Site icon IMLebanon

72 ساعة للشغور.. وهواجس من الفراغ

سليمان يحذر النواب من المسّ «عمداً» بالميثاق.. و«جلسات مفتوحة» نيابياً ومارونياً حتى الانتخاب
72 ساعة للشغور.. وهواجس من الفراغ

 

رغم «رسالة الرئيس» التي حذر فيها النواب من «تعمّد خلو سدة الرئاسة الأولى والمسّ بالشراكة الميثاقية»، و«النداء» الذي وجهته المؤسسات المارونية مجتمعةً برئاسة البطريرك بشارة بطرس الراعي إلى النواب من أنّ «تعطيل الانتخاب يخالف الدستور نصاً وروحاً والميثاق الوطني ويهدد الكيان»، إلا أنّ الإستحقاق الرئاسي يبدو سائراً بخطى ثابتة نحو الشغور بعد اثنتين وسبعين ساعة، بينما الهواجس باتت منصبة على خطر انزلاقه إلى الفراغ. فيما يدخل المجلس النيابي في جلسات مفتوحة إبتداءً من اليوم «حتى تأمين النصاب وانتخاب الرئيس» وفق ما أعلن رئيس المجلس نبيه بري، بالتزامن مع إعلان المؤسسات المارونية إبقاء اجتماعاتها مفتوحة «لتحديد المواقف والخطوات التي من شأنها تأمين انتخاب الرئيس».

وفي ضوء ما ظهّرته جلسة مناقشة رسالة الرئيس ميشال سليمان من انقسام نيابي في مقاربة الاستحقاق بين كتل الرابع عشر من آذار وكتل الثامن منه، خلصت مصادر نيابية إلى القول لـ«المستقبل» إنّ «نصاب الأربعاء أكد ألا نصاب الخميس»، موضحةً أنّ «مجريات جلسة الأمس أظهرت أنّ الشغور في سدة رئاسة الجمهورية واقع لا مفر منه في ظل عدم قدرة أي من الفريقين الرئيسيين في البلد على تحقيق الغلبة على الآخر، إذ بدا واضحاً أنّ قوى 8 آذار ماضية في قرار مقاطعة جلسات الإنتخاب ما لم يتأمن وصول مرشحها للرئاسة أو مرشح آخر يحظى برضاها المسبق»، مع إشارتها إلى أنّ «فريق 8 آذار توزع الأدوار أمس بين مقاطع أو مهاجم لرئيس الجمهورية، في حين حرص فريق الرابع عشر من آذار على إبداء تقديره ودعمه للرئيس ميشال سليمان عشية انتهاء ولايته الدستورية».

أما على ضفة الوسطيين، فقد لفت توجس النائب وليد جنبلاط «من يللي جايي على الميلتين»، في معرض تسجيله للرئيس سليمان أنه «كان شجاعاً في مغادرته، (بينما) مع الغير كانت التجارب مريرة مع المدفعية أحياناً». وإذ وضعت مصادر سياسية مطلعة على الهواجس المحيطة بالإستحقاق الرئاسي توجس جنبلاط في إطار «المخاوف من احتمال تمدّد الشغور ليبلغ مبلغ الفراغ في مؤسسات الدولة»، أوضحت المصادر لـ«المستقبل» أنّ هذه المخاوف تجد أرضية لها في «احتمال أن ينعكس الشغور في سدة الرئاسة الأولى على عمل الحكومة تحت وطأة «المزايدات»، بشكل يتجسد بدايةً في الاعتراض على تصريف مجلس الوزراء أعمال رئاسة الجمهورية والانزلاق ربما فيما بعد إلى مقاطعة جلسات الحكومة من قبل قوى الثامن من آذار»، مبديةً في هذا السياق تخوفها «من دخول البلاد في دوامة من الفراغ المدقع على صعيد السلطات الدستورية، إذا استمر الشغور في سدة الرئاسة الأولى، وتم تقويض أعمال السلطة التنفيذية، وصولاً إلى شهر أيلول موعد انتهاء مفاعيل التمديد لمجلس النواب من دون وجود لا رئيس للجمهورية ولا مجلس وزراء يقوم وكالةً بمهامه للتوقيع على أي مرسوم يتيح استمرار عمل السلطة التشريعية».

