يحرص أعداء الأمّة، وفي مقدّمتهم العدو الصهيوني، على توقيت حروبه على نحو يكرّس في ذاكرتنا أياماً بعينها، وكأنّها أيام تفوّقه، وأيام هزائمنا…
هكذا اختار الخامس من حزيران/يونيو 1967، يوماً لحربه على مصر وسوريا والأردن، ولاحتلاله سيناء والجولان وغزّة والضفة الغربية ومعهم القدس، كما اختار الرابع من حزيران/يونيو 1982 يوماً لحربه على لبنان واحتلال ثلث أراضيه وصولاً إلى عاصمته الجميلة بيروت.
وهكذا اختار الخامس عشر من أيار/مايو 1948، يوماً لإعلان دولته العنصرية الإرهابية، واختار ترامب الموعد نفسه لنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة…
لكن لعبة المواعيد هذه لم تنجح تماماً مع العدو، فقد تحوّلت حرب حزيران 1967 إلى منطلق مواجهة مستمرّة حتى اليوم بين الأمّة بمقاوميها وبين العدو وحلفائه البعيد منهم والقريب… تماماً كما تحوّل شهر النكبة (أيار/مايو) إلى شهر مسيرات العودة والمواجهة البطولية بين شعب فلسطين من تخوم غزّة إلى عموم فلسطين، وبين الإحتلال الجاثم على أرضه من سبعين عاماً…
وكما اختار العدو بيروت، عاصمة العروبة والمقاومة، منطلقاً لحربه العدوانية على لبنان عام 1982، عبر قصفه ظهيرة ذلك اليوم المدينة الرياضية، فقد اختارت المقاومة اللبنانية الظافرة بكل موجاتها بيروت لتكون منطلقاً لتحرير الأرض من الإحتلال، وعلى مدى 18 عاماً، دون قيد أو شرط…
واليوم وبعد 36 عاماً على رابع الحروب العربية – الإسرائيلية، وعلى غزو لبنان وليس «الاجتياح» كما يحلو للبعض أنْ يسمّي حرباً، حصاراً استمر 90 يوماً في أطول وأعنف مواجهة دموية بين العرب والصهاينة، نستطيع أنْ نلمس الفارق بين زمن كان العدو يستطيع أن يتقدّم في أرضنا متى يشاء، وحيث يشاء، وبين زمن بات يحسب للحرب مع لبنان وسوريا وغيرها من بلاد العرب والمسلمين ألف حساب، فلنقرأ التاريخ كما يجب أنْ نقرأه، لا كما يحب أعداءنا لنا أن نقرأه…
على مدى تلك «الحرب المنسية» الطويلة، كانت بطولات ومواجهات ومجازر يحتاج كل يوم منها إلى وقفة، لكن المهم في تلك الحرب إنّها كانت، بفضل سواعد المقاومين اللبنانيين والثوّار الفلسطينيين والجنود السوريين والمتطوّعين العرب والأصدقاء، لحظة تحوّل في الصراع مع العدو، لحظة بدأت معها ملامح عصر انتصارات ما زالت مستمرّة بإذن الله…