من المنتظر ان تبدأ اللجنة النيابية التي كان شكّلها الاجتماع الاخير لفريق 14 آذار جولتها باتجاه الاطراف السياسية في قوى 8 آذار. في وقت قريب بعد ان تكون وضعت تصورها للمواضيع التي سيتم البحث بها، وبعد ان تكون حددت مواعيد مع القوى السياسية، بهدف البحث مع قيادات 8 آذار في المبادرة التي اطلقتها مؤخراً، والتي تدعو للتشاور في سبيل الاتفاق على مرشح توافقي على ان يسبق ذلك اعلان العماد ميشال عون سحب ترشحه للانتخابات على غرار ما فعل رئيس حزب القوات سمير جعجع.
بداية، كيف تنظر قوى 8 آذار لهذه المبادرة وهل هناك من حظوظ لها، وحتى لفتح «كوة صغيرة» في ازمة الانتخابات الرئاسية؟
وفق مصادر سياسية بارزة في هذا الفريق، فان هذه المبادرة استهدفت اصابة اكثر من عصفور بحجر واحد، وبالتالي استهدفت عدة اعتبارات منها:
اولاً: احراج العماد عون وتصويره كأنه هو المشكلة التي تعيق انجاز الاستحقاق الرئاسي، وفي الوقت ذاته اسقاط الاقتراح الذي كان تقدم به «الجنرال» والداعي الى اجراء تعديل دستوري للمادة 49 تفتح الباب امام انتخاب الرئيس من الشعب.
ثانياً: قطع الطريق على صيغة الرئيس الانتقالي التي كان يعمل لها النائب وليد جنبلاط واخرون، والتي كانت تلاقي قبولاً من بعض الاوساط الديبلوماسية الغربية. وتوضح المصادر ان طرح الرئيس الانتقالي لاقى قبولاً من بعض المحافل الدولية من بينها مساعد الامين العام للامم المتحدة جيفري فيلتمان، مع العلم ان فيلتمان لا يقوم باي تحرك خارجي الا بعد التشاور مع الخارجية الاميركية، وهو امر معروف من كل المطلعين على توجهات مساعد الامين العام للامم المتحدة.
وتشير المصادر الى ان اقتراح جنبلاط كان يسعى لانتخاب رئيس انتقالي لمدة سنة على ان يصار الى تشكيل حكومة جديدة، خلال هذه السنة تحصل الانتخابات النيابية، ومن يحصل على الاغلبية النيابية يستطيع تحديد شخصية الرئيس الجديد.
لذلك، فالسؤال الاخر، هل هناك حظوظ لهذه المبادرة؟
في معلومات المصادر ان قوى 8 آذار لن تسير بمبادرة 14 آذار، الا اذا وافق العماد عون عليها. لكن المصادر تعتقد ان «الجنرال» لن يقبل بها، وهو كان اعلن من خلال «تكتل التغيير والاصلاح» موقفاً بهذا الخصوص، لانه متمسك بموافقه من الاستحقاق الرئاسي ومضمونه، ان من حق الشخصية المسيحية الاكثر تمثيلا نيابياً وشعبياً الوصول الى سدة الرئاسة على غرار ما هو حاصل في الرئاستين الثانية والثالثة.
ولهذا ترى المصادر ان هذه المبادرة هي لقطع الطريق على اي توجه لا يتناسب مع رؤية 14 آذار، وبالتالي هي مجرد مبادرة لتقطيع الوقت بانتظار نضوج الظروف الاقليمية التي تسمح بالتوافق على شخصية الرئيس الجديد.
كما ان اوساط 14 اذار على قناعة بأن المبادرة لن تسلك طريقها للتطبيق. لكنها تعتقد ان فتح ابواب الحوار مع الفريق الاخر قد يساهم في تحقيق اكثر من هدف وانجاز، بدءا من تخفيف التشنج في الساحة الداخلية في ظل ما تواجهه البلاد من مخاطر، مروراً بفتح قنوات الحوار مع حزب الله وصولاً الى التوافق على اعادة العمل لمجلس النواب، خصوصاً ان ولاية المجلس اصبحت في نهايتها، وهذا يتطلب القيام بالخطوات المطلوبة حتى لا يمتد الفراغ الى مجلس النواب، مشيرة الى ان جدول اعمال البحث بين اللجنة النيابية والاطراف السياسية الاخرى سيكون مفتوحا على كل الاستحقاقات ولن ينحصر بالملف الرئاسي.
في كل الاحوال، تلتقي مصادر فريقي 8 و14 آذار على ان البلاد ليست على مسافة قريبة من انتخابات الرئاسة، بعد ان استحال التوافق الداخلي على الرئيس الجديد، وبالتالي فانجاز هذا الاستحقاق ينتظر نضوج المعطيات الاقليمية، وهو امر لا يبدو متوفراً قبل نهاية العام الحالي. وتجزم مصادر الطرفين بأن البلاد على مسافة قريبة من التمديد لمجلس النواب الذي ستبدأ خطواته العملية مع نهاية الشهر الحالي.