رسائل مدوية حملتها العقوبات للمسيحيين والعهد و«حزب الله»
لا يزال لبنان تحت وطأة تداعيات العقوبات الأميركية غير المسبوقة التي فرضتها وزارة الخزانة بحق رئيس «التيار الوطني الحر» ورئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل، بالنظر إلى ما حملته من رسائل مدوية في أكثر من اتجاه، لا يمكن للفريق المستهدف وحلفائه تجاهلها وصرف النظر عنها، باعتبار أنها إحدى حلقات مسلسل أميركي طويل يجري إعداده بدقة، ويشكل استكمالاً لإجراءات تنوي فرضها واشنطن على المتحالفين مع «حزب الله» والأذرع الإيرانية في المنطقة.
وتؤكد في هذا الإطار، أوساط مراقبة لمسار هذا المسلسل ل»اللواء»، أن «هناك قراراً أميركياً واضح المعالم وحتى إشعار، مع بداية مرحلة جديدة مع تغيير الإدارة، بعدم تمكين فريق الثامن من آذار من أن يفرض سيطرته على لبنان، أي بمنعه من أن يحكم البلد، وبالتالي فإن هذا المسار يهدف إلى الضغط على الفريق الذي يؤمن الغطاء ل»حزب الله». فالعقوبات السابقة استهدفت حركة «أمل» وتيار «المردة»، والآن جاء دور «التيار الوطني الحر» أيضاً، كمكون داعم ومظلل ل»حزب الله». ولذلك فإن الرسالة الأميركية مفادها أنه لا يمكن إخراج لبنان من الأزمة التي يمر بها، في حال استمر هذا الغطاء السياسي على الحزب، وأن لا أمل في الإنقاذ في ظل وجود «حزب الله» وحلفائه»، مشيرة إلى أن «الأميركيين ومن خلال هذه العقوبات أرادوا القول للفرنسيين أيضاً أن هذا هو السقف الذي يجب العمل عليه، وليس العمل من أجل ترتيب واقع سياسي يستفيد منه الفريق الحاكم على حساب مبدأ المسألة الكبرى المتعلقة بمفهوم السيادة ومحاصرة حزب الله».
وتشدد الأوساط، على أن «العقوبات التي فرضت على النائب باسيل تحمل في طياتها مجموعة من الرسائل الشديدة اللهجة، أولها لرئيس «الوطني الحر» نفسه، بأن أحلامك السياسية والرئاسية تبخرت وأصبحت من الماضي، بعدما أضحى الرجل معزولاً. أما الرسالة الثانية فهي لرئيس الجمهورية ميشال عون، باستهداف يده اليمنى، أي رئيس الظل إذا صح التعبير، وبما يشكله ذلك من انتقاد مباشر وقاس لأداء عون وسياساته. كذلك أراد الأميركيون القول لـ«حزب الله»، أن العقوبات ستطال كل حلفائك، ولن نترك لك حليفاً إلا ستطاله هذه العقوبات التي هي أيضاً بمثابة دعوة لـ«التيار الوطني الحر» لإعادة النظر في سياساته وارتمائه في أحضان «حزب الله» وحلفائه. كذلك فإن هناك رسالة للمسيحيين بتحذيرهم من أن أي تحالف خارج السياق التاريخي للثوابت المسيحية الوطنية، سيعرضهم لمخاطر ومهالك قد لا يتحملون نتائجها.
الولايات المتحدة رسمت سقفاً للتحرك الفرنسي في لبنان
وأشارت الأوساط، إلى أن «رئيس التيار»العوني» سيبحث عن مصلحته بعد الضربة الأميركية التي تلقاها، وبالتالي فإنه من المستبعد جداً أن يبتعد عن حليفه «حزب الله»، لأنه لا يستطيع إذا فعل ذلك أن يضمن موقفاً أميركياً مؤيداً له، فضلاً عن أن كل علاقاته الداخلية في وضع مأزوم، علاوة على أنه يواجه سلسلة أزماته داخل تياره. ولذلك فإن «حزب الله» برأي باسيل، القادر على منع إسقاط رئيس الجمهورية بالقوة، كما أنه الوحيد القادر على منع انتخاب رئيس للجمهورية ضد توجهاته، ما يعني أن رئيس «لبنان القوي» سيبقي على تحالف مع الحزب ولن يتخلى عنه مهما تعرض لضغوطات».
ورغم المأزق الذي تمر به مشاورات تأليف الحكومة، إلا أن «باب المفاجآت سيبقى مفتوحاً»، برأي الأوساط، وإن «كان فريق الثامن من آذار يعمل من أن يخرج منتصراً بعد العقوبات الأميركية الأخيرة، وتحديداً «حزب الله» الذي يقود هذا التوجه لمؤازرة حليفه «العوني»، في وقت لا يستطيع الرئيس المكلف سعد الحريري أن يكون رئيساً لحكومة يتباهى من خلالها العهد وحلفاؤه بأنهم سجلوا نقطة على حساب الأميركيين في هذه اللحظة، خاصة وأن لبنان بحاجة ماسة للمساعدات التي لا يمكن أن تتوفر في ظل تحد من هذا النوع. وإن كان «حزب الله» في الوقت نفسه الذي يعاني ظروفاً بالغ الصعوبة، يدرك أن الغاية من عقوبات واشنطن إرباك فريق الثامن من آذار، ما قد يدفعه ذلك إلى فك أسر التشكيلة الحكومية في لحظة ما».