IMLebanon

٦ أشهر على توقيف يعقوب: الجميع يغسلون أيديهم

يُنهي النائب السابق حسن يعقوب خلال أيام شهره السادس خلف القضبان من دون أن يصدر قرارٌ ظني بحقه بعد. خلال هذه الفترة، رُفضت طلبات إخلاء سبيل عدة عن الرجل، فيما الملف القضائي يزداد تعقيداً، لا سيما بعد تسجيل سابقة قضائية إثر تنحية القاضي زاهر حماده، المحقق العدلي في قضية إخفاء الإمام موسى الصدر من دون تعيين محقق عدلي بديل لبتّ طلب إخلاء سبيل هنيبعل معمر القذّافي الذي أوقف بعد خطفه من سوريا، واشتبهت الاجهزة الامنية في تورط يعقوب في خطفه.

أما قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس الذي وافق على طلب إخلاء سبيل النائب السابق، قبل أن تفسخ قراره الهيئة الاتهامية، فأعلن عدم صلاحيته المكانية للنظر في الدعوى بعد أشهر على توليه الملف.

التعقيدات تتفاقم فيما الحقيقة ضائعة في شأن المسؤول عن استمرار توقيف يعقوب: هل حصل ذلك بقرار من الرئيس نبيه بري؟ أم أنّ حزب الله يجامل السوريين الذين خان يعقوب أمانتهم بخطفه هنيبعل الذي كان بحماية النظام السوري؟ أم أنّ هناك يداً خفية لقوى ١٤ آذار في استمرار توقيفه لإحراج الطرفين؟ وأبعد من كل ذلك: ماذا يفعل القضاء الذي يمنع من استدعاء المتورطين الكبار في قضية الانترنت والتخابر الدولي غير الشرعيين، رغم وضوح المعلومات في هذين الملفين وفي غيرهما، فيما لا يستقوي سوى على الضعفاء، كما في قضية خطف القذافي، حيث قرر فجأة أن ينتفض ليضرب بيدٍ من حديد؟

وُضعت عائلة يعقوب في موقف لا تُحسد عليه، وتُرِكت لمصيرها من دون حيلة سوى قطع طريق هنا أو هناك، من دون أن يعبأ أحد باستغاثة السيدة المسنّة التي أُخفي زوجها قبل 38 عاماً، ثم وجدت ابنها خلف القضبان. لم تُحرك الخيم التي نُصبت أمام المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مشاعر أحد من ولاة الأمر. وهل يستأهل يعقوب كل ما يحصل له أم تحوّل توقيفه إلى اعتقال سياسي تعسّفي؟

خليل: سنسقط الدعوى عن يعقوب فور إخلاء سبيل هنيبعل القذافي

نُتف الروايات ومحاضر التحقيق تكشف أنّ النائب السابق خطط لاختطاف هنيبعل القذافي، رغم أنّ الاخير كان يقيم في سوريا تحت حماية دمشق. وتفيد الرواية الرسمية بأن الدافع لم يكن للضغط من أجل الاستحصال على معلومات عن الإمام موسى الصدر ورفيقيه المخطوفين في ليبيا منذ عام 1978، بل بقصد الابتزاز المالي. وتُكمل الرواية أن الخطة نُفِّذت بمساعدة مجموعة مسلّحة وسيدة استدرجت القذافي لاختطافه وإدخاله إلى الأراضي اللبنانية بعد إخفائه داخل صندوق سيارة يعقوب الذي تُسهّل السلطات السورية مروره على الحواجز العسكرية والأمنية من دون تفتيش. وتفيد الرواية أيضاً بأنّ يعقوب أشرف، مباشرة، على ضرب القذافي ضرباً مبرحاً وتعذيبه ثم تسجيل رسالة مصوّرة جرى نشرها على وسائل الإعلام، وأنه حاول ابتزاز عائلته للحصول على منافع مادية. وعليه، نُزِع الدافع الشريف عن يعقوب ليتلبّسه الدافع الدنيء. وبات كل ما سبق يُحتِّم محاسبته على فعلته.

بناءً على ذلك، يمكن القول إن حسن يعقوب اخطأ فسُجن لستة أشهر… والحبل على الجرّار. ظن متابعو القضية أنّ التوقيف سيكون لفترة وجيزة كـ«فركة أذن»، لكن الأمد طال. في اتصال مع «الأخبار»، تكشف وكيلة القذافي المحامية بشرى الخليل أنّ استمرار توقيف يعقوب مسألة وقت، مؤكدة أنّها ستُسقط شكواها ضده فور بتّ إخلاء سبيل موكّلها. وتؤكد الخليل أنّها وعدت والدته بذلك. أما عن موقف الرئيس بري من استمرار توقيفه، فتكشف مصادر مقرّبة منه أنّ «الرئيس بري لم يتدخل في توقيفه فعلاً. ولم يُعارض توقيفه». وعن رفع الغطاء، تقول المصادر إن «يعقوب غير محسوب على الرئيس بري كي يرفع الغطاء عنه»، مؤكدة أنّ «بري لن يطلب إطلاق سراحه ولن يُعارض ذلك». أما حزب الله، فيؤكد مقرّبون منه أن لا دخل له بالقضية، لا من قريب ولا من بعيد.

وبصرف النظر عن الجهة التي تدفع بالقضاء إلى الاستمرار في توقيف يعقوب، فإن الرجل يدفع ثمناً لكونه قرّر استيفاء حقه بيده، ولو بصورة مخالفة للقانون، مستهدفاً شخصاً لا ذنب له سوى أنه ابن من ارتكب جريمة خطف الشيخ محمد يعقوب. يكفي للدلالة على واقع القضية التعليق الذي قاله أحد أبرز القضاة في لبنان: «جريمة يعقوب صرخة وجع. لو كنت مكانه لفعلت مثله».

تنحية المحقق العدلي

أثار قرار الغرفة السادسة لمحكمة التمييز، التي يرأسها القاضي جوزف سماحة، بتنحية المحقق العدلي القاضي زاهر حمادة جملة ردود واعتراضات. فكان أول المعترضين وكلاء عائلة الإمام موسى الصدر الذين تقدموا بطعن في قرار القاضي سماحة.

وفي السياق نفسه، رأى حقوقي متابع لملف الإمام الصدر أنّ «القرار تضمن خطأً فادحاً أوجب الطعن فيه»، مبدياً استغرابه توقيت صدوره. وأشار الحقوقي المذكور إلى أن القرار غامض ومتناقض، مستعيداً مواقف للقاضي سماحة بشأن قضية الإمام الصدر يوم كان محققاً عدلياً، لا سيما مسألة طلبه إعلان وفاة معمر القذافي من دون وجود وثيقة رسمية. كذلك رأى أحد وكلاء الإمام الصدر أنّ قرار التنحية سيُردّ بعد قبول الطعن، لأنّه تضمن مغالطات جسيمة. وفي المقابل، رأت وكيلة القذافي المحامية بشرى الخليل أنّ قرار التنحية «تُرفع له القُبّعة وهو قرار شُجاع، يسجّل في سجل القاضي سماحة». وكانت الخليل قد طلبت تنحية حمادة «للارتياب المشروع» في حياديته، كونه قريباً من الخط السياسي لخصوم القذافي.