«هذا المبنى القائم على العقار 1089 – الدكرمان متصدّع وآيل إلى السقوط، يُطلب من جميع قاطنيه إخلاؤه فوراً»، لافتة كبيرة رفعتها بلدية صيدا على مبنى «بدير وحمدان»، الواقع في محلة البوابة الفوقا في المدينة، والمهدّد بالإنهيار فوق رؤوس عشرات المواطنين الذين يقطنونه بفِعل التشقّقات والتصدّعات الكثيرة، وخاصة منها في الأساس والطوابق الأرضية.
وتأتي لافتة البلدية بمثابة تحذير عاجل، بعدما أنذرتهم عدّة مرات على مرَّ السنوات السَّت الماضية من دون أن تلقى إستجابة لأسباب مختلفة، وعقب تعميم أرسلته وزارة الداخلية والبلديات وطلبت فيه من البلديات كافة إجراء مسح شامل بعدد المباني المتصدّعة والآيلة للسقوط في نطاقها، على أبواب فصل الشتاء والأمطار الغزيرة، لتنبّه قاطنيها قبل وقوع كارثة جديدة.
بالمقابل، قاطنو المبنى المؤلّف من 8 طوابق، ويضمّ كل طابق 3 شقق، إضافة إلى محال تجارية وعيادات طبية وسكانه لبنانيون وفلسطينيون ونازحون سوريون، يجازفون بحياتهم مع عدم توفر البديل السكني والايجارات المرتفعة في ظلّ الأزمة المعيشية الخانقة، ويؤكّدون أنّهم يفضّلون الموت على البقاء في العراء «لأنّ ايجارات الشقق نار»، وهم على الإيجار القديم. وأوضح رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لـ»نداء الوطن» أنّ رفع البلدية هذه اللافتة «هو إشعار وإنذار أخير بضرورة إخلاء المبنى، نحن لا نستطيع إجبارهم على ذلك بالقوة، ولكن من واجبنا تنبيههم مجدّداً إلى خطورة المكوث فيه لأنّه غير صالح للسكن على أبواب الشتاء وتفادياً لحصول كارثة، لا سمح الله بسقوطه على قاطنيه». وأضاف «قبل عامين تحرّكت البلدية والهيئة العليا للإغاثة تجاه هذا المبنى بعدما كشفت عليه الدائرة الهندسية وعلى التصدّعات الكبيرة، وخلصت الى ضرورة القيام بتحرّك عاجل لجهة تدعيمه وترميمه خصوصاً طوابقه السفلية حيث ظهر الحديد والصدأ والتشقّقات اتّسعت، فدفعت الهيئة للسكان بدل إيجار من أجل ترميمه وتدعيمه وصيانته ولكن للأسف لم يتجاوب الجميع وبقي على حاله حتى أصبحنا نخشى عليه من الانهيار فجأة». ولفت الى أنّه «لا سلطة للبلدية على السكّان لإجبارهم على الإخلاء، وإنما تنذرهم وهي تدرك أنّ الاوضاع المعيشية والاقتصادية صعبة واستئجار شقق بديلة أمر مكلف ولكنّه يبقى أهون الشرّين من الانهيار والموت».
يفضّلون الموت
في الأفق لا تلوح بوادر حلول قريبة أو حتّى تسوية مقبولة، فالمشكلة هي مع المستأجرين والإيجارات القديمة، يرفضون الإخلاء لأنّ البحث عن بديل صعب للغاية، بينما مالكو الشقق غير مستعدّين لإنفاق أموالهم لترميم شقق مقابل ايجارات قديمة، وربّما يفضّلون هدم المبنى وهذا أوفر لهم.
ويقول أحد سكان المبنى: «ما بضهر من بيتي حتى ولو هبطت البناية، يتفضّلوا يأمّنوا لي مسكناً بديلاً. بحثت عن منزل آخر، لكنني وصلت الى حائط مسدود، ايجارات الشقق نار وباتت بالدولار وأفضّل الموت في بيتي ولا أن أتشرّد»، مشدّداً على أنّ المبنى بحاجة إلى ترميم، وكلفته تفوق عشرات آلاف الدولارات و»المشكلة هي عدم قدرتنا على تأمين هذا المبلغ». ووفق مسح البلدية، فإنّ هذا المبنى يعتبر الوحيد في صيدا المهدّد بالإنهيار إلى جانب مبنى آخر في عبرا، بينما المباني الأخرى في المدينة لا مشاكل فيها وإن كان كثير منها يعاني من النش والتشقّق البسيط، بينما المنازل في «البلد» – صيدا القديمة، لها وضع مختلف، إذ تعاني العشرات فيها من التشققات والتصدعات ولكنها بحاجة إلى ترميم وإعادة صيانة.