تعدّدت الأساليب والمعركة واحدة
“مساعدة المصابين” المشكلة الأخطر والأكبر في أزمة كورونا المستمرة منذ الإعلان عن أول حالة إصابة بالفيروس، لكن ومنذ أيام – وكما عودنا الشباب اللبناني الإفراج عن إبداعاته في الازمات – قرر وعبر مجموعات متخصصة وضع هذه “الجائحة” في مرمى إبتكاراته، منها ما دخل ساحة المواجهة ومنها ما ” سينزل إلى الساحة” في خلال أسابيع معدودة بأعداد تصل إلى 500 جهاز تنفس إصطناعي، جهاز مشابه بلمسات خريجي الجامعة اللبنانية أيضا “على نار حامية “…
خلية أزمة علمية وصناعية لابتكار جهاز للتنفس، تجنّد لها فريق عمل الصناعي ربيع الأسطا مدير عام شركة phoenix Machinery، الذي يقول في حديث لـ “نداء الوطن”: “المشروع هو جهاز تنفس اصطناعي من شركة فينيكس المتخصصة بصناعة الآلات الصناعية، والدافع الأساسي هو إنساني، بعد الواقع الاليم الذي ألمّ باللبنانيين، وأرقام المصابين التي ترتفع كل يوم، كما هو حاصل في العديد من البلدان العربية والغربية” لافتاً إلى أنه وفي ظل النقص الواضح في أجهزة التنفس الاصطناعي، وصولاً إلى الخطر الاكبر وهو موت عدد من المصابين، وبالتالي فقدان اللبناني لأحد أفراد عائلته وهذا ما لا يتمناه أحد بالتأكيد، قررنا السير بالمشروع حتى النهاية.
المباشرة بالمشروع أتت بتوجيهات من صاحب الشركة، رئيس مجلس الادارة النائب نعمة افرام، “وقد وضعنا مجموعة من المهندسين في البرمجة، بعد أن توقفنا عن كل المشاريع التي كنا نعمل عليها، وأعطينا الأولوية في عملنا لهذا المشروع والعمل عليه ليل نهار في سبيل إنجازه في أسرع وقت ممكن”.
ووفق الأسطا، فإن الإبتكار لا يزال في مرحلة التجارب، والاسبوع المقبل يمكننا معرفة موعد المباشرة بالتصنيع الفعلي للجهاز، وسنبدأ بتصنيع 500 جهاز في المرحلة الاولى، مؤكداً أن الهدف ليس كلفته، ولا السعر الذي سيباع به، ولا أين سيتم وضعه، بل إنجازه وفقاً للمقاييس العلمية والطبية والتقنية المتعارف عليها، كاشفاً “عن تأسيسه خلية أزمة بالتعاون مع مجموعة أطباء متخصصين في أكثر من مجال، وعقدنا الكثير من الاجتماعات معهم بهدف وضع أولويات الجهاز ومواصفاته.
طلاب اللبنانية يبدعون مجدداً
وليس بعيداً من هذا الإبتكار وتحت عنوان “متنفس لكل لبنان”، أطلق الدكتور حسين الحاج حسن ( قريب النائب حسين الحاج حسن) عبر صفحته على موقع فيسبوك منذ 5 أيام، مبادرة لإبتكار جهاز تنفس إصطناعي يقوم بمساعدة الرئة في حال فشلها في تأمين الاوكسجين، والتخلص من ثاني اوكسيد الكربون، للحد من وفاة المصابين بفيروس كورونا.
ولم تمر ثمانٍ وأربعون ساعة على المنشور، حتى قوبلت المبادرة بتفاعلٍ إيجابيٍ كبير من أهل الاختصاص (مهندسين وأطباء) ومن المعنيين ومنهم وزارتا الصناعة والصحة وصناعيون ومن الأفراد (من طلاب ومهنيين)”، بحسب بيانٍ صادرٍ عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجامعة اللبنانية في 16 من الشهر الجاري.