بكركي

وفي بكركي، تداعت أمس المؤسسات المارونية الثلاث وأعضاء مجالسها التنفيذية برئاسة كل من النقيب سمير أبي اللمع والوزيرين السابقين ميشال اده ووديع الخازن إلى اجتماع برئاسة البطريرك الراعي بحث في «مخاطر عدم انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري»، ووجه المجتمعون «نداءً» إلى النواب «لأي طائفة انتموا» حذروهم فيه من أنّ «تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في موعده الدستوري يخالف الدستور نصاً وروحاً والميثاق الوطني، ويهدد الكيان. كما أنّ عدم انتخاب الرئيس في الموعد الدستوري من شأنه أن يضرب رأس هرم السلطات ويؤدي حكماً إلى شلّ عمل المؤسسات الدستورية».

وأشارت مصادر المجتمعين لـ«المستقبل» إلى أنّ اجتماع المؤسسات المارونية في بكركي بالأمس بعد فترة إمتدت سنوات لم تلتئم فيها هذه المؤسسات في لقاء مشترك «إنما أتى تحت وطأة الخوف من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى واستشعار مخاطره المحدقة بالبلد»، وأوضحت المصادر أنّ «البطريرك الراعي عرض أمام المجتمعين مساعيه ومخاوفه في هذا المجال، واستعرض آخر ما طرحه لدرء الشغور في رئاسة الجمهورية لناحية سعيه إلى تعديل الدستور بشكل يتيح بقاء الرئيس في قصر بعبدا لتصريف الأعمال إلى حين انتخاب خلف له أو تمديد ولايته سنة، إلا أنّ الرأي استقر على أنّ الوقت أصبح داهماً لتطبيق هذه الطروحات فضلاً عن أنّ هناك أطرافاً رئيسيين غير موافقين عليها».

إزاء ذلك، نقلت المصادر أنّ «البطريرك بدا محبطاً ومنزعجاً جداً مما آلت إليه الأمور في الإستحقاق الرئاسي، وأعرب للمجتمعين عن خشيته من الدخول في الفراغ لأنه أولاً ينقل كرة الإنتخاب إلى ملعب الخارج، وثانياً لأنّ الفراغ من شأنه أن يهدد موسم الإصطياف والوضعين الاقتصادي والأمني في البلد»، لافتةً إلى أنّ «المجتمعين عرضوا كذلك لهواجسهم المتصلة بملف الإستحقاق الرئاسي، حيث برز تخوّف من مغبة انتقال صلاحيات الرئيس الماروني إلى رئيس من طائفة أخرى، في حين طرح البعض إمكانية الطلب من النواب والوزراء المسيحيين مقاطعة جلسات مجلسي الوزراء والنواب إلى حين انتخاب الرئيس العتيد»، مشيرةً في المقابل إلى أنّ «مشاركين آخرين في اجتماع بكركي أبدوا تحفظهم على هذه الطروحات وتمسكهم في المقابل باحترام الدستور الذي ينصّ بشكل واضح على كون صلاحيات رئاسة الجمهورية تنتقل وكالةً إلى مجلس الوزراء ليتولاها في حال خلوّ موقع الرئاسة الأولى».

جعجع

ومساءً، إستقبل البطريرك الراعي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي نقل إثر الاجتماع عن الراعي شعوره بـ«أسى كبير لجهة تعطيل النصاب مرة جديدة» في جلسة اليوم، وأعرب جعجع في هذا السياق عن أمله «لو أنّ العماد (ميشال) عون ينزل إلى الجلسة غداً (اليوم)، ويحث النواب على التصويت له»، وأردف: «في حال نال أكثرية الأصوات، أي 65 صوتاً، فسأكون أول من يهنئه، ولكن المقاطعة غير مقبولة والتعطيل للعبة الديموقراطية والانتخابات هو عملياً تعطيل لموقع الرئاسة»، مضيفاً: «نفكر في الوقت الراهن بحلول لعدم الوقوع في الفراغ مهما كان الثمن، وقد طرحت مع غبطته بعض الأفكار التي لا أستطيع الافصاح عنها حالياً».