IMLebanon

جريمة بلا وظيفة!  

تضيف جريمة القاع الى مخزون «حزب الله» ما لم يكن ينقصه أصلاً، لا في الدم ولا في التبرير. وهي وإن جاءت متلائمة مع «السياق العام« المعلن في الآونة الأخيرة ومع «التوقعات» و»التحذيرات»، تبقى تعبيراً عن ذلك الاستعصاء المزدوج المتحكّم بنكبة سوريا وأهلها، ثم بنكبة استجرارها الى الداخل اللبناني تحت شعار درء شرورها!

ما لا تضيفه تلك الجريمة هو ردف المحاججة المضادة لسياسة «حزب الله» بأي مدد طالما ان الكأس طافحة بالتمام أصلاً وفصلاً.. مثلما انها لا تُوصل هذا الحزب الى أي مراجعة ذات قيمة، طالما ان شهداء القاع، في عرف هذا الحزب، ليسوا أغلى من عناصره الكثر الذين سقطوا في سوريا!

بمعنى آخر: لن تضيف الجريمة الجديدة شيئاً جديداً على النقاش المفتوح في شأن سوريا، او في شأن مكونات نكبتها واسبابها والمشاركين فيها. ولا في شأن انعكاساتها على الداخل اللبناني.. هي بهذا المعنى تبدو جريمة مروّعة لكن من دون «وظيفة» تُذكر: سيبقى «حزب الله» يعتبر كل ثورة السوريين إرهاباً صافياً، وسيبقى مناوئوه الكثر يعتبرون تورطه هو في تلك النكبة، تورطاً وليس إنقاذاً، واستجراراً للشر وليس درءاً له، وتصعيداً للمنحى المذهبي في النزاع الذي يسمى في لغة مبسطة فتنة مذهبية، وليس شيئاً آخر!

وانعدام «وظيفة» الجريمة المحلية في كل حال، يضيء أكثر فأكثر على انعدام وظيفة «التورط» في سوريا بمجمله! حيث يقارب الأمر العبث التام: لم تؤدِّ «انتصارات» «حزب الله» في القصير وبعض نواحي القلمون ومحيط دمشق الى وقف انحدار واندحار سلطة بشار الأسد، ولا الى حفظ «استثمارات» الايرانيين ومنعها من التسرب من خروم سلة الحرب الجارية.. ولا شيء يوحي أو يؤشر أو يدل على ان اي تصعيد في وتيرة القتال سيؤدي الى نتيجة توازي الشعارات الكبرى، الانتصارية والخلاصية، التي يطرحها قادة هذا الحزب او يَعِدون جمهورهم بها، او يتوعّدون أعداءهم بحتميتها!

هذه ورطة صارت مكتملة الحلقات أو تكاد. ولا يخفف من غلوائها استمرار سياق المكابرة المعتمدة من قبل أرفع مستويات القيادة في «حزب الله»: البقاء في سوريا يعني استنزافاً دموياً مفتوحاً من دون قعر، ولا شيء آخر. والانسحاب منها يعني انكساراً أبعد مدى من جغرافيته، وتبعاته المدمرة استراتيجية الطابع.. ولم يخطئ التشخيص، مَن افترض منذ البداية، أن فييتنام ليست بعيدة عن لبنان! وأن الطريق الذي سلكه الحزب لن يكون باتجاه واحد! وأن اللبنانيين في الإجمال، سيتنقلون من نكبة الى نكبة، وسيستمرون في عدّ ضحاياهم الذين يسقطون كأثمان لخطايا غيرهم!