بالرغم من كون معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك لم تنته بشكل رسمي الا حين اعلان قائد الجيش العماد جوزاف عون هذا الامر بناء على المعطيات الميدانية التي تملكها القيادة العسكرية وضباط الميدان، ولا شك ان الساعات المتبقية للقضاء على تنظيم «داعش« الارهابي قد شارفت على الانتهاء وسط اجماع وطني عام نظراً للعلاقة الفريدة التي تربط المؤسسة العسكرية بابناء الشعب، سجلت اوساط عسكرية سابقة علامات ودلالات تحمل الفرادة من نوعها في تاريخ الجيش اللبناني ابتداء من متابعة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كل دقيقة بمجريات العملية العسكرية، ولا شك ان زيارته الى العسكريين الجرحى في المستشفيات خلقت لدى الجنود واللبنانيين عموماً تعاطفاً ابوياً من اعلى سلطة في الدول مما اعطى اندفاعاً قوياً للعسكريين الجرحى الذين لم يرتضوا عيش المستشفيات بل حرصوا على دعوة الرئيس عون والقيادة العسكرية بالسماح لهم بالعودة الى الجبهة من جديد، هذا الاسلوب وان لم يكن جديداً على رئيس البلاد، الا انه احدث صدمة ايجابية والتفافا قلّ نظيره لدى عموم الشعب اللبناني وتسجل هذه الاوساط تقديراً عالياً لخطط قيادة الجيش في معركتها مع اعتى الارهابيين في العالم، حيث كانت بعض الدوائر الدولية في بيروت متوجسة من الكلفة البشرية التي سيدفعها الجيش في محاربته الارهاب التكفيري وجاءت النتائج وفق التالي:
– اولاً: جاءت نتائج الحملة العسكرية لتضيء بشكل كبير على اهمية دورالجيش اللبناني في محاربة الارهاب ليس في لبنان فحسب، انما نقلاً عن هذه الاوساط وضعت الدوائر الغربية عينها على المؤسسة العسكرية وقائدها العماد جوزاف عون واركان القيادة من خلال قوة الجيش وتماسكه واعتباره عضوا فاعلا ضمن جيوش العالم التي تحارب الارهاب، ومن هذا المنطلق سوف يكون التطلع نحو المؤسسة العسكرية بعد هذا الانجاز، مغايرا لما كان قبله وبالتالي سوف تتطلع هذه الدوائر الى ضرورة امداد الجيش اللبناني بالاسلحة المتطورة وفقاً لما شاهدوه من جهوزية ومعرفة كبيرة باساليب الحرب حتى في المناطق الاكثر صعوبة في العالم.
– ثانياً: جاءت نتائج الحملة العسكرية نظيفة الى حد بعيد وبكل معاني خوض الحروب من قبل الجيوش النظامية، حيث اكد مدير التوجيه في الجيش العميد علي قانصوه وردا على اصرار البعض من عدم ارسال الصور والفيديو بان الجيش اللبناني يحترم المعايير الدولية والقانون الدولي لهذه الناحية، وهذا امر ادركته القيادة العسكرية مع العديد من التفاصيل التي ستطهر تباعا لتبرهن ان الجيش اللبناني مؤسسة تحترم حقوق الانسان والاسير والجثث بالرغم من كون «داعش» ارهابيا لا يرحم يذبح الناس والعسكريين دون اي سبب، ولاحظت هذه الاوساط ان تعامل الضباط والعسكريين في ارض المعركة كانوا يتعاملون مع عدو شرس انما حتى «داعش» بالذات لم يتعاط معه الجيش خارج القوانين العسكرية الدولية.
– ثالثاً: جاءت الكلفة العسكرية للجيش قياساً على ضراوة المعركة ليتفاجأ العالم باسره بمجرياته حيث حقق العسكريون خلال ثلاثة ايام ما تعجز عن انجازه اعتى الجيوش، والتالي كانت قيادة الجيش حريصة اشد الحرص على كل نقطة من دماء العسكريين، ولذلك سقط شهداء اقل من عديد اصابع اليد، رغم ان شهادتهم غالية وكبيرة في نفوس اهلهم وشعب لبنان بأكمله، وهذا حسب هذه الاوساط يرسم خطاً بيانياً للجيش نحو الاعلى في المستقبل القريب نظراً لدقة التنظيم وحسن الرعاية التي تم تأمينها لعناصر الجيش.
– رابعاً: وهو الاهم في نظر هذه الاوساط حيال ما اعتمده البعض في لبنان من حنكة مشبوهة والقول ان الجيش اللبناني يتعاون مع حزب الله والجيش السوري، وبالرغم من كونها ليست تهمة حسب هذه الاوساط، الا ان نجاح الحملة الاعلامية للمؤسسة العسكرية وحصرها بمديرية التوجيه وضع حداً لبعض المزايدات حيث كان كافة الضباط يمتلكون ثقافة الكلام الموجه للناس ولم يرتكبوا اي غلطة او شائبة وهذا يعود الى التحضيرات الجيدة والمضنية لمعركة التحرير التي كان الهم الاساسي فيها تحقيق النصر بأقل الخسائر، وهذا هو وعد العماد جوزاف عون قبل الانطلاق نحو الجبهة، وان تأكيد الاعلام في قيادة الجيش مراراً ان المعركة ستصل الى الحدود السورية فقط كان رداً صارماً على محاولات هذا البعض الغمز من قنوات هرمة تضع في اولويات همومها مستقبلها الانتخابي فيما دماء العسكريين لم تجف بعد، ولكن تؤكد هذه الاوساط ان ما بعد هذا النصر النظيف ليس ما قبله، وهناك بعض ما هو مكتوم سيظهر، ولكن ليس من قبل القيادة العسكرية انما من اهل السياسة لان الجيش حقق هذا الانتصار يفضل اقفال أذنيه على كل الوشوشات من هذا الجانب او ذاك ولهذا حقق خلال ساعات الهدف من عملية «فجر الجرود»، الذي سيكون المفتاح الاساسي لفجر جديد خصوصاً فيما يتعلق بمستقبل المؤسسة العسكرية.
– خامساً: من المنتظر ان تلاقي الحكومة الحالية انتصار الجيش وتضعه في تصرف اللبنانيين جميعاً وليس لفئة دون أخرى، لان القضاء على الارهاب يطمئن كافة الطوائف والمذاهب التي كانت مستهدفة، لكن هذه الاوساط تتوقع بالاضافة الى مهرجان الانتصار على الصعيد الشعبي العفوي اهتمام حكومي لافت من خلال الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في منطقة قرب القاع ورأس بعلبك وان تكون منتجة وليست سياحية كما كان يحدث سابقاً حفاظاً على دم الشهداء واكراماً لاهلهم وذويهم.