مجدداً… اخطأ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في تحديد البوصلة السياسية… تبرر 8 آذار كلامها هذا بالاشارة الى ان الرجل وجه راجمة صواريخه الكلامية المعتادة ضد «حزب الله» محملا وجوده في سوريا المسؤولية الكاملة عن النكسة اللبنانية بكل فصولها الاجتماعية والامنية والسياسية والدستورية بدل ان يقدم خارطة طريق واقعية ومنطقية لانتشال لبنان من ازماته وتحييده عن صراعات المنطقة… وعلى ما يقول هؤلاء فان خطأ ابن الشهيد رفيق الحريري في مقاربة الحقيقة يكاد يكون هو القشة التي قطعت الامل بعودته في مرحلة ما الى القواعد اللبنانية شريكا حقيقيا مع جميع الافرقاء… يضاف الى هذا الكلام مقاربته غير الواضحة للعدوان الاسرائيلي على غزة والارهاب الذي يضرب في لبنان والعراق وسوريا…
لا تتردد هذه القوى في القول بأن الحريري لم يرد من خطابه تقديم ما اسماه بالمبادرة… حتى أنه لم يكن هدفه استهداف «حزب الله» على اعتبار ان هذه اللغة في الحوار السياسي مع الحزب تكاد تكون من الاطباق اليومية على منابر تيار «المستقبل» رئيساً ونواباً وقيادات… أراد الحريري فقط اعادة الروح الى اتفاق الطائف… كانت رسالته واضحة بامتياز وعابرة لإيران وسوريا… إذ أن عرّابي الطائف ابلغوا المعنيين في لبنان والاقليم قبل ظهور الحريري في افطار الجمعة امتعاضهم من تجرؤ مسيحيين من طراز ميشال عون ومن خلفه تحالفاته اللبنانية والاقليمية على المساس بهذا الاتفاق…
على طريق الطائف… أوصل الحريري رسالته للداخل والخارج قاطعاً لهؤلاء حبل الوريد الرئاسي نهائيا عن عون، لكنه ومن قبيل تعبئة الوقت مر على الانتخابات الرئاسية ومارس الرمادية بإتقان على غير العالمين بخفايا الامور التي سبقت اطلالته. هنا تحديدا يلتقي «التيار الوطني الحر» مع باقي مكونات 8 آذار على ان الشيخ سعد تعمق اكثر هذه المرة في المواربة من خلال إخفاء الموقف الحقيقي عبر إعلان ما أسماه بمبادرة إنقاذ لبنان… هنا تحديدا ايضا يقول هؤلاء بان الشيخ سعد قدم مبادرة بلا رائحة او لون وتكاد تكون مجرد «كلام على ورق»…
اصحاب هذه المقولة من قيادات الصف الاول في 8 آذار يتسلحون بجملة اسئلة لتثبيت وجهة نظرهم:
اولا: ما هو الجديد الذي قدمه الحريري لتجنيب لبنان كأس الفراغ الرئاسي المر.. هل اعلن مثلا عن تخليه عن الدكتور سمير جعجع او حتى تسمية البديل الذي يحظى باجماع وطني؟
ثانيا: كيف يمكن ترجمة رفض الحريري التمديد للبرلمان… على اي اساس قدم هذه المقاربة لا سيما وانه مصر ونحن نتفق معه على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية بعد انتخاب الرئيس العتيد ؟
ثالثا : اذا كان الشيخ سعد يريد تفعيل خطة وطنية شاملة لمكافحة الارهاب تشمله طبعا فهل باستطاعته تنفيذ آلية سياسية معينة يمون عليها حسب اعتقادنا لمساعدة الدولة وحزب الله على تنظيف الحدود اللبنانية المشتركة مع سوريا من الارهاب والارهابيين؟
رابعا: ان المطالبة بخطة طوارئ لمواجهة النزوح السوري منطقية ولكننا نتساءل اذا كانت الخطة المطلوبة يمكن ان تمرر في طياتها في بلد مثل لبنان بندا لتوطين السوريين؟
خامسا: تبقى مسالة المطالبة بانسحاب «حزب الله» من سوريا اقله في المستقبل القريب بندا شبيها الى حد ما بمطالبة الحزب بالتنازل عن سلاحه؟