IMLebanon

3 مفاجآت غيّرت مسار الاحداث… و«رسائل» مقلقة للسعودية

 

رد فعل «أيتام» السبهان في بيروت على اعادة الحياة لمعادلة «ربط النزاع» لا تعكس رضى سعوديا عن التسوية، وانما تعكس غياب اي استراتيجية بديلة لفشل محاولة «الانقلاب» الفاشل، ولذلك يمكن الحديث راهنا عن مرحلة «تريث» في غياب اي «تعليمة» سعودية جديدة، مع غياب المسؤولين السعوديين عن «السمع»، فالمملكة تشعر انها «كالزوج مخدوع» وهي في مرحلة اعادة لحساباتها اللبنانية، المطلوب ممن تورطوا معها في «المغامرة» التراجع «خطوة» الى الوراء، بانتظار «مجهول» غير محدد يعيد تزخيم النشاط السعودي الذي فقد غالبية «اوراقه»… فهل من خيارات سعودية متاحة؟

ليس ما تقدم استنتاجا، بل واقعا اكدته اوساط وزارية بارزة، تحدثت صراحة في مجالسها الخاصة عن غياب الرضى السعودي على عودة الرئيس الحريري عن استقالته من خلال بيان «الناي بالنفس» «الهش» الذي صدر عن الحكومة اللبنانية، لكن الرياض المحرجة امام حلفائها الغربيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا اختارت «الانحناء» امام «العاصفة» في الوقت الراهن والقبول على «مضض» بالعودة الى تسوية ما قبل الرابع من تشرين الثاني، لانها لا تملك خيارات متاحة راهنا، على الرغم من ادراكها، ان حزب الله لن يتراجع عمليا قيد انملة عن سياساته في لبنان والمنطقة، فهو انتصر في هذه الجولة على القيادة السعودية التي لم تنجح في اثارة الفوضى في «عقر داره»، وجاء الاخفاق الجديد في اليمن ليزيد من عمق المأزق السعودي، ويضع المملكة امام خيارات محدودة بعد خسارتها «الورقة» تلو الاخرى في ساحات المواجهة المفتوحة…

لن تتأخر الاختبارات الخارجية  للتسوية الجديدة، والاهم يبقى انعكاساتها على الساحة اللبنانية، فبحسب اوساط دبلوماسية في بيروت، فهمت الرياض «الرسائل جيدا»، وهي باتت تدرك ان محور المقاومة ليس في موقع دفاعي، بل على العكس هو في حالة «هجوم» متواصل على كافة الجبهات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، صدور بيان من قبل اجتماع المعارضة السورية في مؤتمر «الرياض 2» ذكر فيه كلمة رحيل الرئيس بشار الاسد في الفترة الانتقالية، لم يمر مرور الكرام، وقوبل برد فعل عنيف من دمشق التي اجهضت محتواه، ولا تزال ترفض اي حديث حول اي تسوية قبل التراجع عنه، عمليا تعطلت مفاوضات جنيف.. اما على الارض فتشاهد المملكة «بأم العين» الاستعدادات السورية مع الحلفاء بمن فيهم الروس لحسم معركة الغوطة الشرقية حيث المعقل الاخير والوحيد لـ«جيش الاسلام» الفصيل المتبقي للسعوديين في سوريا، وهذا يعني القضاء على ما تبقى لها من نفوذ «ضئيل» في سوريا. اما مقتل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد ساعات على «انقلابه» على انصار الله فشكل حدثا مفاجئا للسعوديين والاماراتيين الذين لم يتوقعوا تلك «النقلة» النوعية على «رقعة الشطرنج» اليمنية، المقبلة على المزيد من المفاجآت في ظل معلومات عن تكثيف قريب لعملية اطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه العاصمتين السعودية والاماراتية، وذلك في اطار خلق توازن  في «الردع» لاقناع السعوديين بالتخلي عن «المكابرة» والقبول بالجلوس على «الطاولة»…..

هذه الاختبارات ستدفع المملكة للخروج قريبا عن «صمتها»، وبحسب المعلومات هي تقوم حاليا بمراجعة جدية حيال اسباب الاخفاق على الساحة اللبنانية، ويمكن الحديث اليوم عن وجود «تريث» سعودي في التعامل مع هذا الملف بعد اعادته مجددا الى «الدرج»، بعد ان فشلت عملية وضعه على «الطاولة»، لاسباب كثيرة بات معظمها معلوما، لكن ما تؤكده الاوساط الدبلوماسية ان المملكة لم تتفاجأ بضعف الحلفاء المسيحيين، فهي لم تتلق اي وعود من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع او رئيس حزب القوات سامي الجميل بانهما قادرين على مواجهة حزب الله في الداخل، وكانا صريحين عندما اكدا ان «المشكلة» هي في غياب شريك سني فاعل قادر على القيام بتلك المواجهة في ظل اصرار الرئيس الحريري على استراتيجية «ربط النزاع»، وهو ما حاولت المملكة فرضه على رئيس الحكومة بطريقة «فظة» لاحقا… لكن ما فاجأ السعودية ثلاثة اطراف، حزب الله، آل الحريري وتيار المستقبل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، طبعا موقف الرئيس ميشال عون «العدائي» ضد المملكة كان متوقعا…

