5 ساعات بين الحريري وباسيل: الإستحقاق في موعده ولا اتفاق على الأسماء
إشتباك كلامي بين «حزب الله» والمستقبل يسبق الجلسة… و«التنسيق» تدعو للتدريس اليوم
أغرب ما في الوضع السياسي اللبناني ان مشهد اللاعبين أشبه «بمسرح العرائس»:
يتوجه النواب اليوم الى ساحة النجمة، وهم يعلمون سلفاً ان لا نصاب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية. ورُسم لكل دوره، في اطار متابعة يوميات التجاذب اللبناني، سواء حول ما استجد بالحملة القائمة على المحكمة الدولية، او اضراب الاتحاد العمالي العام، منعاً لزيادة الضرائب على الفقراء. الامر الذي وصفه نائب في 14 آذار لـ«اللواء» بأنه ضغط في الشارع لكنه ليس بريئاً، ولا يمكن فصله عن الاستحقاق الرئاسي.
ومن سياق البيانات والمواقف المعلنة، بدا ان التجاذب ما يزال يحكم العلاقات السياسية الداخلية، لا سيما بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، في وقت كان فيه الرئيس سعد الحريري يتناول الغداء في العاصمة الفرنسية مع وزير الخارجية جبران باسيل، بناء على طلب الاخير، وفي سياق جولة الاتصالات التي بدأها من موسكو الى الفاتيكان الى باريس قبل عودته المرتقبة اليوم الى بيروت، بحثاً عن تسويق رئيس التكتل الذي ينتمي اليه وهو النائب العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية كمرشح توافقي، وهو الامر الذي اشار اليه امين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان من زاوية «الميثاقية في رئاسة الجمهورية».
ووفقاً لمصادر المعلومات، فإنه من المبكر توقع حدوث تقارب مسقبلي – عوني في المدى المنظور، على وقع اعلان كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها امس، عشية الجلسة النيابية، انها «تدعو النواب للاقتراع الى الدكتور سمير جعجع باعتباره المرشح الذي اجمعت عليه قوى 14 آذار»، معتبرة ان برنامجه الانتخابي «يعبر عن الاهداف الاساسية التي يمثلها تحالف انتفاضة الاستقلال وقوى 14 آذار».
بالتزامن كان نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري ونائب رئيس التيار النائب السابق انطوان اندراوس يستبعدان التوصل الى تفاهم على خلفية «ان السنة لم ينسوا بعد ما فعله بهم النائب عون»، وفقاً لما اعلنه اندراوس.
لقاءات باريس
مصادر «المستقبل» قالت لـ«اللواء» ان لقاء الرئيس الحريري بباسيل تراوح بين 4 و5 ساعات وتخلله غداء وبحث محلي واقليمي، لكنه تركز هذا البحث على الاستحقاق بشكل خاص، وجرى الاتفاق على ثلاث نقاط:
1- توافق على استبعاد الفراغ وان تجرى الانتخابات في موعدها عن المرحلة الفاصلة في 25 ايار.
2- توسيع دائرة الاتصالات بحيث تخترق الحواجز القائمة وتتوسع لتشمل اطرافاً سياسية عدة بهدف انجاز الاستحقاق الرئاسي.
3- الاتفاق على استمرار الاتصالات الثنائية للحفاظ على المرحلة الايجابية التي تلت تأليف الحكومة ومستمرة علىغير صعيد، لا سيما في مناقشات الجلسات التشريعية والمواقف السياسية التي ساهمت في وضع الخطط الامنية على النار من الشمال الى الشرق الى بيروت، تمهيداً للانتقال الى الجنوب.
واكدت مصادر «المستقبل» لـ«اللواء» ان لا الرئيس الحريري ولا باسيل تطرقا الى الاسماء او الترشيحات او التحالفات.
واوضحت، بالنسبة لمسألة الرئيس التوافقي، انه لم يكن هناك سؤال من باسيل بهذا الصدد للرئيس الحريري، وبالتالي لم يكن هناك جواب، فيما افادت معلومات ان الاجتماع والذي شارك فيه وزير التربية الياس بو صعب اتسمت اجواؤه بالايجابية، وانه كان هناك اتفاق على عدم الفراغ، وعلى ان يكون الاستحقاق مسيحياً، مشيرة الى ان الاحتمالات مفتوحة على كل الخيارات، وان الطرفين اتفاقا على مرحلة جديدة من التعاون.
