… أخيراً أُسدلت الستارة عن شبكة لـ»داعش» عملت لتأمين منفذ بحري في الشمال، ضبَطها الأمن العام وأحبَط مخطّطها الرهيب وسلّم أفرادها إلى القضاء المختصّ، حيث أصدرت المحكمة العسكرية في أيار الجاري حكمها على اثنين من أفراد الشبكة بالسجن تسع سنوات.
كانت «الجمهورية» قد تفرّدت بالكشف عن مخطط «داعشي» لتأمين منفذ بحري للتنظيم الإرهابي، في تحقيق خاص نشرَته في عددها الصادر يوم الاثنين 6 تموز 2015.
في التفاصيل، تمكّنت المديرية العامة للأمن العام خلال شهر كانون الأول 2015 بعد عمليات رصدٍ دقيقة ومعقّدة، من توقيف شبكة لتنظيم «داعش» في لبنان، كانت تسعى إلى تأمين منفذ بحري شمالاً يربط مجموعات التنظيم الإرهابي بعضها ببعض من لبنان إلى سوريا.
والموقوفان هما لبنانيان كانا يُخطّطان لتأمين منفذ بحري لتنظيم «الدولة الإسلامية» في منطقة العبدة في الشمال، وتحديداً عند بلدتَي الراما والبترول، وللقتال مع مجموعات جرى تدريبها وتحضيرها مسبقاً، إلى جانب المسلحين عند دخولهم منطقة عكار لتأمين وصولهم إلى البحر.
كذلك، كشفَت التحقيقات تورُّط الموقوفين، على الأراضي اللبنانية منذ العام 2012، في إعداد متفجّرات ونقلِ أسلحة وتجنيد مسلحين لبنانيين وسوريين لصالح «داعش»، وتسهيل مهمّاتهم اللوجستية، مِن توفير أسلحة وتدريب، وتأمين عملية الانتقال عبر بلدة عرسال من لبنان إلى سوريا، وبالعكس، وكذلك استهداف الجيش اللبناني عبر إطلاق النار على إحدى ثكناته، وعلى حاجز للجيش عند مدخل بلدة الراما.
اللافت أنّ اللبنانيين (ع. خ. م، 28 عاما) من وادي خالد، و(ب. س. ف، 25 عاماً) من بلدة الراما، اضطلعا بالعمل المباشر مع فصائل مسلّحة في سوريا منذ اندلاع الثورة عام 2011، وقد تنوَّعت ارتباطاتهما بالتنظيمات، من «جند الشام» إلى «كتائب الفاروق» و»كتيبة المجاهدين»، قبل أن يُبايعا، كلٌّّ على حِدة، « تنظيمَ الدولة».
الأوّل ـ أي (ع.خ.م) ـ انتسَب إلى التنظيم الإرهابي عبر مبايعة الثاني الذي يَصغره سنّاً بثلاث سنوات، حيث كان الأخير يُسمّى «الأمير الشرعي» لبلدة الراما، وهو الذي كلّف الأولَ بإنشاء مجموعات لبنانية وتدريبها على تجهيز العبوات الناسفة، تمهيداً لاستهداف الجيش مع دخول «داعش» إلى لبنان وبغرض تأمين منفذ بحري عند بلدتَي الراما والبترول.
واتّخذ «أمير» بلدة الراما (ب. ف) من منزل نظيره في وادي خالد «الأمير الشرعي» (م. ص) مستودعاً للأسلحة والذخائر قبل نقلِها إلى سوريا. وفي الأثناء ركّز عملَه على التعبئة والتحريض، ونجح في تجنيد قاصِر وتطويعِه لتنفيذ عملية انتحارية ضدّ دورية للجيش اللبناني في المنطقة.
كما هاجم دورية للجيش مستهدفاً آمرَها وعناصرَها قبل أن يفرَّ إلى منطقة الجرود، ليعود بعدها ويستهدف ثكنة الجيش في الراما بنيران أسلحة رشّاشة، ثمّ إطلاق النار لاحقاً من مسدّس حربي على حاجز للجيش عند مدخل البلدة، والعمل على إزالة يافطات كانت مرفوعة في مناسبة عيد الجيش.
ووسّع (ب.ف) من مهمّاته، حيث عمل مع (م.ع.ص) على تشكيل مجموعات أخرى مهمتُها مساعدة «داعش» بهدف تأمين وصولها إلى لبنان والقتال إلى جانبها وصولاً الى المنفذ البحري. وبحسب معلومات خاصة لـ»الجمهورية»، فإنّ «أمير الراما» عملَ على رصدِ شبكة مخبري الجيش والقوى الأمنية، لاعتقالهم وتصفيتِهم مع بدء «داعش» هجومَها، وتحديداً في الراما والبترول.
أمّا (ع.م) فقد تنوّعت مهمّاته في المجالات الأمنية والعسكرية واللوجستية خلال وجوده في سوريا إلى حين عودته إلى لبنان عام 2013، حيث بدأ بشِراء مادة الـ «TNT» الشديدة الانفجار، وجهّز عبوات ناسفة باعَها لتنظيم «جند الشام» عبر لبنانيين وسوريين، فضلاً عن تصنيعه في العام 2014 أحزمةً ناسفة زِنة الواحد منها خمسة كيلوغرامات.
وعلمت «الجمهورية» أنّ المحكمة العسكرية الدائمة أصدرت قبل أيام حكماً وجاهياً بحق المذكورَين قضى بسجنهما تسع سنوات.