IMLebanon

سجادة مفروشة على أرض تخفي تحتها هاوية عميقة!

 

مما يطفو على سطح أزمة استقالة الحريري من مؤشرات، يبدو وكأن ما أوحى باندلاع شرارة حرب عالمية ثالثة انطلاقا من الشرق الأوسط، تحوّل بين عشيّة وضحاها الى ما يشبه عاصفة في فنجان أكبر قليلا من فنجان القهوة، ولعله أقرب الى أن يكون فنجان شاي! وهذا ال لبنان الذي تحوّل الى اسفنجة عملاقة لديها قابلية امتصاص الأزمات الصغيرة والكبيرة، المستوطنة أو العابرة، المحلية أو الاقليمية أو الخارجية، نجح في امتصاص مؤثرات كل ما يجري حوله من أهوال الحروب والحرائق والدمار حتى الآن، ويجد نفسه الآن غير عاجز عن ابتلاع وهضم أزمة جديدة، ظهرت فجأة، وبدا وكأنه تمّ استيلادها بعملية قيصرية سريعة، قبل اكتمال خلقتها!

مفاجأة الاستقالة أطلقت دينامية صاعقة، ولكنها بدأت تنتج في المقابل دينامية مفاجآت، ولكن في الاتجاه المعاكس. أولى هذه المفاجآت، ظهور اجماع ظاهري بين مؤيدي الحريري ومنافسيه وخصومه الذين يعارضون توجهاته السياسية، على شخص سعد الحريري نفسه، وهم جميعا يرشحون سعد الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة خلفا لسعد الحريري المستقيل! وهذا في الشكل فقط… أما في التطبيق العملي فيبدو أن هذه السجادة التوافقية الظاهرية مفروشة على أرض تتوسطها هوّة عميقة ومخفيّة تحت السجادة! ومعنى ذلك، ان الحريري استقال من الحكومة التي أنتجت التسوية الشهيرة السابقة، وان رئاسته لحكومة جديدة ترتبط بتسوية جديدة تعكس الاتجاه السابق!

 

هل هذا ممكن؟ طبيعة التركيبة اللبنانية لا تحتمل القبول بشروط من شأنها تقويض أسس المجتمع اللبناني في حالته الحاضرة. ويبدو هذا الأمر وكأنه محاولة لتركيب ركبتين اصطناعيتين للحكومة الجديدة أشدّ صلابة من الركبتين الرخوتين للحكومة السابقة، كما يظنّ غير الراضين عن ادائها! وكل هذا يبدو في الظاهر وكأنه أزمة طارئة بين دولتين شقيقتين، وما يربط بينهما هو أكبر بكثير مما يفرّق. ووراء هذا المشهد يختفي مخرج الأزمات الذي يدير السيناريو من المقعد الخلفي ومن وراء الستار! ومن عبقرية الدبلوماسية الأميركية المتفوّقة، قدرتها على اقناع الحلفاء والخصوم على أن يحفروا قبورهم بأيديهم وبرفوشهم معا!