IMLebanon

41 عاماً… غيّبوه وقضيته لا تغيب

 

31 آب لم يعد رقماً في شهر، هو تاريخ ووعد كبيران عند محبي الإمام الصدر وأنصاره. واحد وأربعون عاماً وكأنّ لغزي الحضور والغياب صنوان في شخصية طالما أجمع اللبنانيون على هامتها الوطنية ونبل إخلاصها في العطاء والبذل. استطاع الإمام المغيّب موسى الصدر أن يمدّ عباءته على الطوائف اللبنانية كافة ويبقى سرّ تغييبه كهالة حضوره، وتبقى قضيته حاضرة بقوة لا تشيخ ولا تغيب. لكن لا جديد في قضية الإمام ورفيقيه والأمل الوحيد تجدد مع توقيف نجل الرئيس الليبي السابق هنيبعل القذافي الذي قال بعض ما لديه ليشترط قول المزيد “بعد ان أُصبح خارج لبنان”.

 

منذ العام 2016 توقفت المساعي في قضية الصدر، والسبب الأوضاع الليبية غير المستقرة. قتال عنيف وانقسام سياسي حاد يستتبعه عدم وجود سفراء أو إمكان لأي نشاط أجنبي على الأراضي الليبية.

 

لكن الاوضاع لم تكن أفضل بكثير بعد تغيّر الأوضاع ومقتل القذافي: “كنا كجانب لبناني نعاني تقاعساً ليبياً من مكتب النائب العام هناك” يقول رئيس لجنة المتابعة لقضية الإمام الصدرالقاضي حسن الشامي، لافتاً إلى أن “عدم تطبيق مذكرة التفاهم بين البلدين لم يكن مرة موضع رضانا، خصوصاً أنه في الفترة ما بين تشرين الأول من العام 2011 وحتى العام 2016 كانت ثمة فرصة ذهبية مع استقرار الوضع الأمني يومذاك لإحراز تقدم في الموضوع”.

 

يومها كان سقوط النظام حديثاً وأركانه على قيد الحياة وكان سهلاً الوصول إليهم كشهود أو كمشتبه فيهم. كانت هناك سلطة واحدة دستورية وسياسية وقضائية، لكن لم تتم الاستفادة بسبب القضاء.

 

في السنة الأولى للثورة الليبية كان الجانب اللبناني يأمل في استمرار “تفعيل التعاون من الإخوة الليبيين وحث الخطى، ليتبين لاحقاً وجود تقاعس وتباطؤ غير مبرر لم يجد الجانب اللبناني له تفسيراً، ليُرفع الصوت تدريجياً”.

 

في كانون الثاني 2012 أي بعد انتصار الثورة بأشهر حصل اجتماع في مكتب وزير العدل آنذاك شكيب قرطباوي بحضور الشامي ووفد قضائي ليبي. سألهم قرطباوي “في أي تاريخ تتوقعون الانتهاء من تحقيقات مكثفة حول قضية الإمام الصدر” فأصجابوا: “أمهلنا شهرين أو ثلاثة”، أجابهم قرطباوي: “القضية لم تعد تحتمل ولو أياماً. انتظرنا 35 عاماً ويفترض ألا ننتظر بعدها ساعة إضافية ولكن فوق كل ذلك سننتظر ونرى”. ومنذ ذلك التاريخ وحتى الساعة لم يقم الوفد القضائي بأي خطوة تذكر.

 

عقد اللقاء الأخير للجنة اللبنانية مع الليبيين في آذار 2016 ومن بعدها انفجرت الأوضاع في ليبيا لتعود الأمور إلى نقطة الصفر “ولكن الأمل بقي قائماً”، وفق الشامي ويقول: “في تعبيرهم يقولون إنّ كل الاحتمالات واردة، وهذا له وجه إيجابي يعزز فرضية احتمال وجود الإمام حياً”.

 

لا يجد الشامي سببا لتقاعس الليبيين “هل هو لدوافع ليبية داخلية أو تحريضية من الخارج أم مخاوف مالية؟”، مشيراً إلى أن “الجانب اللبناني لطالما أكد أن عائلة الإمام والدولة اللبنانية لم تطالبا بليرة واحدة على سبيل التعويض”.

 

هنيبعل القذافي

 

وقبل نحو أربعة أعوام أوقف هنيبعل القذافي أمام القضاء اللبناني في جرم كتم معلومات في قضية اختطاف الصدر، بعدما كان لاجئاً سياسياً في سوريا قبل أن يتم استدراجه من الأراضي السورية إلى لبنان وخطفه ليصار إلى تسليمه إلى الأجهزة الأمنية.

 

وفق ما تقول مصادر مواكبة لملف هنيبعل القذافي “لم يتم التعامل مع موضوعه كرهينة، مع العلم أنه ابن معمر القذافي، بل على أساس أنه مرتكب وموقوف بسبب كتمه معلومات تتعلق بالقضية وهو القائل للمحقق العدلي وللجنة المتابعة في لقاءين منفصلين “بقية ما لدي من أسماء ووقائع أقولها بعد أن اصبح خارج لبنان”.

 

بعد توقيفه بشهر أجرى الشامي، وبإذن رسمي من النيابة العامة التمييزية وكمسؤول رسمي عن الملف، لقاءً غير قضائي (أي ليس استجواباً) مع هنيبعل القذافي لمدة 5 ساعات بحضور ضباط فرع المعلومات “وكرر معلوماته الدسمة عن الإمام وكيف تنقّل في السجون لكنه أصرّ على البوح بباقي المعلومات عندما يصبح في الطائرة” مغادراً لبنان.

 

حتى كانون الأول يكون هنيبعل القذافي قد أمضى أربع سنوات في السجن اللبناني، بينما ملفه “على قدر من التعقيد والضخامة وفيه متهمون آخرون من مسؤولين ليبيين يحاكمون غيابياً”. لكن متى يتم البت في القضية التي خلّفت حساسية في التعاطي السوري مع لبنان واستدعت تدخلاً من المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي بادر إلى مقابلة هنيبعل من دون أن يخرج بجديد منه لإصرار الأخير على التكتم وعدم البوح بمعلوماته.

 

برأي الشامي أن “استكمال التحقيقات وختمها يتطلب وقتاً، وفي النهاية سيصدر القرار الظني في حق المسؤولين وسينال كل منهم ما يستحقه. لكن لا بد من لحظ نقطة مهمة وهي عدم وجود أمد للتوقيف قانوناً لأنّ القضايا المحالة إلى المجلس العدلي والمحقق العدلي لا تحدد لها مهلة زمنية بحسب القانون”.

 

يرفض القاضي الشامي قول البعض إن التوقيف غير مبرر لعدم وجود معلومات في حوزة القذافي الابن والسبب “أنه كان عضواً في اللجنة الأمنية العليا ومسؤولاً في سلاح البحرية في نظام والده واعترف بمعلومات كثيرة عن تنقّل الإمام في سجون عدة”. وحول الضغوط الدولية التي تمارس من أجل إطلاق سراحه، تمنى الشامي “لو تعمد هذه الدول إلى المساعدة في قضية الإمام الصدر بعيداً من التدخلات والضغوط”.