لليوم الثاني على التوالي يواصل أساتذة الجامعة اللبنانية إضرابَهم التحذيري في الكليات والمعاهد وفروع الجامعة كافة، فيما يُلازم 80 ألف طالب منازلهم. «الإضراب 3 أيام، ولكن، مرشّح لأن يتحوّل إلى مفتوح»، وفق ما أكّده مصدر خاص لـ«الجمهورية»، مشيراً إلى أنّ «السبب الرئيس لتصعيدهم هو سياسة التطنيش والتجاهل في التعاطي مع الأساتذة والجامعة على حدٍّ سواء».
إلى ساحة رياض الصلح دُرّ. بعدما اكتفى الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية في اليوم الأول من الإضراب بالحضور إلى الكليات والإعتكاف عن التدريس، دعت رابطة الأساتذة المتفرغين في اجتماعها أمس إلى الاعتصام في ساحة رياض الصلح عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم بالتزامن مع إنعقاد جلسة مجلس النواب، عسى أن تُدرج مطاليبُهم من خارج جدول أعمال الهيئة العامة للمجلس.
في الكواليس
يحار الأساتذة من أين يبدأون بتعداد لائحة مطاليبهم، ما بين منحهم 3 درجات، أم إضافة خمس سنوات على خدمتهم، أم رفع موازنة صندوق التعاضد وتحديث آليات التعاقد مع المستشفيات، أم تعيين عمداء جدد وغيرها من المطالب التي يصفونها بـ«المُحقة».
في هذا السياق، يؤكّد مصدر خاص لـ«الجمهورية»: «أنّ الأساتذة لطالما تعاطوا بإيجابية، مع المسؤولين سواءٌ وزير التربية أو رئيس الجامعة وتريّثوا بالإضراب في السنوات المنصرمة، واليوم هم ملّوا الوعود، وتبيّن لهم أنّ الدولة لا تصغي إلّا إلى مَن يرفع الصوت عالياً، فيما مَن عضّ على الجرح وصبر تُوضع مطاليبُه في الثلاجة».
أكثر ما زاد الطين بلّة وسرّع في عودتهم إلى الإضراب، هو الوعود الفارغة التي أُغدقت عليهم، أبرزها إعتبار انّ درجاتهم ودرجات القضاة ستأتي سلّةً واحدة.
فمنذ تسعة أشهر أُرسل اقتراحُ القانون المعجّل المكرّر الذي اقترحه وزير التربية السابق مروان حمادة ووقّعه نواب من الكتل النيابية كلها، والذي يقضي بإعطاء ثلاث درجات للأساتذة، وسجّل اقتراح هذا القانون في مجلس النواب تحت الرقم 206/2018 تاريخ 2/5/2018 ولم يُدرج حتى الآن على جدول أعمال أيِّ جلسة لمجلس النواب، ذلك رغم تطمينات كانوا قد تلقّوها بأنّ أيَّ زيادة تُعطى للقضاة سوف تقترن بزيادة مماثلة لأساتذة الجامعة اللبنانية، على اعتبار أنّ القضاة والأساتذة هما الفئتان الوحيدتان اللتان استثناهما قانونُ السلسلة 46/2017. ومع انعقاد مجلس النواب في نيسان 2018 أقرّ ثلاث درجات للقضاة واستثنى الأساتذة.
ثمّ واصل المجلس جلساته من دون إدراج اقتراح القانون على جدول أعماله، ما اعتبره الاساتذة إستهدافاً مباشراً لهم ووجدوا أنفسهم الفئة الوحيدة التي لم تطلها أيُّ زيادة، وأنّ سلسلتهم باتت في أدنى السلاسل نسبياً.
في هذا الإطار، يوضح المصدر: «حصل القضاة على 3 درجات فأصبح أقلّ فرق بالراتب مع الجامعيين 1،200،000 ليرة ولم يبقَ إلّا أساتذة الجامعة الذين تمّ استنثناؤهم من آلية الزيادة، وهم متفرغون تماماً، فيما أساتذة التعليم الثانوي والقضاة يقومون بالتدريس خارج أماكن عملهم، علماً أنّ قضية الثلاث درجات سبق ووافق عليها نواب من كل الكتل النيابية في يوم التضامن مع «الجامعة اللبنانية» العامَ المنصرم، لذا المطلوب من الكتل التي وقّعت أن تحترم إمضاءَها».
ويتابع مؤكداً «أنّ مطالب الاساتذة ليست مادية صرف، وبعضها غيرُ مكلف للدولة كإقرار مشروع قانون إضافة خمس سنوات على سنوات خدمة الأستاذ الذي لا تصل خدمته الى 40 عاماً». ويقول: «في شتى الأحوال عدد الاساتذة لا يتجاوز الألفين «ما رَح يكسرو الدولة».
وما يحزّ في نفس هؤلاء الأساتذة أنّ السلسلة التي أُعطيت لهم في العام 2011 بالقانون 206/2012، لم تلحظ سوى زيادة 38% بعد أن تمّت زيادة 75 ساعة تعليم على نصاب الأستاذ. بينما راوحت الزيادات في السلاسل الأخرى التي أُقرَّت عام 2017 في القانون 46 ما بين 120 و200%.. كما أنّ المتفرغين لا يحقّ لهم العمل خارج الجامعة بعكس كل باقي العاملين في القطاع العام. فالقضاة وموظفو الفئة الأولى يسمح لهم بالتعليم 120 ساعة سنوياً في الجامعات.
الموظفون من الفئات الأخرى يُسمح لهم بالتعليم 160 ساعة سنوياً. أساتذة التعليم الثانوي والمهني والتقني ومعلّمو التعليم الأساسي يُسمح لهم بالتعاقد 10 ساعات أسبوعياً في التعليم العام أو الخاص.
وللتفرّغ حصّة
بين رزمة المطالب التي يتمسك بها الأساتذة المتفرغون، لم يسقط من حسابات الرابطة ملفّ التفرغ، فيؤكّد رئيس الرابطة الدكتور يوسف ضاهر «أنّ الإضراب حُدد بعد طول انتظار وعدم تحقيق الوعود بشقيها الإداري والاجتماعي ولعدم إدراج أهم مطلبين مزمنين وملحَّين للأساتذة على جدول أعمال جلستي مجلس النواب المزمَع عقدهما اليوم وغداً (6 و7 أذار)، وهما: مشروع قانون إضافة خمس سنوات على سنوات خدمة ومشروع قانون معجّل مكرّر الخاص بالدرجات الثلاث، بالإضافة إلى إدخال المتعاقدين المستوفين الشروط إلى التفرّغ وإدخال المتفرغين إلى الملاك».
دعمٌ سرعان ما تلقّفه المتعاقدون الذين يستعدون اليوم للمشاركة في إعتصام الرابطة، وفي هذا الإطار، يوضح عضو لجنة الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية الدكتور يوسف سكيكي في حديث لـ«الجمهورية»: «سنشارك في الاعتصام لأنّ الأستاذ بات شبهَ مهان وملف التفرّغ شبهَ منسي بين المدّ والجزر، لذا سنكون أوّل المشاركين لوضع حدٍّ للإجحاف بحقنا».
ويضيف: «وُعدنا خيراً من الرابطة في إعادة قضية التفرّغ إلى الضوء ومن خلال أيِّ نقاش سيُثار مع المعنيين حول الجامعة اللبنانية».
ختاماً متى تُدرك الدولة أنّ الاستثمار في التعليم هو ربحٌ صرف، وأنّ جيشها الثاني هو طلاب الجامعة اللبنانية رغم ما يعصف بهذا الصرح من تحدّيات؟