Site icon IMLebanon

صرخة في واد

الصرخة التي أطلقها الرئيس نبيه برّي من صور إلى كل المعنيين بالتوقف عن الدلع والتلاعب بمصائر وطن وشعب جاءت في محلّها بعد مرور قرابة السنتين والنصف على الفراغ في سدة الرئاسة الأولى نتيجة اللعب السياسي لهؤلاء، ولكن كيف تصرف هذه الصرخة، ومَنْ سمعها من المعنيين الذين يتربعون مرتاحين على عروشهم، الجواب الصح أن لا أحد منهم مستعد لسماع صرخة رئيس مجلس النواب ولا حتى صرخات الدول الأجنبية التي ما إنفكّت تحثّ هؤلاء المعنيين على إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل أن يسقط الهيكل على رؤوس الجميع، وهؤلاء المعنيون يتذرّعون بشتى الذرائع للتهرّب من المسؤولية، فيعزون أمر التقصير في إنجاز الاستحقاق إلى أمور خارجية، خارجة عن إرادتهم وهم ينتظرون جلاء هذه الظروف لكي يقوموا بواجباتهم، أو يتذرّعون بأمور داخلية كمثل عدم الاتفاق على رئيس أو مثل الحيثية السياسية والتمثيل الشعبي وغيرها وغيرها من الأسباب التي لا معنى لها سوى أنها تُتخذ من قبلهم ذريعة واهية لتعطيل الاستحقاق وإبقاء البلاد بلا رأس، ومَنْ يستطيع أن يعيش بدون رأس، وربما هم يتعمّدون ذلك للتعجيل في موت هذا البلد بعدما امتصّوا كل خيراته وموارده ووضعوه على حافة الإفلاس وفق ما أشار إليه رئيس مجلس النواب في صرخته المدوّية.

من هنا يصحّ القول أن صرخة الرئيس برّي في واٍ لأن هؤلاء المعنيين لا يريدون أن يسمعوها، وإذا ما سمعوا لن يتوقفوا عندها ولا يمكن أن يستيقظ ضميرهم المباع إلى أكثر من جهة إقليمية أو خارجية إذا صحّ التعبير الدقيق بالنسبة إلى هؤلاء المعنيين الذين يدّعون النطق بإسم هذا الشعب المسكين بل الخنوع لأنه ما زال يعترف بهم كمعنيين بشؤونه ومدافعين عن مصالحه، وعلى الرئيس برّي أن يفكّر بعد هذه الصرخة في الواد التي أطلقها ألف مرّة، قبل أن يتحدث عن حلول للأزمة التي تحوّلت إلى مصيرية من خلال سلّة واحدة أو من خلال عدّة سلات أو من دون سلّة لأنه لا يوجد لدى هؤلاء المعنيين أي رغبة أو إرادة في التجاوب مع ندائه وصرخته وإيقاظ الضمير النائم على المصالح الذاتية أو على مصالح الخارج كما يتباهى البعض جهارة بذلك كمثل حزب الله الذي يجاهر بأنه يتلقى التمويل الكامل من الجمهورية الإيرانية في مقابل تبعيته الكاملة إليها وتنفيذ مآربها في لبنان وحتى في المنطقة العربية كما هو واقع الحال وكل الأحوال.

بعد أيام قليلة سيكتشف الرئيس برّي على طاولة الحوار أن صرخته كانت في وادٍ ولم يسمعها أحد من الجالسين حول الطاولة وسيكتشف أن كل واحد منهم ما زال يحتفظ بأوراقه الداخلية والخارجية لكي تستمر أزمة لبنان ويستمر تعطيل المدخل الرئيس لعودة انتظام المؤسسات المشلولة وتفعيلها.