IMLebanon

دور مركزي للرئيس عون في التقريب بين «المستقبل» و«حزب اللّه»  

 

لا أحد ينكر الدور المركزي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ضبط بوصلة التطورات الأخيرة في لبنان، وقدرته على التعامل بحكمة وعقلانية وتبصر وبروح وطنية متقدمة وانفتاح غير مسبوق مع سائر الأفرقاء اللبنانيين من أجل «ضبضبة» الساحة وإعادة الأمور الى وضعها الطبيعي، وتنظيم علاقات لبنان بالدول العربية كما وسائر دول المنطقة والعالم بما يحفظ حقوق ومصالح لبنان واللبنانيين، من دون أي إنحراف عن هذا الخط البالغ الدقة والمسؤولية…

 

كما أن أحداً لا ينكر، أن يداً واحدة لا تصفق، وإن ما لقيه الرئيس عون من تجاوب من غالبية الأفرقاء السياسيين، وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري و «حزب اللّه»، وما يمثلون من يمثلون، قدم خدمة لا تقدر بثمن. عبرت عن نفسها بالمزيد من الإيجابيات في المشاورات التي أجريت في القصر الجمهوري بهدف معالجة التطورات السياسية التي نشأت عن إعلان الرئيس الحريري إستقالته، ومن ثم إعلان تجاوبه مع دعوة الرئيس عون لـ «التريث» في تقديمها…

 

في قناعة عديدين إن ما آلت إليه المشاورات يوحي بأن «التسوية» أو «التوافق» على نار حامية، وأن السحب البيضاء باتت تظلل الأجواء السياسية، وإن كان الجميع ينتظرون عودة الرئيس عون من زيارته الى إيطاليا يوم غد الجمعة، «ليبنى على الشيء مقتضاه» وتكون «خاتمة الأحزان»، على ما يقال… وذلك على الرغم من كثرة التحليلات المتباينة حول ما جرى وتشكيك البعض بأن ما حصل هو «مجرد شكليات لم تتخط الخطوط الحمراء… ولم يقدم أي من الأفرقاء أي تنازلات تستحق الذكر… وبالتحديد «المستقبل» و «حزب اللّه» رغم الإجماع على أن لبنان طوى صفحة الإستقالة وستعود الحياة الى مجاريها الطبيعية في وقت قريب جداً، وستعاود المؤسسات الدستورية نشاطها في قابل الأيام… من دون أن يعني ذلك «ان لبنان الجديد» النأي بنفسه عن المحيطين العربي والإقليمي قد ولو، ولا بد من إطلاق بالونات الفرح والزغاريد، و «الرصاص»؟! خصوصاً وإن «دورة الحياة» التي تجمع لبنان بمحيطه هي أحد أبرز أسباب وجوده وإنتعاش دوره الإقتصادي والثقافي والإجتماعي وغير ذلك…

 

يتفق الجميع على أن اللبنانيين، كل اللبنانيين، يريدون علاقات جيدة مع المحيط العربي القريب والبعيد. كما والمحيط الإقليمي والدولي، وهم يشددون على أن مصلحة لبنان هي الأهم، ولاحقاً يأتي أي شيء آخر…»، على ما يقول الرئيس سعد الحريري…

 

«النأي بالنفس» و «الحياد» شعاران مطاطيان قابلان للأخذ والرد والإجتهاد والأفرقاء اللبنانيون منقسمون بين مع بالمطلق و «مع» بالتحفظ والرفض بالمطلق والرفض بتحفظ، وقد أقر الرئيس الحريري شخصياً بذلك قائلاً: «إن حزب اللّه» لا يوافق على سياستي الإقليمية وأنا لا أوافق على سياسته الإقليمية..»، هو نوع من تبادل قبول الآخر بواقعية موضوعية محكومة بسقف المصلحة الوطنية…، وقد تفرز ذلك بتبادل الرسائل غير المباشرة بين الرئيس الحريري والأمين العام لـ «حزب اللّه» السيد حسن نصراللّه، منذ ما قبل أزمة الإستقالة، بل منذ تشكيل «حكومة الوفاق» واستعادة الثقة، حيث يجلس الرئيس الحريري الى جانب وزراء الحزب وحلفائه ولم يسجل أي خلل يذكر…

