IMLebanon

61 ألف إيراني.. ما ذنبهم؟

بعد حادثة التدافع الشهيرة في موسم حج ٬1987 التي تسبب فيها عدد من الحجاج الإيرانيين٬ وقتل من جرائها 402 حاج٬ منع النظام الإيراني مواطنيه من أداء فريضة الحج لثلاثة أعوام٬ وهذا العام تكرر طهران فعلتها للمرة الرابعة منذ ما تعرف بـ«الثورة الإسلامية». لا يهم ما إذا كان أكثر من 60 ألًفا من المواطنين الإيرانيين لن يتمكنوا من أداء الركن الخامس لدى المسلمين٬ لا يهم أنهم دفعوا مقدًما وحجزوا مقاعدهم٬ ومع هذا سيحرمون من حقهم؛ كل ما يهم النظام في بلادهم الاستفادة من هذا المنع في معاركه السياسية الخاسرة. بعد كل هذه القسوة الإيرانية ضد مواطنيها٬ لم يقتنع أحد٬ لا من المسلمين ولا غيرهم٬ بالطبع باستثناء ما يسمى «حزب الله» والميليشيات الطائفية٬ بالمزاعم الإيرانية واتهامها الرياض بأنها هي التي «منعت» الإيرانيين من الحج٬ فالجميع يعي جيًدا أن السعودية آخر دولة في العالم يمكن أن تخلط الدين بالسياسة٬ والدليل أن العلاقة بين الرياض وطهران لم تكن على ما يرام منذ قدوم الخميني وثورته للحكم٬ ومع ذلك لم تفكر الرياض في معاقبة أي حاج إيراني طوال العقود الماضية٬ كما أن إيرانيين حول العالم من أميركا وأوروبا ونيوزيلندا وأستراليا وأفريقيا وصلوا إلى مكة المكرمة لأداء الفريضة٬ فلماذا لم تمنعهم الحكومة السعودية كما تزعم طهران؟!

رفضت إيران توقيع اتفاقية الحج مع الجانب السعودي٬ مع أن 85 دولة حول العالم وقعت الاتفاقية ذاتها٬ بل إن الرياض٬ ومن حرصها على عدم تحمل المواطنين الإيرانيين ذنب حكومتهم٬ وافقت على استثناء الحجاج الإيرانيين ونقلهم بطائرات إيرانية على الرغم من العقوبات المفروضة على هذه الشركات٬ ووافقت٬ رغم قطع العلاقات٬ على أن يكون لإيران تمثيل في جدة عن طريق السفارة السويسرية للتعامل مع أي ظروف تحصل للحجاج الإيرانيين٬ وأيًضا وافقت (استثناًء) على أن يتم إصدار تأشيرات الحج الإيرانية إلكترونًيا.. كل هذا من أجل عدم إعطاء الحكومة الإيرانية أي ذريعة٬ إلا أن النظام الإيراني في حقيقته مبّيت النية للاستمرار في خطة تسييس الفريضة٬ عبر الإصرار على إجراء مظاهرات «البراءة من المشركين»٬ ولا أحد يعلم من هم هؤلاء المشركون؟ هل هم أنفسهم الذين كانوا «شيطاًنا أكبر» وتحولوا لأصدقاء فجأة٬ أم إن كل القصة إشاعة الفوضى والتسبب في الخطر لملايين الحجاج٬ ومنهم الحجاج الإيرانيون أنفسهم؟ إعلان البراءة هذا شعار ألزم الخميني الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مناسك الحج٬ من خلال مسيرات أو تجمعات٬ ويتم فيها أيًضا ترديد شعارات سياسية من قبيل «الموت لأميركا» باعتبار أن الحج٬ من وجهة النظر الإيرانية٬ يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية تقليدية٬ إلى فريضة دينية سياسية. غني عن القول إن الخط الأحمر للحكومة السعودية هو استغلال الحج لأهداف سياسية٬ وهو الأمر الذي لم ولن

تقبل به أبًدا.

إذا كانت إيران اكتشفت متأخرة أن التفجيرات والتدخلات وحدها لا تجدي نفًعا٬ وإذا كانت فشلت في استخدام التوترات الطائفية لتحقيق أغراضها٬ فقد قررت أن تصّعد من خطة تسييس الحج في محاولة مستميتة أخرى للضغط على السعودية والاستفادة سياسًيا٬ والأكيد أنها لن تنجح٬ فقد فعلتها سابًقا وفشلت فشلاً ذريًعا. وحدهم المواطنون الإيرانيون يجنون تصرفات نظام لا يتورع عن إقحام بشع للسياسة في الدين.