وفي اللقاءات الباريسية، ان لقاء سيعقد بين الرئيس الحريري والبطريرك الماروني بشارة الراعي الموجود في باريس، في طريقه الى مدينة «لورد» للمشاركة في الاحتفال السنوي لمنظمة فرسان مالطا.
وتعيد مصادر البطريركية التأكيد أن البطريرك سيعرض مع الرئيس الحريري وجهة نظره الداعية إلى تأمين النصاب والاسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، معتبراً أن ما سمعه من الشخصيات التي التقاها في روما وباريس تدعم هذا التوجه.
عدوان وغاريوس
في هذه الأجواء، أكّد النائب جورج عدوان لـ «اللواء» أن قوى 14 آذار ستتوجه إلى المجلس النيابي، وستكون داخل المجلس وداخل الجلسة، وستعاود الاقتراع لصالح رئيس حزب «القوات اللبنانية»، متسائلاً عن معنى ضغط قوى 8 آذار في الشارع، وعلى خط المحكمة الدولية، للضغط على 14 آذار، في وقت شارفت فيه اللجنة النيابية الفرعية المكلفة إعادة درس سلسلة الرتب والرواتب على الانتهاء من مهمتها، وستلتزم بما تعهدت به علناً امام المجلس النيابي بمهلة الأسبوعين، مؤكداً الاتجاه العام لتمرير السلسلة ضمن توازن بين الموارد المطلوبة للتمويل ومن دون فرض ضرائب جديدة على الفقراء.
في المقابل، كشف عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ناجي غاريوس لـ «اللواء» أن اللقاءات التي يعقدها نواب التكتل مع مختلف الأطراف السياسية تتم بشكل يومي، معتبراً ان الاتفاقات الكبيرة لا يمكن لها أن تحصل في غضون ساعة، وأن الهدف من أي لقاء يعقد في هذا السياق يقوم على الاتفاق على الأسس التي تساهم في بناء الدولة، وانه لم يعد مقبولاً ان نعمد إلى انتخاب رئيس للجمهورية من أجل الظرف، فهذه «موضة» قديمة انتهت، كما انه لم يعد مقبولاً أن يصار إلى تعيين رئيس توافقي من الخارج.
وإذ رفض غاريوس اتهام التكتل بالتعطيل، فانه أوضح أن الرئيس التوافقي هو الشخص القادر على التوفيق بين جميع اللبنانيين. مضيفاً «نحن لسنا مستعجلين على الانتخاب، لكننا في الوقت نفسه لسنا مع الفراغ، وما يهمنا كتكتل حصول توافق على أمور أساسية في البلاد، فلا ننزل إلى مجلس النواب في جلسات انتخاب الرئيس من أجل تعداد الأصوات فحسب، مؤكداً الحاجة إلى اجراء الاستحقاق الرئاسي بشكل مغاير عن كل المرات».
الجلسة الثانية
وبحسب ما هو متوقع بالنسبة للجلسة اليوم، فقد نقل زوّار رئيس المجلس نبيه برّي عنه قوله انه سينتظر نصف ساعة عن موعد الجلسة المحدد في الثانية عشرة ظهراً، فإذا لم يكن النصاب مؤمناً سيرفع الجلسة إلى موعد آخر، وسيبقى يدعو إلى جلسات أسبوعية حتى منتصف أيّار المقبل، ثم سيبدأ بتحرك مُكثّف ويدعو إلى جلسات متتالية، مشيرين (أي الزوار) إلى انه حتى هذه اللحظة لا يوجد في الافق اي أجواء تفاهم.