 

في كلمته الأخيرة يوم 20 الشهر الجاري شاء السيد نصراللّه أن يبعث برسالة واضحة الدلالة الى كل من يعنيه الأمر، خصوصاً الرئيس الحريري، خلاصتها تسهيل العودة عن الإستقالة والتمسك به رئيساً للحكومة، مشدداً على «أننا جميعا في لبنان ننتظر عودة رئيس الحكومة الذي بالنسبة الينا ما يزال غير مستقيل… نحن منفتحون على كل حوار وعلى كل نقاش يجري في البلد… الأولوية كانت وما زالت هي عودة الرئيس الحريري الى لبنان وعندما يصبح هنا في لبنان، ويصبح هناك حوار ونقاش ونفهم كل الحيثيات عندها إذا كان لدينا كلام نقوله للناس سنقوله بكل وضوح وبكل شفافية…».

 

هذا الموقف كان السيّد نصراللّه مهد له، في الكلمة نفسها، بإعلان نفيه إرسال سلاح الى اليمن وإلى البحرين والى الكويت، كما والى العراق… لم نرسل سلاحاً الى أي بلد عربي، باستثناء مكانين: فلسطين المحتلة وسوريا حيث نقاتل به… وممهداً بالحديث عن عودة قريبة من العراق وسوريا…

 

موقف نصراللّه لم يمر مرور الكرام… حيث أشار الرئيس الحريري في مقابلة مع «سي نيوز» الفرنسية، الى «أننا إذا أردنا ممارسة الحياد لا يمكننا القبول بحزب سياسي يتدخل في اليمن ضد السعودية…». داعياً «حزب اللّه» إذا كان موجوداً في اليمن الى «الخروج منه، والأمين العام لـ «حزب اللّه» أعلن أن ليس لديه مقاتلون هناك وأنا أصدقه…».

 

داعياً الإسرائيليين الى أن يدركوا أن «حزب اللّه بات أقوى بعشرة أضعاف مما كان عليه في العام 2006»، لافتا الى أن إسرائيل، وليس «حزب اللّه هي التي تستفز، فكل يوم هناك طائرات حربية إسرائيلية تنتهك الأجواء اللبنانية»، ليخلص الى القول «إن لا يمكن للبنان أن يحل مسألة «حزب اللّه» وهي مسألة إقليمية وهو حل سياسي إقليمي بنتائج عالمية عليه أن يحصل…» لافتاً الى أن الحزب «يجري حواراً إيجابياً جداً…».

 

في قناعة متابعين عن كثب لهذه التطورات، أن ما آلت إليه التطورات والمواقف المتبادلة بين الرئيس الحريري وما  يمثل،ومن يمثل وبين «حزب اللّه» قد يمهد الطريق امام لقاءات رفيعة المستوى، رغم تحفظ البعض… لكن ما لا شك فيه، أن «طاولة الحوار»، كما وطاولة مجلس الوزراء ستمهدان الطريق أمام إزالة المزيد من العقبات أمام لقاء يتمناه كثيرون يجمع الرئيس الحريري والسيد نصراللّه، ويتوج المساعي التي يقوم بها الرئيسان عون وبري، وقد دلت التطورات الأخيرة على متانة علاقة الأخيرين مع الحريري ونصراللّه… والجميع يولون أهمية لاستثمار هذا التطور في تحصين الأمن والإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي في لبنان تمهيداً لإجراء الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل بإشراف حكومة رئيسها سعد الحريري خصوصاً وإن «الأزمة السياسية ستحل بشكل قاطع خلال أيام»، على ما أكد الرئيس عون لصحيفة «لاستامبا» الإيطالية..