وبحسب تلك الاوساط فان هدوء حزب الله وعدم سقوطه في «فخ» الاستفزاز، كان خارج توقعات السعوديين، وكان الظن ان رفع منسوب التهديد والوعيد الصادر من المملكة، ومضمون بيان استقالة رئيس الحكومة من الرياض، كانا كفيلين باخراج الحزب عن «طوره» ودفعه لارتكاب «دعسة ناقصة» في الداخل تجر البلاد الى فوضى كان مقررا حشد المواقف الدولية والعربية لتحميل الحزب مسؤوليتها، تمهيدا لاغراقه في ازمات ومعارك جانبية تعيده الى «الحارات» «والازقة» اللبنانية… لكن ما حصل كان عكس ذلك وخرج الحزب من «الصورة» وتولى رئيس الجمهورية بالتفاهم المسبق معه خوض المواجهة باسم الدولة اللبنانية…

الطرف الثاني الذي شكل صدمة حقيقية في المملكة، كانت «النواة» الصلبة في تيار المستقبل ومعها مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان، الذي كان وزير الداخلية نهاد المشنوق في طليعة من اتصل به داعيا اياه للتريث في مقاربة الموقف، فيما اطلعته النائبة بهية الحريري لاحقا على حقيقة الظروف الغامضة التي تحيط باستقالة الحريري، وكان الرفض الجماعي لمبايعة بهاء وقع الصدمة في المملكة التي كان حرجها يزداد يوما بعد يوم بسبب ازدياد الضغوط الاقليمية والدولية عليها، ولم تنفع تهديدات وزير شؤون الخليج ثامر السبهان الذي بلغت «فظاظته» حد ابلاغ المعترضين بانهم سيدفعون الثمن قريبا لان الرياض لا يمكن ان تتسامح مع «الجحود» اتجاهها…

اما الطرف الثالث «المغضوب عليه وكانت الرياض تعتبره «العامود الفقري» في خطتها فكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي حيد المخيمات الفلسطينية عن الازمة الداخلية اللبنانية، اوساط فلسطينية مطلعة تؤكد هذا الامر، وتشير الى ان ابومازن لم يكتف حينما استدعي على عجل  الشهر الماضي الى الرياض، برفض إقحام المخيمات الفلسطينية في لبنان في مواجهة ضد حزب الله، بل سارع الى تحذير الجانب اللبناني بما كان يحضر، وجرى ذلك في الاجتماع الشهير الذي عقد في عمان مع مدير الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي كلفه رئيس الجمهورية استيضاح الموقف من الرئيس الفلسطيني الذي بعث «برسالة مشفرة» الى الجانب اللبناني…

وبحسب تلك الاوساط، يجب التنبه الى تسارع الاحداث على المسار الفلسطيني، فعباس مرشح ان يدفع المزيد من الاثمان بعد ان فقد «الغطاء» السعودي، نوايا الرئيس الاميركي المبيتة في ملف القدس، وتهديد الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية بإغلاق سفارتها في واشنطن قبل أسبوعين، يتم على الخلفية المذكورة، وبالتنسيق بين واشنطن والرياض، خصوصا ان عباس رفض ايضا ما عرضه عليه الجانب السعودي من اقتراحات لتسوية الصراع مع اسرائيل… واكدت تلك المصادر معلومات صحيفة «نيويورك تايمز» بان  ابو مازن اعطى شهرين لتنفيذ المهمة او سيكون تحت ضغوط كبيرة تدفعه الى الاستقالة، وهو تهديد جدي، وملف محمد دحلان بات جاهزا للتسويق «اماراتيا» واميركيا… وهذا ما يتطلب انتباها وخطوات استباقية على الساحة اللبنانية لان اي تغيير في القيادة الفلسطينية سيعني حكما ان «صداعا» كبيرا سيطل برأسه من المخيمات الفلسطينية…

هذه المخاطر وغيرها تدخل في حسابات القيادات اللبنانية المعنية، فهي بالنسبة للمصادر الوزارية موضوعة على «الطاولة» ويجري التعامل معها بجدية، ملف المخيمات تتم متابعته بدقة متناهية، ورفع مستوى التنسيق بين الاجهزة الامنية عشية الاعياد يدخل في سياق التحسب لاي «مفاجأة»، خصوصا ان الطرف الخاسر يبحث عن «نافذة» للعودة الى الساحة اللبنانية للقول انه ما يزال فاعلا ويملك ما «يساوم» عليه… لكن ما هو مؤكد ان «عقارب الساعة» لم تعد الى الوراء، مكانة السعودية على الساحة السنية اهتزت، والتجربة الاخيرة اثبتت ان الرئيس الحريري ليس في وارد تبني اي خيار «انتحاري»..