يحتفل الأمن العام اللبناني اليوم بعيده السبعين. وهو يبدو أكثر إصراراً على مواصلة بناء قدراته البشرية واللوجستية والتقنية بما يواكب التطور الكبير في عمل الأجهزة الأمنية العالمية، كون الأمن العام يتصدى لمهام متنوعة تتطلب جهوزية تامّة على الصعد كافة.
لم يعد الأمن العام مجرد جهاز إداري لإنجاز جوازات السفر ومراقبة الحدود براً وجواً وبحراً أو لإنجاز معاملات الإقامة…
ولم يعد الأمن العام جهازاً أمنياً مهمته التنصّت على السياسيين والمواطنين لصالح رئيس الجمهورية، أو جهازاً أمنياً مهمته الوشاية والنميمة…
انتهى عصر «الدكتيلو».. صار الأمن العام مؤسسة وطنية تمارس دورها الكامل الذي تنص عليها القوانين.. حتى بات الأمن العام إسماً على مسمّى.
فالمديرية العامة للأمن العام تنتقل من انجاز الى آخر، مقدمة نموذجاً في العمل الأمني الوطني، وفق استراتيجية فصل الملفات التي تتم معالجتها ومتابعتها، مع مركزية في القرار لا سيما مع قنوات المساعدة الشقيقة منها والصديقة.
ويسجّل للأمن العام وعلى رأسه المدير العام اللواء عباس ابراهيم، العمل بلا ضجيج طيلة فترة الانكباب على اتمام المهمة، وعندما تصل الامور الى خواتيمها وتنجز يكون الخبر السار للمعنيين بالملف وايضا للبنانيين، وهذا ما سارت عليه الفرق المتخصصة داخل المديرية في معالجة ملفات الخطف والاعتقال والاحتجاز مدعومة من قبل المدير العام لوجستيا ومعنويا كونه يأخذ كل الملفات على عاتقه الشخصي.
منذ تسلم اللواء ابراهيم مسؤولياته على رأس الأمن العام، اعتمد استراتيجية فصل الملفات على مستوى المعالجة وترابطها مما اثمر نجاحات متتالية، من خلال تشكيل خلايا مصغرة ومتخصصة بكل ملف على حدة، وكل خلية تضم ضباطا وعناصر من الامن العام تتابع الملف الموكل اليها وتحيط بكل حيثياته تحت اشراف مباشر من المدير العام الذي يأخذ جانب التواصل مع الاطراف الخارجية على مستواه الشخصي.
مثالاً على أسلوب العمل، فإن معالجة ملف الشقيقتين عابدين الذي استمر بصمت على مدار اربعة اشهر، جرى تعمّد عدم تسريب اي تفاصيل عن قضيتهما خلال عملية المتابعة والتفاوض كون الامر حتّم إجراء أمنياً مساعدا لعملية اطلاقهما، حيث كان تواصل مربع الاضلاع لبناني ـ قطري ولبناني ـ تركي وقطري ـ معارضة سورية وتركي ـ معارضة سورية، حيث كان تواصل قطري دائم مع الجهة التي تحتجز الفتاتين وكان لهم دور في اقناع «جبهة النصرة» بتحريرهما، وقابل اللواء ابراهيم الجهود القطرية والاستعداد التركي الدائم للمواكبة والمساعدة بالعمل على اتمام عملية لمّ شمل العائلة السورية التي كانت الفتاتان في زيارتها.
وفي متابعة لمسار من النجاحات المحققة للامن العام اللبناني فإن الملفات المعالجة كانت قبلا عصية على الحل ولم يجد احد لها حلا من اطلاق ابن سرور الى مسألة تلكلخ واعادة الجثامين للبنانيين من هناك الى المفاوضات الشديدة التعقيد والتي افضت الى اطلاق محتجزي اعزاز من الزوار اللبنانيين، وصولا الى الافراج عن راهبات دير سيدة معلولا، في حين تستمر المفاوضات الاكثر تعقيدا حول العسكريين المحتجزين لدى «جبهة النصرة» و «داعش».
ويلفت المصدر الى ان «الامر لم يقتصر على اطلاق سراح المحتجزين انما تعداه الى نجاحات امنية تمثلت في كشف شبكات ارهابية وارهابيين خطيرين جدا، وكان آخرها القبض على احمد الاسير في عملية محبوكة بدقة لن يكشف عن خيوطها، فأحمد الاسير الذي وصل بسيارة اجرة الى مطار رفيق الحريري الدولي وتجاوز نقطة التفتيش الاولى ثم انجز اجراءات الصعود الى الطائرة من حجز وحقيبة، ثم دخل الى دورة المياه حيث عمد الى حشو انفه بالقطن لكي يغيّر شكله، ومن ثم وصل الى نقطة الامن العام حيث التأكد من التأشيرة والجواز، ليطلب منه الضابط الذي يقود مجموعة المراقبة والتوقيف مرافقته الى المكتب، حيث بادره بالقول «اهلا بك شيخ احمد الاسير»، ليذهل الاخير فيقول له الضابط «ألست انت احمد الاسير؟»، فيسارع الاخير الى القول «نعم انا احمد الاسير.. وهو يكاد يختنق قبل أن يبدأ بسحب القطن من أنفه.
وحول هذا الملف بالتحديد يؤكد مصدر مطلع ان ملف التحقيق مع الاسير في الامن العام كامل ونقل مع الاسير الى مخابرات الجيش، «وكل كلام عن تدخلات لعدم التطرق الى بعض الجوانب هي من باب التشكيك الخبيث والذي لا اساس له من الصحة، والاكيد ان ملف الاسير سيكشف حكماً في المحكمة، والقول بتعرّض الاســير للضرب هو من باب الاثارة الكاذبة، اذ يكفي الاشــارة الى انه عند تسليم اي موقوف من جهاز الى آخر يكــشف علــيه طبيب تابع للجهاز الذي يستلمه واذا تبين انه تعرض لاي نوع من التعذيب او الضرب تتوقف عملية الاستلام».