يستفيق اللبناني اليوم على أزمة خبز. فالقمح مقطوع في 6 مطاحن من اصل 11 وقد أعلنت نقابة المطاحن الاقفال الى حين إعادة العمل في المطاحن المتوقفة. أما الطحين الموجود حالياً لدى الافران، إذا توفّر، فهو كل ما تملك ويكفيها لحاجة يوم او يومين اي الى السبت في ابعد تقدير. ونظراً لهذه الأزمة لن يوزّع الخبز اليوم في السوق وسيتوفر فقط في الافران.
في لبنان لا يوجد أزمة واحدة إنما أزمات، ولا يوجد أزمة جديدة انما أزمات متجددة. وعلى غرار ما كان يحصل مع المحروقات والطوابير امام المحطات خوفاً من فقدانها كذلك الامر بالنسبة الى الخبز حيث شهدت بعض الافران عصر امس هجمة من المستهلكين خوفاً من انقطاعه. أما مشهدية الطوابير امام الافران فستتفاقم اليوم لأن الخبز سيتوفر في بعضها ويغيب عن بعضها الاخر خصوصا بعد اعلان المطاحن التوقف عن العمل.
كل هذه الأزمات ترتبط بعنصر مشترك الا وهو تأخّر المصرف المركزي عن فتح الاعتمادات لها خصوصا السلع التي لا يزال يدعمها، وقد فاقمَ الازمة رفض مصرف لبنان فتح اي اعتماد للدولة اذا لم توافق الحكومة على توقيع عقد استقراض مع مصرف لبنان والذي يقضي بتولّي المصرف المركزي دفع المبلغ المطلوب إقراضه للحكومة بالدولار الأميركي، مقابل تعهّد الأخيرة بسداد القرض مع الفوائد المترتبة عليه من إيرادتها بالعملات الأجنبية على شكل أقساط سنوية لمدة لا تتجاوز العشر سنوات.
وفيما يشترط المركزي توقيع هذا العقد لتمويل شراء الاحتياجات الاستهلاكية مثل كل ما يتعلق بالأمن الغذائي والصحي من قمح وطحين وأدوية الأمراض المستعصية والمزمنة وغيرها، أحالت الحكومة مؤخراً مطلب «عقد الاستقراض» المستجد هذا إلى هيئة التشريع والاستشارات، وبما انّ الحكومة ترفض توقيعه قبل صدور رأي الهيئة فهذا يعني ان الازمة المتجددة قد تطول والأكيد انها لن تكون الاخيرة.
الى ذلك، بعد عدة مناشدات من اصحاب المطاحن بضرورة فتح الاعتمادات لتأمين حاجة السوق من القمح وبعد توقّف 6 مطاحن عن العمل وعجز بقية المطاحن عن تلبية حاجة السوق، أعلن تجمع أصحاب المطاحن في بيان إثر اجتماع طارئ عقده امس «التوقّف عن العمل حتى إعادة العمل في المطاحن المتوقفة». وأكد البيان ان المطاحن امام أزمة نقص في مادة القمح في الفترة الراهنة، مما يدفعها لاستعمال الحنطة المخزّنة لديها لتأمين الطحين للأفران لصناعة الرغيف». وكان قد سبق هذا القرار تحذير اتحاد نقابات المخابز والافران في لبنان من انّ النقص في تسليمات الطحين من المطاحن وتوقّف عدد من الأفران عن انتاج الخبز سيؤدي الى ازمة خبز.
هذه التحذيرات اصبحت واقعاً، لأنّ لبنان يدخل اعتباراً من اليوم في أزمة خبز من المتوقع ان تشتد نهاية الاسبوع اذا لم يفتح مصرف لبنان الاعتمادات اللازمة لدخول القمح.
الأزمة تبدأ اليوم
وفي هذا السياق، أكد رئيس نقابة أصحاب المطاحن أحمد حطيط أنه اعتباراً من اليوم تبدأ أزمة الخبز. وقال لـ»الجمهورية»: مشكلتنا الاساسية ترتبط بمخزون القمح المتوفر لدى المطاحن فالبعض لديه مخزون يكفي شهرا ولدى البعض الاخر 15 يوما فيما بعض المطاحن توقّفت عن العمل لأنّ مخزونها انتهى، والمشكلة اننا نتحدث عن المطاحن الكبرى في البلد ما يعني انّ تأثير إقفالها يكون كبيرا وواضحا في السوق.
وشرح انه لا يمكن جَمع كل المخزون المتوفر بالبلد والقول ان لدينا من القمح ما يكفي شهراً، لأن لا يمكن لأيّ مطحنة ان تكون بديلاً عن غيرها، فلكل مطحنة طاقة إنتاجية محددة بحيث إذا كانت تنتج نحو 200 طن من الطحين يومياً لا يمكنها رفع قدرتها الانتاجية الى 500 طن لتغطّي النقص الناجم عن توقف العمل في بقية المطاحن.
وكشف انّ نصف المطاحن الكبرى ما عاد لديها أي مخزون من القمح المدعوم والبواخر وصلت وترسو في المرفأ، الا ان مصرف لبنان لم يفتح لها الاعتمادات بعد.
وأكد حطيط ان الازمة تطاول كل المناطق على السواء إنما قد تشتد في مناطق أكثر من غيرها بحيث من المتوقع ان يكون الخبز مفقوداً في الضاحية أكثر من غيرها من المناطق. كذلك لا يمكن القول ان لا خبز في السوق اليوم لأنّ ذلك يرتبط بمخزون كل فرن من الطحين فمَن ينتهي مخزونه يتوقف عن العمل، على ان الازمة تطل برأسها اعتباراً من اليوم وتشتد في الايام المقبلة. وقال: اذا لم تحوّل الاموال الى البواخر ودخلنا نهاية الاسبوع فهذا يعني ان الازمة ستستمر حتى يوم الاثنين، لكن ليس هناك أي فرن لديه مخزون من الطحين يكفي لثلاثة ايام.
الخبز موجود في الافران حصراً
من جهته، أكد نقيب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف لـ»الجمهورية»: اليوم سيكون الخبز متوفرا داخل الافران الا ان التوزيع في السوق لن يكون كافياً وكالمعتاد، لافتاً الى أن غالبية الافران تعاني نقصاً في المخزون لذا سيقتصر البيع داخل الفرن.
ولدى سؤاله اذا كان الخبز سيتوفّر في كل المناطق على السواء؟ قال: نأمل ذلك إنما الامر مرتبط بمخزون كل فرن لأنّ المشكلة الاساسية هي لدى المطاحن وليس الافران.
ورداً على سؤال قال سيف: انّ مخزون بعض الافران يكفي ليومين او ثلاثة كحد أقصى، لكن بالتأكيد هناك أزمة والازمة ستشتد إذا تأخر مصرف لبنان بفتح اعتمادات القمح أكثر من يومين.