عاد الوضع الأمني إلى الواجهة من جديد من بوابة جرود عرسال بعد انفجار الاشتباكات بين تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، والذي رأت فيه أوساط نيابية بقاعية، امتداداً للتطوّرات الدراماتيكية في الداخل السوري، إذ ان القرار بالسيطرة على المنطقة الحدودية الفاصلة بين لبنان وسوريا، يسعى إلى تنفيذه «داعش» منذ بدء تراجعه ميدانياً في المعارك في سوريا بعد التدخّل العسكري الروسي من جهة، وتقدّم الجيش السوري في مناطق نفوذ «داعش» من جهة أخرى. وتقول هذه الأوساط ان الانفلاش العسكري لـ «داعش» باتجاه جرود عرسال، يحمل أكثر من هدف، الأول تأمين منطقة جغرافية خارج الحدود السورية وفي منأى عن الغارات الجوية الروسية، أما الثاني فهو تهديد الساحة اللبنانية من خلال السيطرة على مواقع نفوذ «جبهة النصرة»، وهو هدف غير مستجدّ كون هذه المنطقة شهدت في ما مضى عدة جولات قتالية بين الطرفين منذ أشهر.
وأضافت الأوساط نفسها، أنه في الوقت الذي تنطلق فيه المفاوضات للتسوية في سوريا في إطار مؤتمر «جنيف 3»، يسعى تنظيم «داعش» إلى توجيه رسائل ميدانية ضد القوى الراعية لهذه المفاوضات من خلال التأكيد على فصل المسار السياسي عن المسار الميداني، وهو ما ظهر جلياً في التفجيرين الإرهابيين قرب مزار السيدة زينب في ريف دمشق، وعبر الإمساك بورقة الحدود اللبنانية ـ السورية الشرقية. وأكدت بالتالي، أن حصول أي تطوّرات ميدانية دراماتيكة في جرود عرسال سيؤدي إلى قلب المعادلة الأمنية الحدودية، وزيادة منسوب الضغط على الواقع اللبناني الداخلي، وذلك لجهة إعادة الهواجس من احتمال حصول أي اختراقات أمنية نتيجة سيطرة تنظيم «داعش» على مواقع «النصرة» في المواجهة الحالية الدائرة بينهما منذ عدة أيام.
وفي هذا الإطار، أبدت الأوساط ذاتها، خشية من أن تكون لهذه المواجهة المستجدّة تداعيات سلبية على مجمل المشهد الداخلي العام، بحيث تعيد إلى صدارة الاهتمامات إمكانات تسلّل عناصر إرهابية إلى مناطق وقرى بقاعية، الأمر الذي قد يؤدي إلى أكثر من تحدّ أمني أمام القوى السياسية التي تبدو اليوم منقسمة في اصطفافات سياسية جديدة، نتيجة التجاذب الحاصل حول الاستحقاق الرئاسي.
وأضافت الأوساط البقاعية عينها، أن القرى الحدودية معرّضة اليوم لأخطار كبرى، لافتة إلى أن الجيش اللبناني قد بادر ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع المواجهة بين «داعش» و«جبهة النصرة» إلى التحرّك بشكل مباشر وفاعل لمنع أي تمدّد للإرهابيين باتجاه الأراضي المجاورة للجرود. وأكدت أن سيطرة «داعش» على مواقع عديدة لـ «جبهة النصرة» في جرود عرسال، لن تؤثّر بشكل مباشر في مسار الجبهة هناك، حيث أن الجيش اللبناني يتعامل معها بالطريقة المناسبة ليستهدف أي تحرّك للعناصر الإرهابية التي قد تشكّل خطراً على الأراضي اللبنانية. وأضافت أن الخطوات والإجراءات المتّخذة منذ أشهر في التلال المواجهة للجرود قد أدّت إلى الحؤول دون أي تواصل ما بين الإرهابيين وبلدة عرسال. وبالتالي، تابعت الأوساط ذاتها، أن الجيش في كامل جهوزيته على طول الجبهة الممتدة من جرود عرسال إلى جرود رأس بعلبك لعزل وتطويق الاشتباكات والوقوف في وجه أي خطط لامتدادها نحو مخيّمات اللاجئين السوريين الموجودة داخل الأراضي اللبنانية في عرسال. وكشفت الأوساط نفسها، عن قرار صارم بمنع «داعش» من تنفيذ أي سيناريوهات إرهابية يستعد لها ضد لبنان من خلال العمل على توسيع رقعة انتشاره العسكري. وخلصت إلى أن هذا الواقع لا يعني عدم وجود ضرورة لتضافر الجهود السياسية، كما الديبلوماسية، لمنع أي تطوّر ميداني ينطلق من جرود عرسال وتدفع ثمنه بلدة عرسال بشكل خاص والساحة اللبنانية بشكل عام.