وسط تزاحم الاولويات على طاولة مجلس الوزراء سياسيا، وتمسك التيار الوطني الحر بآلية العمل الحكومي، قبل اي شيء آخر، التي تحتمل تأجيل بتها، كما ازمة النفايات الكارثية بفعل تداعياتها السلبية البالغة، واذا كانت اولوية آلية العمل الحكومي تحتمل تأجيل البت بها، وأزمة النفايات التي تعالج بقرار سياسي بعدما بات الجميع يدرك وبحسب مصادر متابعة ان اثارة الملف في هذه المرحلة يتسم ببعد سياسي بحت، فان التعيينات الامنية لا يمكن في اي شكل من الاشكال ان يرجأ البت بها او تعالج من خارج الاطار القانوني، ذلك ان الوضع العام في البلاد المنهوكة والمشلولة مؤسساتيا والمحاصرة ارهابيا والموضوعة على صفيح ساخن امنيا لا يحتمل المس بثوابته العسكرية التي مكنته حتى الساعة من الصمود في مواجهة مجموعة المخاطر المتربصة به، على وقع ملامح أزمة اجتماعية تطلّ برأسها من جبال النفايات التي تتراكم فوق عجز عن الحلّ، وتقنين غير مسبوق في الكهرباء، والمخاوف من مشكلة رواتب في القطاع العام، نتيجة الشلل المتمادي في عمل المؤسسات الدستورية.
استنادا الى هذه المسلمات، تعيش البلاد حالة من الترقب والحذر المتحكم بمفاصل المشهد الداخلي، تضيف المصادر حيث تبقى المعطيات المتوافرة غير ناضجة كفاية لتحديد الاتجاهات الحكومية، رغم «الحسم المستتر» للملفات كأمر واقع، وعلى رأسها بعد التعيينات، النفايات، التي اصبحت كرة نار يتقاذفها الاطراف بعد وضعها على سكة الحساسيات الطائفية والفتنة المذهبية. ملف يستمر في «جرجرة» ذيوله وسط عقم المعالجات الرسمية ومسلسل قطع الطرقات احتجاجا، اذ لم يعد التخدير الموضعي مفيدا في ظل تفاقم المرض واتساع رقعة جبال النفايات الى مساحات غير مسبوقة تنذر بعواقب وخيمة اذا لم تتخذ اجراءات فورية في ضوء ارتفاع درجات الحرارة الى معدلات قياسية.
ورغم ان جلسة الأربعاء مخصصة لاستكمال بحث مقاربة عمل الحكومة على ان تتخلّلها مناقشة لملف النفايات وسْط بدْء صدور تحذيرات من «فائض» النفايات التي تملأ الشوارع في جبل لبنان والتي تنذر بالعودة الى شوارع بيروت في ظلّ الكلام عن أن خيار تصديرها الى الخارج يحتاج، في حال اقر، الى وقت للسير به، رغم كشف مصادر وزارية عن صعوبة في السير بهذا الخيار، لعجز لبنان عن الالتزام بالمعايير الدقيقة التي يضعها الاتحاد الأوروبي للموافقة على استيراد النفايات اللبنانية، في ظل المعضلات التي تطرحها شروط الاتحاد الفنية من فرز وشحن ونوعية ونسبة المياه في النفايات، الى جانب اعتبارات أمنية مشددة تزيد فرضية التصدير تعقيدًا، رغم ان اربع شركات ألمانية أجابت رسميا بالموافقة المبدئية، علما بأن كل شركة منها تستطيع نقل أربعين طنًا شهريًا، فضلا عن الاتصالات مع فرنسا والسويد اللتين ابديتا استعدادا للتعاون في هذا الموضوع.
وتتابع المصادر بأن المطلوب بداية فصل ملف النفايات عن البازارات والتجذابات الحاصلة في مجلس الوزراء، وثانيا ايجاد مطامر جديدة تراعي السلامة العامة، بعيدا عن التطييف والتسييس، كاشفة في هذا الاطار ان اللجنة الوزارية بحثت في مجموعة من المقترحات لتوفير مطامر، من بينها الكسارات، فقد طرح وزير البيئة محمد المشنوق انتقاء قطعة أرض في بلدة تويتي الشيعية الواقعة في قضاء بعبدا على تخوم قضاء زحلة، وبلدة المعيصرة، الشيعية ايضا، في قضاء كسروان – الفتوح، ما اثار حفيظة ممثل حزب الله، الذي اعتبر انه من غير الجائز. ان يقع الخيار على القرى الشيعية وحدها لطمر النفايات، مع ان وزير «التغيير والاصلاح» في اللجنة لم يعترض على الاقتراح الكسرواني، اشترط موافقة اهالي زحلة للسير في الخيار الاول.
وسط كل ذلك خرج من يسرب أن اتصالات تجري من تحت الطاولة درزية-درزية ، ومع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي استطاع عبر «لعبة عين دارة»، بحسب وزير سابق، احتواء الشارع من جديد، إذ نقل زوار المختارة عن زعيمها تلميحه الى امكان معاودة العمل بمطمر الناعمة ، بعد توافر تقارير عن امكان استيعابه كميات اضافية لفترة تمتد الى ستة اشهر ، قبل ان يعمد الى «سقف المطمر»، تمهيدا لتوليد الطاقة الكهربائية من الغاز المنبعث من النفايات، بعدما استكملت التجهيزات الضرورية، كاشفا عن اتجاه لدفع مبلغ بحدود الـ 35 مليون دولار، يوزع قسم منها على البلديات المتضررة من المطمر.
في انتظار الخيارات التي يخضعها تكتل التغيير والاصلاح لجولات معاينة وبحث وتمحيص مستفيضين في اجتماعات جانبية تعقد على المستوى القيادي، التي ادركت ان «ما كتب قد كتب»، بين حدي «استفراد» الحلفاء والخصوم بالعماد عون وتمسك حزب الله وامينه العام بالتحديد بالحكومة، تراوح الامور مكانها بانتظار أن تتوضّح أكثر فأكثر صورة الاتفاق النووي الايراني – الغربي، لتملأ الوقت الضائع بانتظار التسوية، جلسات روتينية لمجلس وزراء عادي، تحت سقف بات معروفاً… حدوده «دولنة» الملفات على ما اعلن رئيس مجلس النواب.