IMLebanon

5 أسباب تعزز القلق الشعبي وتستنفر الشارع

 

 

بدأ مجلس الوزراء مناقشة الموازنة في اجواء غير مريحة بسبب ارتفاع الاصوات وتنامي التحركات الاعتراضية في الشارع التي كان ابطالها امس المتقاعدون العسكريون.

 

ورغم تأكيدات وزير المال واخرين في الحكومة عدم المس بمعاشات المتقاعدين فان مثل هذا التحرك مرشح ان يتسع ليشمل فئات اخرى من الموظفين والعمال والمستخدمين المنتمين الى الطبقة المحدودة الدخل او المتوسطة.

 

الحكومة ناقشت امس في جلستها الاولى الموازنة بشكل عام ولم تباشر بمناقشة تفاصيل بنودها، خصوصا البنود الواردة في المشروع لترشيد الانفاق من جهة وتوفير موارد واموال من اجل خلق توازن اقتصادي ومالي جديد يؤدي الى تخفيض العجز بنسبة تتراوح بين 2 و3%.

 

وطالما ان اوساط الحكومة تقول بالعلن بأنه لا يوجد اي استهداف او مس برواتب الموظفين او المتقاعدين، فلماذا يتزايد القلق عند هذه الفئات التي لجأت وتلجأ مرة اخرى الى الشارع للحفاظ على لقمة عيشها ومكتسباتها؟

 

يقول مصدر سياسي مطلع ان هناك حاجة لكي تقدم الحكومة مجتمعة او ان صح التعبير مجلس الوزراء بكل مكوناته برهانا حقيقيا يطمئن هذه الفئات على ان رواتبهم ومعاشاتهم ومكتسباتها مصانة ومضمونة.

 

وبرأيه ان ما سمعه وقرأه المواطن لم يوفر هذا الاطمئنان، لان ما صدر عن مكونات مجلس الوزراء بقي في اطار المواقف الفردية ولم يعكس ارادة جماعية للحكومة تكرس صرف النظر عن اخذ مثل هذا الخيار السلبي تجاه شريحة واسعة من اللبنانيين.

 

في الايام الماضية، يقول المصدر، نقل عن الرئيس عون رفضه المسّ بسلسلة الرواتب وتعويضات الجيش وقبله اكد الرئيس بري رفض المسّ بالفئات الفقيرة او المتوسطة، وشدد ايضا على عدم المس بسلسلة الرواتب خلال زيارته للاردن للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي. اما الرئىس الحريري فلم يصدر عنه موقف حاسم لجهة عدم المس بالسلسلة، لكنه اكد على عدم التعرض للفئات الفقيرة او محدودة الدخل.

 

وبالنسبة لحزب الله فقد كان موقفه صريحا ايضا لجهة رفض المس او مد اليد على جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود من دون الدخول في التفاصيل، وكذلك فعل الاطراف الاخرون المشاركون في الحكومة وان بأساليب و«لغات» مختلفة.

 

ومن خلال استعراض كل هذه المواقف التي صدرت مباشرة او نقلت عن القيادات والمسؤولين يظهر بوضوح ان هناك تباينا في لهجة التأكيد والنفي لمسألة التعرض لرواتب الموظفين المدنيين والعسكريين بين هذا الطرف او ذاك.

 

ويقول المصدر ان هذا التفاوت وهذه الضبابية التي سادت خصوصا بعد الاجتماع الذي ترأسه الرئيس الحريري مع الوزراء والاطراف الاساسية في الحكومة، هي التي بعثت وتبعث على القلق، وهي التي زادت نسبة عدم الثقة بمسار مناقشة الحكومة للموازنة.

 

ما هي الاسباب التي تجعل الموظفين والمتقاعدين والمستخدمين والعمال يستنفرون كل طاقاتهم اليوم، ويلجؤون الى الشارع؟

 

في استعراض للتطورات التي حصلت منذ البدء في بحث صياغة الموازنة تبرز العناصر الاتية:

 

1- ان موازنة العام 2019 هي موازنة تقشفية بامتياز تراعي نسبة كبيرة «روشتة» مؤتمر سيدر و«نصائح» البنك الدولي. والمعلوم ان نصائح هذا البنك لمعالجة ازمات اقتصادية ومالية في دول اخرى ساهمت وادت الى خضات وتداعيات اجتماعية كبيرة، وكانت عموماً موجهة ضد الفئات محدودة الدخل والمتوسطة احياناً.

 

ولا بد هنا من الاشارة، ان مثل هذه النصائح اذا ما اخذ اي بلد بها دون النظر الى ظروفه الاجتماعية والسياسية سترتد بل ترتد في كثير من الاحيان سلباً على هذا البلد. وتخلق مشاكل اجتماعية لا زالت دول عديدة تعاني من اثارها وتداعياتها السلبية.

 

2- منذ بدء مناقشة الافكار المطروحة لعناصر الموازنة بشر معظم بل المسؤولين جميعاً باجراءات موجعة وقاسية، وتبين في ما بعد ان هذه الاجراءات تتركز على فئات محدودة الدخل والموظفين. خصوصاً بعد اعلان الوزير جبران باسيل الرغبة في تخفيض الرواتب، ثم تسرب المعلومات عن الاجتماع الذي ترأسه الحريري للاطراف بان هناك اقتراحاً لتخفيض الرواتب بنسبة 15%.

 

ورغم مسارعة وزير المال الى نفي هذه المعلومات الا ان المخاوف بقيت على حالها بسبب صمت قوى اخرى مشاركة في الحكومة، او الازدواجية في المواقف عند جهات اساسية وفاعلة.

 

3- غياب الاجراءات الجادة والتي تتناسب من سياسة التقشف تجاه المصارف والشركات المالية، رغم الارباح الكبيرة التي حققها وتحققها.

 

4- لم يأت شعار محاربة الفساد وتحقيق الاصلاح في مقدمة مشروع الموازنة، بقدر ما جرى التركيز على الحسابات الرقمية التي تستعجل تخفيض العجز وترشيد الانفاق وتوفير المال السريع تحت شعار مراعاة سياسة البنك الدولي وملاقاة قرارات مؤتمر سيدر.

 

5- لم يصدر موقف حكومي صريح يؤكد سحب فكرة تخفيض الرواتب من التداول بشكل كامل. لذلك فان الايام القليلة المقبلة ستكون اياما حاسمة اكان على صعيد جلسات مجلس الوزراء المفتوحة لاقرار الموازنة في غضون ايام، او على صعيد الشارع الذي سيشهد حراكاً ناشطاً لا سيما بانضمام الاتحاد العمالي واعلانه الاضراب في المؤسسات والادارات العامة في الايام الثلاثة المقبلة.