لا تنسحب الشكوك المحيطة بقدرة الحكومة على إنجاز الإلتزامات المُعلنة في بيانها الوزاري لجهة الإنقاذ والتعافي من الإنهيار المالي وتوقيع برنامج تعاون مع صندوق النقد الدولي، على الإلتزام الأساسي المطلوب منها في الداخل والخارج، والمتعلق حصراً بإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها الدستوري في أيار المقبل. ويعود هذا الإنطباع لدى مصادر نيابية بارزة، إلى الضغط الدولي المتزايد على كل القوى اللبنانية من أجل تجاوز كل العراقيل المقصودة منها وغير المقصودة، للوصول إلى موعد الإستحقاق الإنتخابي بجهوزية كاملة، سواء على المستوى القانوني أو على المستوى اللوجستي أو على المستوى الأمني، مشيرةً إلى أن الإعلان عن تقديم الدعم المادي من قبل الأمم المتحدة في الأيام الماضية، وبالأمس من قبل الإتحاد الأوروبي، يعكس تصميماً على عدم السماح لأيّ تطور مهما كانت طبيعته ، بأن يؤخر الإنتخابات أو يؤدي إلى تأجيلها أو في أسوأ السيناريوهات، الذهاب نحو التمديد للمجلس النيابي الحالي.
ويبدو واضحاً، كما تؤكد المصادر النيابية، أن بعثة الإتحاد الأوروبي، التي أعلنت عن إرسال بعثة لمراقبة الإنتخابات النيابية المقبلة، قد حرصت على التأكيد من خلال إعلانها، على أن المستجدات المتسارعة على خطّ الأزمة الأوكرانية، لن تحول دون مواصلة التركيز من قبل الإتحاد الأوروبي على الوضع في لبنان، وبشكل خاص لجهة مواصلة التشديد والضغط لمنع تأجيل الإنتخابات النيابية، على أن يُترجم هذا التصميم، من خلال المساعدة على تسهيل العملية الإنتخابية عن طريق توفير قدر كبير من الدعم المالي والتقني والسياسي، وذلك منذ اللحظة الراهنة، وفق ما أعلنت بعثة الإتحاد بالأمس.
وبالتالي، فإن هذا الدعم لن يكون موسمياً أو مرحلياً على حدّ ما تكشف المصادر النيابية نفسها، والتي تذكّر بالدور الأوروبي الذي سُجل في استحقاقات إنتخابية سابقة، حيث دعم الإتحاد الأوروبي كل المحطات النيابية في الأعوام 2005 و2009 و2018. وعليه ، ستكون إنتخابات العام 2022، المحطة الرابعة التي ينشر فيها الإتحاد بعثةً لمراقبة الإنتخابات في كل المناطق اللبنانية، بهدف تعزيز العملية الديموقراطية على المستوى الداخلي، وتعزيز الثقة على المستوى الخارجي، بقدرة لبنان على تجاوز كلّ أزماته عبر إجراء انتخابات ديموقراطية تمّهد نحو الإنطلاق لمرحلة جديدة من العمل السياسي المرتكز على تنفيذ الإصلاحات الجدية والحقيقية في كل المجالات.
ولذلك تتوقع المصادر النيابية، أن تبدأ الإستعدادات العملية للإستحقاق، ومن وزارة الداخلية، التي سوف تعمل بالتنسيق مع بعثة الإتحاد الأوروبي، ومجموعة المراقبين الذين سيصلون إلى بيروت، إعتباراً من شهر آذار المقبل، من أجل تغطية ومتابعة مختلف جوانب التحضيرات للعملية الإنتخابية، في الشهرين اللذين يسبقان الإنتخابات، وصولاً إلى مواكبة العملية في أيار ، حيث سيعمل نحو 80 مراقباً على الإنتشار في المراكز الإنتخابية لمراقبة عمليات الاقتراع والتصويت والفرز، وهو ما أعلنه البيان الصادر عن الإتحاد، والذي كشف فيه عن أن هذه المتابعة ستشمل عمليات التصويت في الخارج في عدد من البلدان التي تتواجد فيها أعداد كبيرة من المنتشرين اللبنانيين.
وتلفت المصادر النيابية البارزة إلى اعتبار الإنتخابات المقبلة، محطةً واختباراً لكل القوى اللبنانية كما للحكومة على وجه الخصوص، من أجل توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، تُعلن فيها القدرة على الإلتزام بالإستحقاقات الدستورية، وبالتالي على نقل الساحة اللبنانية من ضفّة الأزمات والإنهيار إلى ضفة التعافي والانقاذ.