أكبر خطر على لبنان، هو غياب الدولة، أو وجود دولة بلا قرار.
طبعاً، ليس مقبولاً وجود بلد في الهواء.
وليس طبيعياً استمرار الفراغ قرابة العامين، في موقع رئاسة الجمهورية.
وليس منطقياً أيضاً، استمرار الفراغ الرئاسي، من دون طرح الأخطاء الكامنة وراء هذا الشغور.
المعطّلون للانتخاب الفريقان في آن:
الذين يريدون رئيساً كيف ما كان.
والذين يتمسكون بوجود قائد على رأس الجمهورية.
أما استمرار المرض من دون علاج، فهو الخطأ الفادح بحق الجمهور والجمهورية.
هل يجوز استمرار الفراغ من دون علاج؟
كان الرئيس ألفريد نقاش يدعو الى الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد في الدستور.
وعندما كان الانتداب الفرنسي يتلاعب بالمواعيد الدستورية، راح يحذر من هذه الخطيئة.
ودأب على التحذير من هذه الفضيحة، لأن تكرار الخطأ شبيه بتكرار العلة في قلوب أصحابها.
وحسبه القول إن العلة تقتل صاحبها.
وهذا في رأيه، ان الوطن يصاب باعتلال، اذا ما أصابت العلة المواطن، ولم يعالجها.
هل يعقل أن تطلع الحكومة، بحلول متناقضة لأزمة النفايات؟
هل يعقل أن تقترح الحكومة، أو الوزراء في حكومة الأربعة وعشرين وزيراً، ترحيل النفايات الى الخارج، ثم تطرح في اليوم الثاني، حل مشكلة النفايات، ساعة بالمطامر، وساعة بالمحارق. والبلد، في معظمه، مطمور تحت النفايات، أو يختنق بروائح المحارق؟
في البلاد الآن أربعة وعشرون وزيراً، يحمل كل منهم صفة رئيس الجمهورية، ولو بالتكليف.
اذا كان الوزير، له هذا الموقع، هل يجيز لنفسه، ألا يعرف ما ينبغي عمله، للتخلص من النفايات، أو للخلاص من روائحها الكريهة والنتنة؟
كل ما فعله الذين تناوبوا على الحكم، في البلاد، هو أنهم رعوا مصالحهم، والمنافع والمفاسد، ولا أحد منهم فعل شيئاً يستحق أن ترفع القبعة له احتراماً وتقديراً.
شكراً لكم يا أصحاب المعالي، لأنكم رفعتم شأن الناس والعباد.
كان حبيب باشا السعد، لا يرتجل المواقف، ولا يطلع بحلول غير مدروسة.
ولذلك، فقد احترمه الناس، وأهابوا به متابعة أعماله المدروسة، والمستوحاة حيناً، أو المأخوذة أحياناً من بطون الكتب، لأن التسرع عدو العلم.
ولذلك، فإن أصدقاء نسيبه النائب فؤاد السعد، عندما يزورونه، يحرصون على زيارة مكتبته، فتكون لهم نظرة الى بيروت، وأخرى الى الكتب، لأن في الأمرين معالم طبيعية وانسانية، والعلم أحياناً أقوى من طباع البشر، ومن طبيعة الانسان، في هذه الأيام.
رحم الله مَن عرف قيمة العلم، وأدرك حصافة الكلمة في عصر الحديد والحداثة.