Site icon IMLebanon

90% من حشائش لبنان مُشبعة بمياه المجارير

يبدو أن طبق «التبّولة» الشهير، والذي يكاد يكون أحد عوامل الجذب السياحي في لبنان، مشبّع بالمياه الآسنة الناتجة عن المجارير. هذه هي الخلاصة التي يمكن استنتاجها، بعد المعلومات الخطيرة التي كشفتها احدى الشركات الالمانية.

وكأن التلوث البيئي الذي تسببه النفايات القابعة في بؤر سميّت «مطامر» لا تستوفي أدنى شروط المعالجة الصحية المطلوبة، لا يكفي، حتى يُضاف اليه اليوم التلوث الذي يطاول مائدة المواطن وتحديداً الخضار.

كشفت احدى شركات المراقبة الالمانية التي استقدمها مشروع lebanese and safe الزراعي، بعد ان اجرت فحوصات مخبرية لمياه الري في مختلف الاراضي اللبنانية، ان اكثر من 90 في المئة من مزروعات الحشائش ( بقدونس، فجل، جزر، نعنع ….) تحتوي على مياه مجارير وعلى معادن ثقيلة metolor لا يمكن القضاء عليها حتى بالغسيل المنزلي او التعقيم، وهي مصدر رئيس للامراض السرطانية والمعوية.

كيف وصلت المجارير الى الخضار؟

في بلد لا يعير أي أهمية للبنى التحتية والانهر والسواقي، الجواب على السؤال بسيط: تصبّ مخلفات ومجارير كافة المنازل والمصانع والمستشفيات الواقعة في مناطق قريبة من الانهر والسواقي، في مياه تلك الانهر والسواقي. على سبيل المثال لا للحصر، تصب مجارير بعض أحياء تنورين في مياه نهر الجوز بالاضافة الى بعض الضيع التي تصل مجاريرها الى هذا النهر أيضاً. وتستعمل مياه نهر الجوز لريّ الحوض الزراعي الواقع الى جانبه.

كذلك الامر بالنسبة لنهر عرقا في عكار، ونهر الليطاني في البقاع وغيرها من الانهر. وقد تفاقم هذا التلوث اليوم مع وجود أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري يتواجد معظمهم على ضفاف تلك الانهر، وتصبّ مخلفاتهم من مجارير وغيرها في تلك الانهر التي تُستعمل مياهها لريّ المزروعات.

لم يكتف بعض المزارعين بهذه النسبة من التلوث والبكتيريا الموجودة في مياه الانهر، بل ان بعضهم يعمد بالاضافة الى ذلك، الى غسل الحشائش قبل بيعها، بمياه مجارير خالصة، حيث عمد البعض في مناطق البقاع، الى وضع مضخات على بؤر المجارير، واستخدامها لريّ المزروعات.

هذه المشاهدات والنتائج الكارثية دفعت الشركة الالمانية، بعد ان رأت بالعين المجرّدة ما تحتويه مياه الري من جراثيم ومجارير لم تشهد لها مثيلا، الى رفض اعطاء شهادة مطابقة للمواصفات، لأي نوع حشائش في لبنان.

الحويك

في هذا الاطار، كشف رئيس جمعية المزارعين في لبنان أنطوان الحويك لـ»الجمهورية» ان كافة مجاري الانهر والينابيع والآبار التي تتغذى من تلك الانهر، تصب فيها مجارير القرى سواء كانت منزلية، صناعية او مجارير المستشفيات.

واوضح ان الاخطر من ذلك ان اكثر من 90 في المئة من الحشائش يتم غسلها قبل توزيعها على الاسواق، بمياه مجارير تؤدي الى ترسّب البكتيريا ومادة الـmetolor في داخلها، وهذه جميعها تسبب امراضا سرطانية ومعوية.

وشرح ان المزروعات الاخرى مثل الفواكه يتم ريّها ايضا بمياه ملوثة إلا ان المياه الملوثة عندما تصل الى ثمرة الفواكه تكون قد طهرت نفسها بنفسها. اما بالنسبة لانواع الخضار الاخرى باستثناء الحشائش التي تؤكل مباشرة طازجة، فان التلوث في داخلها يزول عند طبخها.

وفيما شرح الحويك ان هدف مشروع lebanese and safe انتقاء المنتجات الزراعية التي تروى بمياه ري او شرب نظيفة من دون ترسبات كيمائية، قال:

نبحث منذ 8 أشهر عن حشائش نظيفة خالية من مياه مجارير، ولم نجد سوى 13 مزارعا في لبنان يستخدمون مياها نظيفة صالحة لري وغسل الحشائش.

أضاف: وبما ان الحشائش تزرع عادة على ضفاف الانهر، تبيّن لنا ان معظم المناطق الزراعية خصوصا التي تنتج الحشائش، تروي مزروعاتها من مياه الانهر الملوثة اضافة الى انها تغسل الحشائش قبل بيعها للمستهلك بمياه المجارير.

وأشار الى ان الفحوصات المخبرية التي أجراها على المياه المستعملة في الزراعة وعلى الترسبات على الثمار أظهرت ان المياه المستعملة في غسيل الحشائش هي مياه ملوثة بالمجارير والنفايات السائلة والسامة للمنازل والمصانع والمستشفيات، مما يفيد ان معظم المنتجات الزراعية الموجودة في الاسواق اللبنانية تحمل معدلات عالية من الترسبات الكيميائية. كما بيّنت الفحوصات وجود مبيدات زراعية لا يُسمح باستعمالها في عيّنات من المزروعات.