وبالتالي احتسابها يكون  في غاية الأهمية. من الأمثلة بناء مستشفى في منطقة ما، يرفع أسعار العقارات المجاورة التي تستفيد من الاستثمار.  بناء معمل صناعي ملوث يساهم في تخفيض أسعار العقارات المجاورة بسبب ضعف الطلب الناتج عن المشروع الصناعي.

ثانيا: التنبه لكيفية اتخاذ القرارات اذ يبقى المسؤولون بشراً كغيرهم، وبالتالي من الممكن أن يتخذوا قرارات متهورة أو في غاية السوء.  هذه تصرفات يجب أخذها دائما في الحسبان لأنها تؤثر على نوعية القرارات وتكلفتها.  لا يتصرف الانسان، مسؤولا أو عاديا، دائما بعقلانية وبالتالي لسؤ التصرف وثم التنفيذ تكلفة ايضافية على المجتمع والموازنات العامة.

ثالثا:  هنالك مجتمعات عدة، دولا أو مناطق، تفضل تعزيز أوضاع اليوم على أوضاع المستقبل وهذا قصير النظر اذ أن المنطق يقول بالادخار اليوم والانفاق مستقبلا حماية للأجيال القادمة. المسؤولون الأذكياء ينفقون اليوم بمنطق، أي على الاستثمارات الجيدة في البنيتين التحتية والفوقية لبناء اقتصادات مستقبلية قوية تنتج مستوى معيشي أعلى ونوعية حياة أفضل.

لمواجهة هذه الأزمات وللتحضير لمستقبل أفضل في مجتمعات تحاول الحفاظ على قيمها الجيدة لا بد من تقوية الأسس التالية:

أولا:  تعزيز الأمن والآمان الداخليين لمواجهة كل الأزمات، أهمها اليوم الناتجة عن النازحين واللاجئين والمهاجرين.  هنالك أزمة انسانية غير مسبوقة ناتجة عن مجموعة السياسات الخاطئة التي طبقت على مدى عقود.

ثانيا:  حربا اليوم الكبيرتان في أوكرانيا وغزة تؤثران كثيرا ليس فقط على الانسانية وانما أيضا على شرذمة الاقتصاد الدولي بعد سنوات طويلة من بناء العولمة والتواصل وفتح الأسواق برعاية المؤسسات الدولية.  أكثرية الوقائع الحالية تصب في خانة اضعاف الاقتصادات عبر تخفيف التجارة الدولية ورفع المخاطر الأمنية التي تواجه التواصل الاقتصادي.  هنالك شعور دولي بأن ما تم بناؤه خلال عقود طويلة ماضية يتم ضربه عبر العودة الى المحاور.

ثالثا:  بسبب الأزمات المالية والمصرفية وتفشي نظام العقوبات عن حق أو ظلم، يتفكك النظام العالمي مما يعيدنا عقودا الى الوراء.  كما ساهمت العولمة في ضرب التضخم عبر فتح الأسواق ووضع قواعد تبادل منفتحة، يتحقق العكس اليوم أي أن شرذمة الاقتصاد الدولي سيضيق الأسواق ويعيدنا الى التضخم البنيوي القوي.

رابعا:  يتحول النظام الاقتصادي العالمي الى نظام يعتمد على الطاقة النظيفة بدأ من الشمسية الى المائية والحرارية والهوائية وربما النووية.  للطاقة النظيفة فوائد مناخية واضحة انما لها أيضا فوائد على صحة الانسان وعلى استمرارية الانتاج والآمان الاجتماعي الطويل الأمد.

خامسا: ما يطبق اليوم من سياسات حمائية صناعية يعرقل التواصل وسيكون له تكلفة باهظة ستظهر في نسب النمو المستقبلية.  هنالك تغيير واضح في أنظمة الانتاج وسلاسل الامداد تبتعد عن أسيا أكثر فأكثر بالرغم من تكلفتها المنخفضة وجودة سلعها. من النتائج ارتفاع تكلفة التأمين وبالتالي الأسعار مما يضر بمعيشة المواطن. في التكنولوجيا هنالك ضرورة للاستثمار في حماية المعلومات ومنع خرق أجهزة الأنترنت كما يحصل في المطارات.