Site icon IMLebanon

45 مليار ليرة من الأقساط المدرسية لم تُسدَّد… والأهالي يستعدّون للزيادات

 

كأنّ الأهالي لا تكفيهم السكاكين المسلطة على رقابهم يومياً، من غلاء معيشة، إلى إنقطاع في التيار الكهربائي، وشح في المياه، وضيق في فرص العمل، ليضاف شبح الزيادات على الأقساط المدرسية الذي يُنغّص عيشتهم منذ لحظة إقرار سلسلة الرتب والرواتب. «في زيادة؟ وقدّيش؟ وليش؟، نحنا دفعناها سلف…!». سيل من الأسئلة تُربك الأهالي من دون أن يجدوا أجوبة عليها، فيما أسلوب الإدارات يتفاوت بين «الفاتح ع حسابو»، و»الراكض» لإرضاء الأساتذة من جيب الأهل، والمتريث لمعرفة قرار إتحاد المدارس الكاثوليكية. ماذا في الحقيقة؟

تشهد المدارس الكاثوليكية حركة لافتة في الآونة الأخيرة، تمثلت في دعوة أهالي التلاميذ في مختلف الحلقات التعليمية إلى إجتماعات، بهدف وضعهم في صورة ما أنتجته «السلسلة» من تداعيات على الأقساط، وزيادات لا مفرّ منها. وفي الكواليس، كثّفت تلك الإدارات إجتماعاتها مع أساتذتها، كمحاولة لإمتصاص نقمتهم من عدم تسديد رواتبهم وفق ما منحتهم إياه «السلسلة».

«كسور» في الأقساط

بين رضا الأهل أو رضا الأساتذة، أو الردّ على التهم الموجّهة إليها، تقف إدارات المدارس في حيرة من أمرها، لا بل ترى نفسها في موقع لا تُحسد عليه، لاسيما أن معظمها عجز عن تحصيل الأقساط الشهرية عن السنوات الأخيرة.

«تبلغ قيمة الأقساط التي لم تحصلها إدارات مدارسنا من الأهالي 40 إلى 45 مليار ليرة»، وفق ما أكّده رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية المطران حنا رحمة، موضحاً لـ«الجمهورية»: «معظم مدارسنا تعجز عن جني 60 في المئة من الأقساط، أي أنها لا تُحصّل قيمة مجموع رواتب أساتذتها».

ويضيف: «من أصل 337 مدرسة، فقط 20 واحدة تتمكّن من ترتيب أمورها، نظراً لوجودها الجغرافي على الساحل، فيما 317 مدرسة تتخبط في وضع مالي مزرٍ، تلجأ إلى فتح معهد موسيقى، أو نادٍ، أو تنفيذ أنشطة على ملاعبها، لتتمكن من تأمين رواتب أساتذتها وحاجات تلامذتها».

ويتابع بنبرة غاضبة: «كذلك تلجأ أديرتنا لمساندة وتغطية العجز المالي في المدارس، من بيع الزيتون والتفاح، كمن «بيشيل من مطرح وبيحطن بمطرح تاني»، لذا هذه المدارس، خارج العاصمة، مع أي زيادة في الأقساط قد تُقفل صباح اليوم التالي».

ويأسف رحمة من الأوضاع المرافقة لهذه السنة الدراسية، قائلاً: «إنطلقت على وقع «دعسة ناقصة» من الدولة، التي تسرّعت وأقرّت «السلسلة» من دون مشاورتنا، والمؤسف أنها لا تتحمّل مسؤولياتها في دفع الزيادات، ولم تكن أبداً منصفة في التشريع».

هل من زيادة على الأقساط؟

يحرص رحمة على التمييز بين زيادتين محتملتين، قائلاً: «هناك زيادة طبيعية على الأقساط، نظراً الى أن بعض الأساتذة يتقدّمون درجة كل سنتين، وهذا تدرُّج عادي طبيعي يفرض زيادات مقبولة، أي ما دون الـ 400 ألف.

أما الزيادة الثانية، وهي المؤلمة، ستحلّ متى تبنّينا «السلسلة»، وهي نحو مليون ليرة على كل تلميذ». ويتابع: «موقفنا واضح، هذه السنة لن نعترف بـ«السلسلة» ولن نلتزمها، لأننا ارتبطنا مع تلامذتنا وأساتذتنا، وضمن عقود».