وتوقعت المعلومات أن يحضر الجلسة اليوم 78 نائباً، من دون ان يوفروا النصاب المطلوب للجلسة وهو 86 نائباً، فيما سيغيب 50 نائباً، هم مجموع نواب تكتل الإصلاح والتغيير (27 نائباً) ونواب كتلة «الوفاء للمقاومة» وحلفائها من نواب البعث والقومي (17 نائباً)، بالإضافة إلى ثلاثة نواب من كتلة «المستقبل» بسبب وجودهم في الخارج وهم: الرئيس سعد الحريري وفريد مكاري وعقاب صقر.
اما النواب الذين سيحضرون الجلسة، فهم مجموع نواب 14 آذار (51 نائباً) بالإضافة إلى نواب كتلة التحرير والتنمية (13 نائباً) والنواب المستقلون ومجموعهم 17 نائباً، لكن سيغيب منهم ثلاثة هم: الرئيس نجيب ميقاتي ومحمّد الصفدي وايلي عون (بسبب المرض).
وأفيد أن مشاورات واسعة يفترض أن تنطلق بعد رفع الجلسة، على أن تتخذ طابع السرعة مع دخول الاستحقاق الشهر الحاسم دستورياً، من دون استبعاد طرح بدائل لشخصيات مستقلة معينة تحظى بتأييد فريقي 8 و14 اذار ومعهما بكركي.
لقاء الجميل – المرّ
وكشف الرئيس أمين الجميل، عن اجتماع لقيادات 14 آذار سيعقد في خلال 24 ساعة للتفكير في ماذا بعد، لافتاً إلى أن هذا الفريق اجتمع قبل جلسة الانتخاب الأولى وتم الاتفاق على متابعة الاستحقاق دورة بعد أخرى لنفكر في الخطوات التالية، والبحث في البدائل لأنه يهمنا ايصال رئيس إلى سدة الرئاسة، مشيراً إلى انه ضمن هذا الاعتبار اعتبر حزب الكتائب انه ربما في مرحلة قادمة إذا كانت الأمور مؤاتية سنبحث بأمر ترشيحي.
ومساءً زار الرئيس الجميّل النائب ميشال المر وجرى التطرق للظروف المحيطة بالانتخابات الرئاسية.
وعلمت «اللواء» أن رئيس الكتائب لاحظ في كلامه مع المر أن الظروف غير ملائمة لانتخاب جعجع في الرئاسة الأولى، كاشفاً بأنه لمس اتجاهاً لدى الرئيس بري للتصويت له إذا ترشّح للرئاسة الأولى.
وفي التقييم، حسب مصادر مطلعة، أن المر قال للجميّل أن صداقة تربطه بالرئيس بري، لكن المرحلة الحالية هي مرحلة تكتلات كبرى، وأن الرئيس بري ليس في وارد في هذه المرحلة أن يسير في خيار مغاير لخيار حزب الله.
وأوضح مصدر مقرّب لـ «اللواء» أن المر لن يشارك في جلسة اليوم.
السلسلة
وعلى وقع التظاهرة الحاشدة التي نجحت هيئة التنسيق النقابية في تنظيمها أمس، انطلاقاً من أمام مصرف لبنان وصولاً الى ساحة رياض الصلح، وبدعم ميداني واضح من «حزب الله»، احتجاجاً على عدم إقرار السلسلة متوعدة بالتصعيد من الإضراب المفتوح الى تعطيل الامتحانات الرسمية الى شل البلد إدارياً ودراسياً، عقد وزير المال علي حسن خليل مؤتمراً صحافياً أكد خلاله الحرص على إقرار السلسلة وإعطاء الحقوق للموظفين والعسكريين والمعلمين والتعويض عن فقدان القدرة الشرائية خلال 16 عاماً بالحرص نفسه على ألا تكون الزيادة مضرّة بالاقتصاد، وبأن تؤدي الى فقدان قيمتها الشرائية، وبأن لا تكون أي زيادات ضريبية على حساب الفئات ذات الدخل المحدود.
وإذ شدد على أنه مع الإقرار السريع للسلسلة، رأى أن الاجراءات المرافقة يجب أن تستند الى تحسين الأدارة المالية من خلال الحد من الإنفاق وترشيده، لافتاً الى أنه لم يشارك شخصياً في اجتماعات اللجنة النيابية لأنه لم يدعَ إليها، لكنه وضع كل المعطيات والعناصر الضرورية في تصرفها، «من دون أن نتدخل في الخيارات المعتمدة، على أن نعطي رأينا عند عرضها علينا لاتخاذ القرار المناسب في إطار الحكومة أو المجلس النيابي».
