قد يظن البعض أنّ القرار الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود هو قرار سهل وبسيط، فهؤلاء لا يعرفون المملكة العربية السعودية ولا يعلمون أنه قبل ظهور النفط كم كانت الحياة صعبة وكم كانت ظروف الطقس قاسية وشبه مستحيلة، وكانت تلك البلاد تعاني من الفقر الشديد بسبب عدم وجود مداخيل للدولة لا زراعة ولا تجارة ولا صناعة… وبالكاد بعض الحجاج الذين كانوا يأتون من أجل مناسك العمرة أو لتأدية فريضة الحج.
لذلك فإنّ الحكم في تلك البلاد صعب وعلينا أن نتذكر أنّه من تلك البلاد جاء أسامة بن لادن، وجاءت ظاهرة الجهيمان الذي احتل الحرم الشريف وكان يريد إقامة إمارته الاسلامية المتطرّفة هناك.
انطلاقاً مما ذكرنا فإنّ القرار الأول الذي اتخذ في عهد المغفور له الملك فيصل المؤسّس الحقيقي للدولة السعودية هو أن يُسمح للمرأة بالدخول الى المدارس والجامعات وكان ذلك قراراً جريئاً جداً نفّذه المغفور له الملك فهد بن عبد العزيز الذي كان يومها وزيراً للمعارف.
من ناحية أخرى فإنّ “المطاوعة”، الذين يشكلون قوة حقيقية مع رجالات الدين، ليس بالسهل أن يتقبّلوا قرار السماح للفتيات بالدخول الى المدارس ولا السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة.
كذلك وكما تفيد الدراسات، ومن الناحية الاقتصادية، فإنّ قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة سوف يوفّر على الخزينة 20 مليار ريال سعودي ما يعادل 5 مليارات دولار.
نعود الى الموضوع الديني وللذين يعرفون المملكة ويعرفون صعوبة تقبّل مثل هكذا قرار ليس عند رجالات الدين بل عند الرجال وعقلية الرجال السعوديين، يعلم كم هذا القرار يحتاج الى رجالات من قياس الملك سلمان الذي يفرض احترامه ومحبته على جميع شعبه وأهله خصوصاً أنّ الملك سلمان عندما كان أميراً للعاصمة الرياض كان يحضر الى مركز الإمارة قبل الموظفين أي قبل دوام الساعة الثامنة صباحاً، وكان لا يترك معاملة إلاّ ويعطي رأيه فيها، ولم يكن يرد أي مراجع مهما كان غنياً أو فقيراً، وكان مثالاً للحاكم العادل القوي والمحبوب.
لذلك، اتخاذ قرار في بلد صعب مثل المملكة وبوجود ظروف صعبة عند بعض المواطنين ليس بالعمل السهل، ومن هنا فإنّ الذين يظنون أنّ قراراً مثل قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة شيء عادي فهؤلاء لا يعرفون المملكة ولا يعرفون أهلها.