تقول مصادر مطلعة على الاجواء الايرانية لـ«السفير» ان زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني الى بيروت «تأتي في اطار الجهود الايرانية لمواجهة التحديات والتطورات الحاصلة في المنطقة في ظل الحرب الدولية على تنظيم «داعش» وأخواته وفي اطار السعي لترتيب الجبهات الداخلية لعدد من دول المنطقة.
وتوضح المصادر ان المحور الممتد من ايران الى روسيا مرورا بسوريا و«حزب الله» يجري مراجعة شاملة في ظل ما يجري من تطورات متسـارعة في ساحات المنطقة من لبنان إلى اليمن أدت الى عملية خلط اوراق «وشكلت دافعا للقوى الأساسية لاعادة تقييم ما يجرى من أحداث منذ الانتخابات النيابية في العراق والانتخابات الرئاسية في سوريا وصولا للعملية العسكرية التي أدت إلى إسقاط نتائج الانتخابات وسيطرة «داعش» على مناطق في سوريا والعراق، ما أدى إلى القبول بتغيير نوري المالكي».
وتعتبر المصادر ان الحرب الدولية على تنظيم «داعش» تحمل الكثير من المخاطر «ولكنها في الوقت نفسه تفتح الباب أمام متغيرات جديدة في كل المنطقة، فهذه الحرب ليس لها حدود معينة وقد تطال عملياتها القوى المتحالفة مع ايران في العراق وسوريا وقد تمهد لتغييرات جذرية في الواقع السياسي الإقليمي والدولي، ولكن في الوقت نفسه فان هذه الحرب أدت إلى تغيير طبيعة المعركة والى تراجع مناخات الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة، كما ان هذه الحرب أكدت صحة توقعات «حزب الله» وحلفائه على صعيد خطر المجموعات الإسلامية المتشددة على كل العالم وضرورة مواجهتها بطريقة استباقية قبل تفشيها».
وتشير المصادر إلى أن المطلوب اليوم مراقبة كل التطورات في المنطقة من اجل التوافق على رؤية موحدة لإدارة المعركة من بغداد الى دمشق وبيروت وصنعاء، «فالمعركة واحدة وها هي روسيا تخوض معركة قاسية ضد الحلف الأميركي – الأوروبي في اوكرانيا وهذه المعركة مرتبطة بما يجري في المنطقة، وكل طرف لديه أوراق قوة وفي المقابل نقاط ضعف».
وتعترف المصادر أن الأوضاع في العراق كشفت عن وجود ثغرات في ادارة المعركة السياسية والعسكرية والأمنية وان المطلوب الاستفادة من هذه الثغرات من اجل التحضير لإدارة المعارك المستقبلية ولا سيما في ضوء التطورات اليمنية الانقلابية مع الاشارة الى وجود مخاطر عدة قد تواجه روسيا وايران وحلفاءهما في المرحلة المقبلة «ولذلك لا بد من التعاون والتنسيق بين مختلف القوى لمواجهة التحديات المقبلة كي لا تنجح اميركا وحلفاؤها في رسم خريطة جديدة للشرق الاوسط لا بل للنظام العالمي الجديد على حسابنا».
وأما في الشأن اللبناني، فتوضح المصادر أن «حزب الله» حريص على عدم الانجرار إلى معركة مفتوحة مع القوى التكفيرية ولذلك يعول على دور سياسي للاعتدال السني السياسي والديني مثلما يعول على الجيش والمؤسسات الأمنية في المواجهة العسكرية والأمنية، ولذلك كان تركيز شمخاني على موضوع الهبة العسكرية للجيش «لان الجميع أصبح يعي خطر المجموعات المتشددة وضرورة التعاون لمواجهتها».
وبرغم ازدياد المخاطر وتسارع التطورات في المنطقة، فان المصادر المطلعة على الأجواء الإيرانية تبدي اطمئنانها «لإعادة الإمساك بزمام المبادرة مما سيدفع الأطراف الأساسية ولا سـيما السعودية وحلفاءها للجلوس على طاولة التسوية لمقاربة كل الملفات وان كان ذلك قد يتطلب بعض الوقت في انتظار نتائج الحرب الدولية على تنظيم «داعش» والمتغيرات التي قد تحصل في سوريا في المرحلة المقبلة».