Site icon IMLebanon

سياسة التوسّع اللانهائي: استعمار صهيو-أميركي كامل

 

 

 

لا غبار على أن زرع الكيان الصهيوني في فلسطين عام 1948 بواسطة الاحتلال البريطاني لها حينها، كان يهدف إلى إيجاد موطئ قدم لأميركا بواسطة هذا الكيان الاستيطاني التوسّعي تعبر واشنطن بواسطته نحو دول منطقة الشرق الأوسط بغرض السيطرة التامة على مقدراتها وثرواتها. من هنا بات الكيان الصهيوني المحتل يشكّل مادة اهتمام أساسيّة ورئيسيّة لواشنطن كونه هو الذي يعيّن بلاد السوبرمان على تحقيق مرادها المذكور آنفاً. لكن في غمرة التطورات التي حدثت في المنطقة الشرق الأوسطية عبر العقود، وسيطرة اليهود الصهاينة على المجالات الحيوية في العالم كالإعلام والصناعة والنقد، ما أدّى إلى جعلهم يفرضون كمّاً من شروطهم على الأميركيين كعامل يساهم في استمرار مدّ يد العون لهم لتمكينهم من تحقيق مبتغياتهم السياسيّة والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، لدرجة اننا نرى اليوم هيستيريا صهيونية متمثلة بنتنياهو أحرقت الحجر والأبرياء والعزّل في غزّة ورفح وهو يفسّر هروب نتنياهو إلى الأمام وصبّ جام غضب ترسانته العسكرية المحرّمة أسلحتها دوليّاً بمعظمها على قوم عشقوا أرضهم لسنوات عجاف حتى الثمالة، ومبرّر وحشية الصهاينة هذه مردّها إلى إصابتهم بالعجز العسكري أمام المقاومين وجيادهم وأنفاقهم وأسلحتهم. يصرخ الأمر الواقع المتجسّد بالقرارات الإسرائيلية التي اشتدّ تجذّرها منذ وقت غير بعيد في مطابخ ودهاليز الإدارة الأميركية، قائلاً أن إسرائيل لم تعد فقط الابنة المطيعة لواشنطن بل انها أمست تريد أن تعاملها أميركا كشريكة في كل ما يطلبه البيت الأبيض والكونغرس، وحتى في كل ما تقترحه أروقة تل أبيب أيضاً. وقد بلغ الأمر بإسرائيل اليوم، ان مسؤولاً إسرائيلياً قال للصحافيين في واشنطن بتاريخ 26 تموز 2024 أن تل أبيب لن تستأذن واشنطن أو تنتظر ضوءً أخضراً من الولايات المتحدة في حال قرر الكيان المحتل القيام بعمل عسكري ضد حزب الله لدفع مقاوميه بعيداً عن حدودها الشمالية. وعلى ضوء ما يجري، لقد صدق الزعيم الكوبي فيديل كاسترو رحمه الله عندما سُئل منذ عقود عدة عن من يفضّل بين نيكسون وكينيدي للفوز بالسباق الى البيت الأبيض، فأجاب بذكائه الحاد المعهود قائلاً لا يمكن المقارنة بين حذائين ينتعلهما الشخص نفسه! والحقيقة أن أميركا والكلام لكاسترو لا يحكمها إلّا حزب واحد هو الحزب الصهيوني وله جناحان، فالجناح الجمهوري يمثل القوة الصهيونية المتشددة والجناح الديمقراطي يمثل القوة الناعمة الصهيونية عمليّاً. يمكن لأميركا وإدارتها ان تتعايش مع شخصية هيستيرية نرجسية وحشية كنتنياهو، لكن في الوقت الحاضر، الإدارة الأميركية باتت تطلب الهدوء لممارسة المزيد من الضغوط على حكومة الحرب الصهيونية، إلى حين انتهاء الهيستيريا النتناهويّة وبالمناسبة فقد تلقّى نتنياهو أثناء تواجده في بلاد العم سام كما تقول صحيفة «وول ستريت جورنال» رسالة واضحة من الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين مفادها أنه يتعيّن عليه إنهاء الحرب. أما أبرز الأسباب التي حدت بهؤلاء الزعماء الى البعث بهذه الرسالة هو الشعور الأميركي بالخطر الداهم الذي بات محدّقاً بالكيان الغاصب ورغم ان الهدوء الذي تطلبه أميركا مؤقت، يمكن ولو بعد حين أن نرى إجرام نتنياهو آخر، بعد انتهاء عصر الحالي، قد يكون عاشقاً لإدارة أميركية أخرى بدلاً من التحفّظ عليها أو أخذ الحيطة والحذر منها، وقد لا يعود من مكان لتوجُّس طرف من آخر. وفي مطلق الأحوال فإن تاريخ الولايات المتحدة زاخر بالاغتيالات والإبادات الجماعية بالأسلحة الكيمائية والنوويّة. ولا داعي لواشنطن إعطاء بنيامين نتنياهو دروساً في مبادئ الإنسانية!! إن ابرز ما تخشى منه واشنطن هو سلاح حزب الله وأنفاق غزّة ورفح في فلسطين المحتلة، لذا لا يمكن لحادثة أو مجزرة كمجزرة مجدل شمس والتي لإسرائيل اليد الطولى في ارتكابها ان تجعل الأمور تنزلق نحو حرب شاملة.

