Site icon IMLebanon

8 آذار تبشِّر بالفراغ: خيار يتقدَّم على الرئيس الضعيف؟

8 آذار تبشِّر بالفراغ: خيار يتقدَّم على الرئيس الضعيف؟

الجميل وجنبلاط: الأولوية لحلحلة العُقد وإجراء الإنتخابات وتجنُّب المطبّات الدستورية والبرمانية

الخميس المقبل، في الخامس عشر من هذا الشهر يغادر الرئيس ميشال سليمان سكنه في قصر بعبدا الى منزله في اليرزة، على ان يداوم نهاراً في القصر لغاية الخامس والعشرين منه، عند انتهاء ولايته، او ليسلم الرئاسة الى رئيس جديد اذا ما نجح الحراك المتعدد الجوانب في انضاج «طبخة التوافق» على رئيس يمنع حصول الفراغ، ويواصل ما انتهت اليه طاولة الحوار من تكريس هذا الخيار لحل الخلافات اللبنانية، وتثبيت مبدأ المناصفة في ادارة الدولة بين المسلمين والمسيحيين، وفقاً لما نقله نائب بيروت من كتلة المستقبل عمار حوري عن الرئيس سليمان.

واذا كان عشاء العمل الذي استضاف اليه الرئيس امين الجميل رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط في بكفيا، خطف الاضواء، بالتزامن مع جولة رئيس الكتائب التي بدأت في معراب وانتهت في بنشعي وشملت الرابية، بحثاً عن سبل كفيلة باجراء الانتخابات الرئاسية قبل انتهاء ولاية الرئيس سليمان، فإن اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، عشية الذكرى الرابعة عشرة لعيد التحرير بعد ظهر السبت في 24 الجاري عبر شاشة عملاقة في مدينة بنت جبيل، من شأنها ان تضيء على الخيارات التي تتدارسها قوى 8  آذار لملء الفراغ، بعد الخامس والعشرين من الجاري، سواء عبر سلة الشروط التي وضعها النائب سليمان فرنجية بعد اللقاء الذي جمعه مع الرئيس الجميل، او عبر تعديلها.

فقد كشف فرنجية ان فريقه السياسي اي 8 آذار اذا ما خيّر بين رئيس معتدل او الفراغ، فإنه (اي الفريق) يختار الفراغ، لان سلة الشروط تتمسك بـ«رئيس قوي يمثله النائب ميشال عون، والقوة اما بشعبيته او بكتلته النيابية ولا يفرض فرضاً على المسيحيين، اي ان المسيحيين هم الذين يختارونه».

ولاحظ مصدر نيابي على خط الاتصالات الرئاسية، ان هذا الموقف يتعارض جذرياً مع ما يمكن ان تنتهي اليه الاتصالات مع فريق 14 آذار، من ان الاولوية لانتخاب الرئيس حتى ولو كان توافقياً او مقبولاً، ولا بأس ان يكون من 14 آذار، بدل الوقوع في الفراغ، ما دام انه قادر على احياء طاولة الحوار.

ولم يخف نائب في كتلة «المستقبل» اقتناعه بأن المعطيات لم تتجاوز المطبات الاساسية التي تعيق التوافق، ويشاطره الرأي  مصدر في 8 آذار من ان «الطبخة» لم توضع علىالنار بعد، ولا شيء في الافق يوحي بإمكانية تجنب الفراغ الاخذة اسهمه بالارتفاع.

عشاء بكفيا

 وهذه المعطيات المقلقة حضرت بقوة على الطاولة بين الرئيس الجميل والنائب جنبلاط، حيث استقر تقويمهما المشترك على ان ما اسفرت عنه جلسات المجلس النيابي، والامتناع عن توفير النصاب والانقسام العمودي بين فريقي 8 و14 آذار، والشروط والشروط المضادة، تخفي وراءها عقداً سياسية تتخطى لبنان الى ما يدور في المنطقة.

وتحفظ الجانبان عن الإدلاء بأي تفاصيل حول ما دار في العشاء بين الرجلين، لكن مصادر مقربة اكتفت بالقول أنه جرى «تقويم مشترك لتعقيدات الوضع، وضرورة العمل معاً لحلحلة العقد التي تعترض إجراء الانتخابات الرئاسية في المهلة الدستورية، إذا أمكن، أو في أقرب فرصة ممكنة».

وأكدت أن الأجواء إيجابية، والمشاورات ستستمر بحثاً عن الحلول المناسبة.

وأوضح عضو كتلة نواب الكتائب النائب فادي الهبر أن لقاء الرئيس الجميّل والنائب جنبلاط يصبّ في إطار تلاقي القيادات السياسية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، مشيراً الى أن لجنبلاط حضوره السياسي الأساسي، متحدثاً عن زيارة سيقوم بها رئيس الكتائب الى الرئيس نبيه بري قريباً.