ولاحقاً، أعلنت هيئة التنسيق أن اليوم هو يوم تدريس عادي في التعليم الرسمي والخاص، وبالتالي فإنها لن تشارك في الإضراب والتظاهرة التي دعا إليها الاتحاد العمالي العام، واستبقت التقرير الذي ستضعه اللجنة النيابية بقولها على لسان رئيسها حنا غريب بأنه «مولود ميّت».
المحكمة الدولية
على صعيد آخر، كان لافتاً للانتباه خروج كتلة «المستقبل» عن صمتها حيال الحملة التي تتعرّض لها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، على خلفية استدعاء «الجديد» و«الأخبار» الى التحقيق في 13 أيار المقبل بتهمة تسريب معلومات عن الشهود في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وأوضحت مصادر نيابية في الكتلة، أن الموقف الذي أعلنته الكتلة في بيانها الأسبوعي إمس، جاء استباقاً للوقفة التضامنية التي دعا إليها رئيس لجنة الإعلام النيابية حسن فضل الله في المجلس النيابي اليوم مع «الجديد» و«الأخبار» والتي يتوقع أن تكون شبيهة بما حصل في الوقفة التضامنية التي عقدت في نقابة الصحافة قبل يومين، والتي ارتدت أبعاداً سياسية مناهضة للمحكمة وعملها.
واعتبرت الكتلة في بيانها ان مسألة الحريات في لبنان هي جوهر وجود وتميز لبنان في المنطقة العربية، لكنها لفتت إلى ان الحرية ليست مطلقة من دون أي اعتبار وليست متعلقة من القوانين التي تحملها، وان الخطوة التي قامت بها المحكمة ليست سوى تطبيقاً للمادة 60 مكرر من قواعد الاجراءات والاثبات بعنوان تحقير المحكمة وعرقلة سير العدالة»، وأن المحكمة مسؤولة عن كشف ومحاسبة الذين ارتكبوا جريمة تسريب المعلومات الخطيرة عن الشهود، حتى ولو كان التسريب قد حصل من داخل دوائر المحكمة.
ورأت الكتلة ان لوسائل الاعلام الحق في انتقاد المحكمة، لكن القضية المثارة الآن ليست قضية انتقاد بل قضية نشر أسماء وصور الشهود المزعومين، وبالتالي تعريض حياة ومستقبل مواطنين للخطر والتهديد، وتوقفت أمام محاولات استغلال هذه المسألة من قبل «حزب الله» وأعوانه ووسائل الاعلام التابعة له أو التي تدور في فلكه وهي في المناسبة الجهة السياسية التي وجهت المحكمة التهمة لعناصر ينتمون إليها باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مشيرة إلى ان ما يثير الاستغراب ان يجتمع حماة المتهمين بالجرائم وأعداء المحكمة للدفاع المزعوم عن الحريات، فيما هم يساندون الطغاة في سوريا. كما استغربت ان يجتمع بعض قوم الدفاع المزيف عن حرية الرأي، وهم يرفضون في الوقت عينه وعلى مرأى ومسمع من اللبنانيين أن يقول وزير الاعلام رأيه في رسالة بعث بها إلى المجتمعين لمجرد انه يختلف معهم بالرأي.
وأكدت الكتلة ان المحكمة وجدت أساساً لحماية حرية اللبنانيين بعد ان استباحها المجرمون، ولئن بدت خطوة المحكمة في الإدعاء على وسائل اعلامية لبنانية لم تكن مبررة حسب وجهة نظر البعض الذين تحترم الكتلة رأيهم، فإن استغلال الأمر للهجوم على المحكمة نفسها وعملها واهدافها، وهو عمل مستنكر ومدان ولن يسكت الشعب اللبناني عنه أو يسمح به أو يمكن البعض من أن يحقق غايته في الإساءة إلى المحكمة أو الانتقاص من سعيها في تحقيق العدالة».