يقول داني ياتوم رئيس الموساد السابق: ماذا يحدث، هل تخلّى عنا ربّ موسى وهارون؟ لم أعد مستوعباً ماذا يجري. يتساءل ياتوم: دبابة ميركافا إسرائيلية فخر الصناعة في تل أبيب والتي تبلغ كلفتها 170 مليون دولار، تم محوها عن وجه الأرض بقذيفة «آربي جي»؟ هل هناك من شعر انه عندما أصيبت دبابتنا بهذه القذيفة، اهتزت الأرض وانفجرت الدبابة فكأنها أصيبت بقنبلة وزنها طن من المخازن؟! أنا لا أصدّق ذلك، هناك من يقاتل معهم؟ وهل هناك أشباح مخفيّة تساعدهم على قتل اليهود؟ وهل تركنا ربّ موسى وهارون؟ هناك قوّة خفيّة تساعدهم وتحارب معهم منذ السابع من أكتوبر، ويقول ياتوم: لم يخطئوا الهدف في هجماتهم علينا في كل أنحاء فلسطين، وكأن لديهم قمر صناعي. لسوء الحظ يختم ياتوم بالقول نهاية دولة إسرائيل تقترب. فتاريخ تموز 2024 كشف مصدر رفيع في فيلق القدس الإيراني عن سلاح خطير جديد بات بحوزة حزب الله، وصرّح المصدر بأن الحرس الثوري زوّد حزب الله بقنابل وصواريخ تحمل رؤوساً الكتر ومغناطيسية متفجرة. وأضاف ان القنابل التي تمّ تسليمها للحزب يمكن إطلاقها من منصات قاذفة ثابتة وبعضها يمكن حمله بواسطة طائرات مسيّرة للوصول إلى أي نقطة تقع في العمق الإسرائيلي. وأفاد المصدر بان الخطوة تأتي للرد على الاجتياح الصهيوني المحتمل لجنوب لبنان فور وقوعه. إذ يمكن لتلك القنابل ان تدمر كل أنظمة الاتصالات ومن ضمنها البنى التحتية للكهرباء وبالتالي وقف كل الأنظمة الإلكترونية التي تستعملها إسرائيل للتنسيق بين إداراتها وطائراتها وقواتها بشكل عام، واشار المصدر انه خلال دقائق من استخدام كل القنابل فإن الإسرائيليين ومن ساعدوهم سيصبحون بدون أي دفاعات الكترونية. وأوضح المصدر ان إيران طوّرت نوعاً من الصواريخ التي تعتبر انشطارية ذكية تحمل عشرات القذائف، وأشار المصدر ذاته الى ان الصواريخ تتحول الى عشرات القذائف التي تنتشر بمحيط الهدف الرئيسي لتدمير المكان بأكمله مؤكداً ان حزب الله حصل عليها أيضاً.

 

كما ان واشنطن أخذت كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على محمل الجدّ عندما قال في مؤتمر صحفي عقده أواخر الشهر الفائت في بطرسبورغ على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي أن روسيا تفكر في تزويد خصوم دول غربية في انحاء العالم بأسلحة متقدمة بعيدة المدى ذات طبيعة مماثلة لتلك التي تعطيها الدول الغربية لأوكرانيا وحدّد ثلاث دول هي أميركا وبريطانيا وفرنسا، ويبدو ان هؤلاء الخصوم أي خصوم أميركا وبريطانيا وفرنسا الذين منحوا أوكرانيا أسلحة تصيب العمق الروسي هم إيران وسورية واليمن وفلسطين المحتلة (حماس والجهاد الإسلامي) والعراق وحزب الله في لبنان. فجميع هذه الدول والمنظمات تخوض حرباً مباشرة ضد الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، لذا فهي بحاجة ماسّة لمنظومات الصواريخ الروسية المتطورة من طراز إف 400 وإف 500 لإنهاء التفوّق العسكري الإسرائيلي الجوي المتمثل في الطائرات الأميركية الصنع من طراز أف 35 وأف 15 وأف 16. وهناك معلومات عن حصول دول مثل سورية وإيران واليمن على هذا النوع من الصواريخ والتي ستغيّر قواعد الإشتباك في منطقة الشرق الأوسط. والجدير ذكره ان العقيد المتقاعد من الجيش الفرنسي ألن كورفيز قال أن الأحداث المأساوية التي تجري الآن في فلسطين هي بداية نهاية إسرائيل. إن المجزرة اللاإنسانية لاجتثاث سكان غزّة وحتى سكان الضفة الغربية تسير إلى ان هذا الكيان الخارج عن القانون منذ تأسيسه ليس له أي مستقبل، وأضاف ليس هذا فحسب بل ان نهاية إسرائيل أصبحت قريبة جداً فكل الرأي العام العالمي بات يدعم فلسطين، ولقد أصبح مطلب تأسيس الدولة الفلسطينية لا يحتمل التأجيل، وانه لا يمكن أن توجد هذه الدولة الفلسطينية مجاورة لدولة إسرائيل، لذا فإن التعايش بين دولتين على هذه الأرض أصبح مستحيلاً تماماً الآن. وكم نستذكر الشهيد معروف سعد عندما قال: «بزندنا فقط نستردّ حقّنا وهذه الأمنية ستتحقق حتى لو استغرقت ردحاً من الزمن».