ويضيف: «السنة المقبلة، نعيد حساباتنا، ونكون وضَعنا الأهالي في أجواء الكلفة الجديدة للأقساط، وعلى أساسها يختار الأهالي، إما البقاء في مدارسنا أو مغادرتها، وعلى أساس عدد التلامذة، نلتزم مجدداً مع الأساتذة، وبالتالي نكون نظّمنا مؤسساتنا من دون أن نخرِّبها».

مع حقوق الأساتذة … ولكن!

ككُرة ثلج تكبر، نقمة غالبية الأساتذة بعد تأكُّدهم من إبقاء رواتبهم وفق «القديم على قِدَمِه». في هذا السياق، ينكر أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار أن تكون إدارات «الكاثوليكية» ضد إعطاء الأساتذة حقوقهم، قائلاً: «خلافاً لما يُحاول البعض الترويج له، نحن لسنا ضد منح الأساتذة حقوقهم، لكننا طلبنا التريث ريثما يتم توضيح الغموض المرافق لعدد من مواد «السلسلة»، ومعرفة ما إذا ما ستتحمّل الدولة واجباتها، خصوصاً ان الأهالي يعجزون عن تسديد الأقساط الحالية».

وفي ما خص رواتب الأساتذة للسنة الدراسية 2017- 2018، يوضح عازار: «يتقاضى أساتذتنا رواتبهم مثل العام المنصرم، باستثناء من استحق درجاته الطبيعية، فهو يتقاضاها».

أمّا بالنسبة إلى التوجيهات الخاصة بإدارات المدارس، فيقول: «طلبنا من مدارسنا مسألتين: الأولى، وضع ملاحظات حول تطبيق «السلسلة» حسابياً، وإعداد الموازنة بحسب قسم المحاسبة في كل مدرسة، لنتمكن من إجراء إجتماع لاحقاً.

والمسألة الثانية، إستكمال الحوار مع المعلمين ولجان الأهل، من أجل تبادل أفكار وآراء حول هذا القانون، لهذا السبب، فإن الإجتماعات في المدارس تتكثف من باب شرح الموضوع».

الحل؟

في وقت يُجمع مديرو المدارس الكاثوليكية رفضهم بلوغ مرحلة «شحادة الأقساط»، أو إجبار الأهالي تسديدها بالقوة، يؤكّد الأب عازار «أن موقفنا مبدئي وثابتين عليه. ما من زيادة إستثنائية على الأقساط حالياً، ونطالب الدولة بدفع فروقات الرواتب التي فرضتها للأساتذة، من دون توازن بين الأهل والمؤسسات».

هل تضمن أن كل المدارس ملتزمة بتوجيهاتكم، أي أنها لن تزيد في الوقت الراهن؟ يجيب: «في حال لم تُسدِّد الدولة ما عليها، والقانون بقي كما هو، حتماً هناك زيادة في المدى المتوسط».

وهل يعتبر أي زيادة على الأقساط قبل الإعلان عن الموازنة مخالفة قانونية؟ يجيب عازار: «في الدرجة الأولى يتمّ الإعداد للموازنة خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول، لذا كل كلام عن زيادات على الأقساط المدرسية من دون إعداد الموازنة، هو مجرّد كلام تقديري، أو في غير موقعه، لأن الموازنة هي التي تُحدِّد قسط المدرسة، وحجم الزيادة المرتقبة».

تمضي السنة الدراسية كمن يسير على رمال متحركة، من دون وجود آلية واحدة موحدة للأقساط، لذا كان قد شكّل وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة لجنة الطوارئ، بعدما طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إطلاق الحوار بين المدارس والمعلمين في ضوء إقرار «السلسلة».

وفي هذا السياق، يقول عازار: «لم نجتمع حديثاً في انتظار دعوة الوزير حمادة، وكانت المؤسسات الخاصة قد التزمت الإبتعاد عن السجالات الإعلامية».

من الواضح أن السنة الدراسية تنطوي على مفاجآت كثيرة غير سارة، سواء للأهالي أو للأساتذة، خصوصاً أن نقابة المعلمين في المدارس الخاصة دعت الى الإضراب والإعتصام إحتجاجاً على رفض بعض المدارس إعطاءهم حقوقهم، وفق قانون «السلسلة»، وذلك في 2 تشرين الثاني.