ولفت الهبر في حديثه لـ «اللواء» بأن العنوان الأساسي لتحرك الرئيس الجميّل في اتجاه القيادات السياسية يقوم على إنقاذ عملية انتخاب رئيس جديد قبل انتهاء المهلة الدستورية، مؤكداً أن هذا التحرك يرتكز على إنقاذ الجمهورية من الشغور، من خلال خلق حالة حوارية بين مختلف القيادات لهذه الغاية، لا سيما وأن مركز رئاسة الجمهورية يعدّ أهم مركز دستوري، وهو بالتالي ليس منصباً عادياً، وأن حماية هذا المنصب هو واجب وطني بامتياز.

واعتبر الهبر أن وصول الرئيس الجميّل الى سدة الرئاسة الأولى يشكّل فرصة لتحقيق المصلحة الوطنية، مشدداً على أن قوى 14 آذار ستظل موحّدة أمام الحدث الرئاسي الوطني.

جعجع في بكركي

 على أن اللافت أن حراك الرئيس الجميّل، تزامن مع خطوة أشارت إليها «اللواء» أمس، وهي إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن استعداده لسحب ترشيحه لمصلحة مرشح آخر من قوى 14 آذار يحمل حدّاً مقبولاً من القناعات الموجودة في برنامجه الرئاسي، كاشفاً بأن هذا الأمر بحثه مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، عندما زاره أمس في بكركي، متجاوزاً كل المخاوف الأمنية التي تحول دون مغادرته معراب.

كما كشف بأن البطريرك سيقوم باتصالات لإقناع مقاطعي جلسات الانتخاب بحضور هذه الجلسات، متهماً الفريق الآخر بضرب اتفاق بكركي عرض الحائط من خلال مقاطعة الجلسات الى حد تعطيل الاستحقاق الرئاسي ككل. علماً أن الاتفاق يقوم على ترشح الجميع ومن يحصل على أعلى نسبة من الأصوات في مجلس النواب نسير به كرئيس

 للجمهورية، من دون أن يكون لبكركي مرشّح معين.

ولم يعرف ما إذا كانت خطوة جعجع تصب في مصلحة ترشيح الرئيس الجميل أو شخصية مسيحية أخرى، علماً أن هذا الترشيح لا بدّ أن يمر مسبقاً لدى قيادات قوى 14 آذار، التي كانت على علم منذ مساء الثلاثاء الماضي بالحراك الذي بدأه رئيس الكتائب، ويفترض ان تصب نتائجه هناك.

تجدر الإشارة إلى أن البطريرك الماروني، زار الرئيس سليمان في بعبدا، بعيد مغادرة جعجع، ولم يخرج لقاؤهما عن إطار التفاهم حول وجوب إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده وتفادي الوصول إلى الفراغ.

وأكدت مصادر مواكبة أن هذه النقطة بالذات شكلت محور اهتمام الرجلين، وهي لم تتبدل في أي وقت من الأوقات، مشيرة إلى أن الراعي سيظل يدفع في اتجاه إنجاز هذا الاستحقاق .

اما بالنسبة إلى زيارة البطريرك إلى القدس، فقد أوضحت المصادر نفسها أن هذه المسألة تعني البطريركية المارونية وحدها، وأن ما من شيء يُلزم البطريرك في هذا الصدد.

ولم تشأ المصادر التأكيد ما إذا كان رئيس الجمهورية نصحه بالعدول عنها أم لا، علماً أن جعجع أعلن رفضه للحملة التي تستهدف الزيارة، لافتاً إلى انه إذا كانت هناك خطوة ما تحتاج إلى تصويب، فان مجلس المطارنة الموارنة هو من يتخذها.

الفراغ الزاحف

 ومهما كان من أمر، فان الخوف من حصول فراغ في الرئاسة بدأ يداهم الجميع مع اقتراب المهلة الدستورية، واقتناع معظم النواب بأن جلسة الخميس لن تختلف عن الجلسات الثلاث التي طار فيها النصاب لانتخاب الرئيس، الأمر الذي بات يدفع الى التخوّف من أن يطول هذا الأمر ويبتعد عن شهر أيلول، ويصبح مصير المجلس النيابي الممددة ولايته على المحك، خصوصاً وأن هذا المجلس عاجز عن انتخاب رئيس بسبب الانقسام الحاصل داخله.

وثمّة من يطرح إزاء هذه الحالة ضرورة إجراء  انتخابات نيابية قبل تشرين الثاني، من أجل المجيء بمجلس جديد لا بد أن يكون ضمن معادلات مختلفة، يستطيع أن يقوم بانتخاب رئيس وفقاً لموازين القوى التي ستنبثق عن هذه الانتخابات، لكن وفق أي قانون إنتخابي ستجرى بموجبه الانتخابات، خصوصاً وأن عجز المجلس الحالي عن الاتفاق على قانون حتّم عليه تمديد ولايته حتى تشرين الثاني، وهل يستطيع هذا  المجلس الاتفاق على قانون خلال فترة شهر طالما فشل في ذلك على مدى خمسة شهور؟