IMLebanon

عمود من أعمدة الصحافة رحل  

فقدت الصحافة اللبنانية نقيبها الذي تولّى رئاستها طوال 33 سنة كان خلالها مثالاً للأخلاق والعلم، ورجلاً لكل المراحل…

قصتي مع النقيب الراحل الاستاذ محمد بعلبكي طويلة بدأت عندما جاء رحمة الله عليه الى جريدة “الشرق” أيام المرحوم جدّي عوني الكعكي وطلب العمل من المرحوم الاستاذ نور الدين المدوّر الذي كان مديراً لتحرير جريدة “الشرق” وفي الوقت ذاته كان مديراً ومستشاراً للمرحوم الرئيس رياض الصلح، وبدأ العمل في “الشرق” مصححاً… هذا ما قاله لي بالحرف الواحد وأضاف: “كنت في الازهر أريد أن أكون شيخاً ولكن نصحني أن أذهب الى الصحافة وهكذا كان وتدرجت في الصحافة على يد المرحوم الاستاذ نور الدين المدوّر”… وهذه القصة رويتها كما رواها لي المرحوم النقيب الاستاذ محمد البعلبكي.

عندما اغتيل الشهيد النقيب رياض طه خلفه النقيب فريد ابو شهلا ولكن كان ذلك لفترة قصيرة لمدة سنتين فقط توفي اثرها… فجاءني المرحوم نور الدين المدوّر ومعه المرحوم محمد البعلبكي وقال لي الاستاذ نور الدين أريد منك يا عوني أن تتبنّى ترشيح محمد البعلبكي نقيباً للصحافة وكرّر الطلب ذاته مني المرحوم وقال أريد أن أكون مرشحك لمنصب نقيب الصحافة… ولكنه سألني يا حبيبي عوني أنت لا تريد أن تكون نقيباً فقلت له: بصراحة أتشرّف أن أكون ولكن الأولوية عندي الآن أن أبني مؤسّستي، فأمامي مشاريع مطابع وأمامي أيضاً أن أؤسس مجلة “نادين” ومجلة “أولمبياد” ومجلة “نادين مود” ومجلة “الدكتور” وغيرها ولا أستطيع الآن أن أنصرف عن شغلي، والأيام تأتي، وأنا مقتنع بأنك الأفضل لهذا المنصب اليوم… وهكذا كان.

منذ سنتين قال لي يا عوني أنا تعبت وأريد أن أتفرّغ لكتابة مذكراتي وأريد أن أسلّم الأمانة الى الذي يستحقها لسببين: أولاً أرد الدين، وثانياً لأنك تستحق أن تكون نقيباً، وهكذا حصل.

اليوم وأنا أودّع علماً من أعلام الصحافة وعموداً من أعمدة الصحافة لا يمكن إلاّ أن أقول: النقيب المرحوم مناضل كبير دخل السجن أيام الرئيس فؤاد شهاب وعانى ما عاناه من صعوبات السجن ولكنه بقي على مبادئه فلم يبدّل ولم يتبدّل.

وكلمة أخيرة يجب أن تقال: لقد خدم النقيب البعلبكي الصحافة اللبنانية في أصعب مراحلها، وإني أدعو رب العالمين أن يتغمّد فقيدنا الغالي بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.

الخسارة كبيرة ولكن الموت حق وما سوى ذلك باطل.