ويوضح البيان أنه وبعدما تردد أن لبنان قد يواجه شحًّا في أجهزة التنفس الإصطناعي لإنعاش المرضى المحتمل إصابتهم بـ” كورونا”، “بدأت الفكرة مع خريجي كلية الهندسة – الفرع الثالث في الجامعة اللبنانية – دفعة 2011 (هشام عيسى – هندسة كهرباء وإلكترونيك، وحسين حمدان – هندسة ميكانيك)، ولأنهما يعملان خارج لبنان تواصلا مع الحاج حسن (خريج الهندسة 3 – اختصاص هندسة اتصالات وأستاذ في الكلية)، واتفقوا على طرح المشروع الذي يمكن تصنيعه محلياً بمساعدة اختصاصيين، مشيرين إلى حاجتهم لفريق تقني متخصص (من أي جهة كانت) للمساعدة في حل أي تعقيد قد يطرأ، إضافة إلى أهمية تأمين المواد الأولية لتشغيل الجهاز من السوق اللبنانية.
ويشدد الخرّيجون الثلاثة على أن مبادرتهم هي جزء من المسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع نتيجة تداعيات كورونا، مضيفين أن المبادرة تكمن في قوة الإرادة، وليس المهم أي فريق يمكن أن يكمل فكرتنا، المهم هو مساعدة الناس حتى نعبر هذه الأزمة.
“بيريتيك” تقدم دعماً للمشاريع
ودعماً للمشاريع والحلول الخاصة بمواجهة كورونا، هناك مختبر للتصنيع الرقمي fab lab أطلقته شركة “بيريتيك” ويستقبل أي شخص، أو أي فريق يعمل على حل في مجال التكنولوجيا الصحية، من أجهزة ومعدات التنفس أو تطبيقات app للكشف المطلوب، وأعلن المختبر وفي أكثر من مناسبة عن تقديمه الدعم التقني، فضلاً عن دعم مادي لخمسة مشاريع بمنحة تصل إلى 10 آلاف دولار للمشروع الواحد.
اول صيدلية مجهزة بجهاز تعقيم
وانتقالاً إلى بيصور إبتكرت مجموعة من الشباب (جاد وفراس ورائد ملاعب)، بالإضافة إلى صاحب صيدلية pharma joud الدكتور الصيدلي جواد ملاعب، جهازاً خاصاً للتعقيم لتصبح صيدليته أول صيدلية مجهزة بغرفة تعقيم في لبنان، عبر الممر الذي يفصل بين باب الصيدلية ومكان وقوف الصيدلي، تاركين لأي صيدلي إمكانية إختيار التصميم والقياس الخاص بالجهاز الملائم لممر صيدليته، والتحكم ايضاً بتصميم وسعة جهاز التعقيم.
الجهاز الذي دخل الخدمة الفعلية القائمة على تأمين الوقاية لكل زبون أمس الخميس بعد عدة أيام من التجارب، بعد أن وضع جواد عبارة ” افتح الباب بكوعك” على باب الصيدلية، ويشرح “يدخل الزبون ليمكث 10 ثوانٍ داخل غرفة التعقيم، ويتعرض خلالها لدخان التعقيم الذي يصدره الجهاز، ومن ثم يدخل بكتفه أولاً عبر باب من النايلون (ومن دون قبضة) يسهل دخول حتى الزبائن الذين يحملون بأيديهم أغراضاً، ليشتري إحتياجاته منها وبعدها يخرج وهو معقم”.
بدوره يؤكد جاد أن المواد التي يحتويها الجهاز هي مواد من شركةٍ مرخصة من وزارة الصحة، وأسعارها مقبولة، فيما التصميم والتكلفة حسب طلب كل صيدلي، وبالإمكان صنعها من النايلون أو من البلاكسي، أو من الالمنيوم، أو من الستانلس ستيل، وذلك وفقاً للتصميم.
هذه المبادرة دفعت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط إلى توجيه التحية والثناء لشباب بيصور على هذا الاختراع، واصفاً اياه بالـ “بسيط”، مستدركاً “حتما يمكن تطويره وإستخدامه بشكل موسع، خاصةً أنه لا بد من الحد من التجمع في التعاونيات ومحلات التموين، ومن الضروري تنظيم الدخول اليها والخروج منها. إن أقصى درجات الاحتياط واجبة كون الأزمة طويلة جداً جداً”.
مرة جديدة، تبرهن طاقات الشباب اللبناني والصناعة المحلية، أنها باب الخلاص في الأزمات الاقتصادية والمعيشية والصحية!