للأسف تبين ان اللبنانيين غير قادرين على حكم انفسهم لانه لا يوجد سبب مقنع لعدم تشكيل الحكومة، وهذا التأخير ما هو الا دليل على جشع كبير لدى المسؤولين وطمع وشراهة لا توصف لحب السلطة والكراسي الى جانب عدم تحليهم بالمسوؤلية المطلوبة لادارة بلد. في الماضي القريب كان البعض يشتكي من التدخل السوري ومن عدم تأليف حكومات تعكس متطلبات الشعب، اما اليوم، فما العذر الذي يبرر عدم تأليف حكومة متجانسة مع توجهات الاحزاب التي تتمتع بقاعدة شعبية كبيرة؟
اليوم هناك حرية في العمل السياسي والبلد ليس في قبضة السلطات السورية وليست الاخيرة من تحدد الوزراء ولا الحكومة اللبنانية، بل بات الامر في ايدي الاحزاب التي نادت بسيادة لبنان وبقراره الحر، انما اخفقت هذه الاحزاب والقيمون على هذا البلد حتى هذا التاريخ بإظهار انهم قادرون على تولي الحكم واحترام المهل والدستور والاعراف المكرسة في الحياة السياسية اللبنانية.
فلماذا لم يتمكن اللبنانيون من حكم انفسهم ؟ الجواب واضح هو انه لا يوجد لدينا رجال دولة ولا مسؤولين وطنيون قادرون على تولي زمام الامور، فهذا «التناتش» وهذا التنافس السلبي على الحصص خير دليل ان لبنان يفتقد رجال دولة امثال الرئيس الراحل فؤاد شهاب. لقد بنى شهاب مؤسسات الدولة اللبنانية، اما اليوم فنجد ان هذه المؤسسات شبه معدومة وقد باتت في ايدي السياسيين والاحزاب الذين يستخدمونها لمصالح ضيقة.
والادهى من ذلك، ان البعض يدعو الى احترام الدستور في حين لم يترك فرصة الا وانتهزها لخرق الدستور – باستثناء فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون – والدوس عليه، فعن اي دستور يتحدثون والجميع متورط في عدم احترامه. المحزن ان عاما جديدا بدأ للتو والخلافات متواصلة بين المسؤولين والفقر يزداد في لبنان والطبقة المتوسطة شارفت الى الاضمحلال والبطالة والهجرة ترتفعان والبلد يتجه نحو الانهيار.
ومع وجود هذه الطبقة السياسية، لا عزاء للشعب اللبناني لكل المآسي التي عاشها ويعيشها، لا بل ستزداد الامور سوءا حتى ان شكلت الاطراف اللبنانية حكومة في المدى القريب ذلك ان التناقضات في توجهات الموجودين في الحكومة المرتقبة اكبر بكثير من التوجهات التي تجمعهم. والحال ان مأساتنا ووجعنا لن ينتهي بمجرد تشكيل حكومة لان الدرب عسير امام هذه الحكومة المقبلة نظرا لنسبة «الطمع» بين الافرقاء السياسيين بيد ان التنازع على الحصول على وزارات معينة يؤكد ان «اكلة الجبنة» عينهم على المساعدات المالية التي ستأتي عبر مؤتمر سيدر لهذه الوزارات.
فعلا ان هذه الطبقة السياسية هي لعنة حلت على لبنان، فلم تتمكن من ان تحكم ولم ولا تملك رؤية وطنية، وما هذه الفوضى السياسية التي نشهدها الا دليل ثابت وواضح على فشل سياسيينا.v