تباين واضح بين الرؤية السعودية للنهوض ومشروع إيران للهيمنة على المنطقة العربية
حرص سعودي على ملاقاة المستقبل باقتصاد قوي وإصرار إيراني على تبديد ثروات الشعب على الحروب
القيادة السعودية تحرص من خلال الخطة المعلن عنها على تطوير موارد الإقتصاد السعودي وملاقاة المستقبل بتدابير احترازية
تبرز الخطة الطموحة التي طرحها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان لتوفير عناصر جديدة لتغذية وتقوية الاقتصاد السعودي بعد عقد ونصف من الزمن بمعزل عن تدني أو زيادة سعر النفط، مدى حرص القيادة السعودية على ملاقاة تقلبات الظروف بجملة من الإجراءات والتدابير المستحدثة من شأنها تحصين الوضع الاقتصادي والمالي والاستمرار في صرف الأموال اللازمة على متطلبات التنمية والتطوير في مختلف المجالات، الأمر الذي سيساهم حتماً في نقل البلاد من مرحلة الاعتماد الكلي على النفط كمورد رئيسي لركيزة الاقتصاد الوطني باتجاه موارد جديدة متوافرة يمكن استثمارها وتطويرها في المرحلة المقبلة.
والأهم في الخطة المعلن عنها أن المملكة تسعى بكل جهدها للانطلاق قدماً نحو المستقبل بثبات وعزيمة لتأمين كل مقومات التطور والنهوض للشعب السعودي وللمنطقة ككل بالرغم من كل التحديات والحروب العبثية التي تواجهها إن كان من جانب إيران على وجه الخصوص في منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية عموماً أو المطامع غير المعلنة لبعض الدول الغربية التي تطمح بثروات المنطقة العربية كما هو معلوم للقاصي والداني على حدّ سواء.
فبدلاً من الركون للتهديدات المتواصلة من جانب إيران وسياسات الابتزاز الأميركي الملتوية تجاه دول الخليج العربي لا سيما بعد التوقيع على اتفاقية الملف النووي الإيراني مع الدول العظمى واستمرار سياسة التعامي الأميركية عن التدخلات الإيرانية السافرة في العديد من الدول العربية، بدءاً من العراق والبحرين مروراً بسوريا ولبنان واليمن، رسمت القيادة السعودية خطة متقدمة ترتكز على التحرّك بسرعة وفاعلية بمسارات متوازية، سياسية وعسكرية واقتصادية، استراتيجية لمواجهة هذه التهديدات والتحديات الناشئة، بدلاً من الانزواء في قوقعة المواجهة العسكرية لوحدها واستنزاف مقومات جديدة لدعم وتطوير الاقتصاد برمته.
وهكذا، يلاحظ بوضوح ان الخطة الجديدة بعناوينها الثلاثة الأساسية انطلقت مما يقارب العام بالتحرك عسكرياً لمواجهة تداعيات الانقلاب الحوثي على الشرعية المدعوم من إيران في اليمن من خلال عملية «عاصفة الحزم» التي حققت تقدماً ملموساً في إرغام الانقلابيين على الجلوس على طاولة المفاوضات في الكويت استناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 في حين تمّ تشكيل تحالف عربي إسلامي أوسع بعد ذلك وارفق بأضخم مناورات عسكرية جرت في المنطقة بحرفية عالية وتبع ذلك عقد سلسلة اتفاقيات استراتيجية لربط المملكة بجمهورية مصر العربية وتركيا اقتصادياً وبشرياً والتعاون في مجالات مستقبلية متعددة، والتحرك الاقتصادي الذي بدأ بتقليص النفقات ثم اتبع بالاعلان عن الخطة الجديدة برفد الاقتصاد بموارد إضافية والمباشرة باستثمارات إضافية في مجالات عديدة لم تكن ضمن الدورة الاقتصادية السعودية عموماً ولا شك ان الإصرار على تنفيذ الخطة السعودية التي أعلن عنها الأمير محمّد بن سلمان ستضع الاقتصاد السعودي في مرحلة متقدمة وفي طليعة الاقتصادات العالمية إذا تضافرت عوامل نجاحها من كل الجوانب وهذا سينعكس إيجاباً على وضع الاقتصاد العربي عموماً نظراً للترابط القائم بين الدول العربية على كل المستويات وسيزيد من قوة ومناعة المملكة في مواجهة التحديات والمطامع التي تعصف بالعالم العربي من كل جانب.
وفي مقارنة بسيطة، يلاحظ بوضوح ان القيادة السعودية تحرص من خلال الخطة الطموحة المعلن عنها على تقوية وتطوير موارد الاقتصاد السعودي، والاستمرار في تنمية البلاد وتوفير مستوى عيش كريم لمواطنيها وملاقاة المستقبل تدابير احترازية تخفف وطأة المتغيّرات السلبية قدر الإمكان، في حين ان ما يمارسه النظام الإيراني منذ قيامه وحتى اليوم من تدخلات سافرة واشعال حروب أهلية وفتن في العديد من الدول العربية بهدف السيطرة والنفوذ وما يترتب على ذلك من استنزاف متواصل للاقتصاد الإيراني وتدني مستوى عيش المواطنين الإيرانيين، يدل دلالة واضحة على تباين كبير بين مشروعين متناقضين لا يلتقيان.