تحدّث أحد أبرز المسؤولين و”أرفعهم” نفسه في “الإدارة” الأميركية المهمة الثالثة إياها عن الذي كان يجب أن تقوم به في المسألة السورية روسيا وإيران والعرب وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية وقطر ثم تركيا، قال: “قطر كان يمكن أن تعمل مع السعودية رغم التنافس بينهما. لكن توسيع “بيكار” تدخّل كل منهما وفي اتجاهين متناقضين في دول عربية عدة مثل مصر، واحد يدعم “الاخوان المسلمين” وآخر يدعم أخصامهم أو أعداءهم، جعل التعاون مستحيلاً بينهما. اختلفا أيضاً على دور “الاخوان” في سوريا وفي الصراع الفلسطيني الذي لا حلول قريبة له. بذل وزير الخارجية جون كيري جهوداً قوية لكنها فشلت بسبب مواجهته معارضة قوية من الفريقين أي إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية. في مصر هناك السيسي الرجل القوي الذي سيُصبح رئيساً (أصبح). هناك اتصالات بيننا وبينه. لكن من أجل استقرار مصر يجب أن لا تعاقِب القوة الشعبية المهمة التي تمثل “الاخوان المسلمين” أو تدعمهم اذا كنتَ ضدهم وترى فيهم خطراً. فهذه القوة تقارب الـ20 إلى 25 في المئة من الشعب المصري. واتهامها بالإرهاب ربما يحولها إرهابية فعلاً. السيسي سيُنتخب رئيساً لمصر. لكن بعد سنة واحدة من انتخابه سيبدأ الشعب المصري مطالبته بتحقيق أمور كثيرة محقة، أو ربما سيواجهه في الشارع إذا شعر بأن مطالبه، وخصوصاً الاقتصادية منها، لم تلبَّ أو لم تعالج على نحو صحيح. هذا الشعب نزل الى الشارع ومارس بعض العنف. وربما يساهم ذلك في إحداث تغيير ما في عقلية المصريين. ويعني ذلك انه إذا لم يجد حلولاً فإن مصر ستبقى معرّضة لعدم الاستقرار والاضطراب. طبعاً السعودية قدّمت مساعدات مالية لمصر ولا تزال تقدّم، بغية تمكينها من مواجهة الوضع القائم. لكن يجب استعمال المساعدات لتحسين أحوال الشعب ولتحقيق مطالبه، طبعاً بعد وضع خطة جدية وعلمية لذلك”.
سألت: ماذا عن ليبيا؟ أجاب: “ليبيا دولة لا تحسُّن في أوضاعها سواء الآن أو في المستقبل المنظور. هي غنية بالنفط الموجود في باطن أرضها. لكن لا حل لمشكلاتها ولا نجاح في إقامة مؤسسات دولتها قريباً. فيها قبائل وإسلاميون. وهؤلاء لا يعرفون الدولة أو لم يعرفوها. يعرفون القذافي الذي قمع الجميع على مدى عقود”.
سألت: ماذا عن المغرب؟ أجاب: “الوضع في المغرب مستقر. ولا أحد يتوقع عدم الاستقرار في هذه الدولة، على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور. أما جارتها الجزائر فإنها تعيش ربما مرحلة قلقة. فالنظام الحاكم فيها جامد وصلب ويفتقد الى المرونة. طبعاً، لا يزال الجزائريون يتذكرون جيداً الحرب الأهلية التي عاشوها وعانوا آثارها وأهوالها والنتائج في تسعينات القرن الماضي، ولذلك فإنهم لا يريدون عودتها. لكن في النهاية، لا أحد يعرف ماذا يمكن أن يحصل. هناك انتخابات رئاسية مرتقبة فيها (حصلت وجُدّدت ولاية رئيسها بنتيجتها). وهناك رئيس مريض لها وربما عاجز عن القيام بأي شيء. ماذا يحصل الآن؟ لا أحد يعرف”. علّقت: عدم المرونة يعني الصلابة والجمود. وعندما يكون نظام كهذا، فإنه يبقى معرّضاً لأن يُكسر بسبب عجزه عن التكيّف مع التطورات. أنا لا أستبعد انفجاراً في الجزائر في وقت ما. على كلّ، لندع المغرب. أخبرني عن الأردن وأحواله وأوضاعه. قال: “الأردن في وضع جيد مبدئياً. لكن لا أحد يعرف المستقبل، هناك حساسية تزداد بين الأردنيين الفلسطينيين والشرق أردنيين (أو الأردنيين الأصليين). وهناك مطالب اجتماعية وإصلاحية وسياسية كثيرة. ولا يبدو أن الملك سيفعل الكثير. على كلّ، ماذا سيحصل في الأردن في رأيك؟” أجبت: على المدى الطويل ورغم الدعم الذي يلقاه الأردن من اسرائيل وأميركا ودول عربية عدة فإن تغييراً ما سيحصل فيه بسبب النمو الديموغرافي الكبير لفلسطينييه الذي قد يهدّد النظام. علماً أن أحلام الاسرائيليين المتعلقة بالأردن وطناً فلسطينياً لا تزال في الرؤوس. سأل ثانية: “ماذا عن سوريا”؟ أجبت: كما قلت إيران وروسيا تلعبان دوراً سلبياً فيها. سألتُ: “هل يمكن توقُّع فراغ رئاسي في لبنان؟ أجاب بسؤال: ماذا عن حكومة تمام سلام”، قلت: لا بأس بها أي حكومة أفضل من الفراغ. لن تُنجز عجائب لكنها تستطيع القيام ببعض الأمور الملحّة. علّق: “هذا هو رأينا فيها أيضاً”. سألته أخيراً عن المفاوضات مع إيران، أجاب: “المفاوضات مستمرة. وإيران مستمرة في دعم بشار وفي إرسال مقاتلين من “حزب الله” والعراق إلى سوريا لدعمه. وروسيا تدعمه أيضاً”.