لا نبالغ عندما نقول: إنّ عملية «طوفان الأقصى» هي أكبر عملية هُزمت فيها إسرائيل… إذ خلال ساعتين من الوقت قتلت «حماس» 1200 عنصر من الجيش الاسرائيلي وبعض المواطنين، وأسرت 250 إسرائيلياً، وهذه أكبر عملية تقوم بها حركة «حماس» من الجو والبحر والبر، وتحتلّ ما يُسمّى بـ»غلاف غزة» أي المستعمرات الاسرائيلية التي بناها الاسرائيليون بالقوة على أراضي الفلسطينيين، وأقاموا عليها مستعمرات يظنون ان هذه المستوطنات ستكون خط الدفاع الأول عن المدن المحتلة من قبلهم بعد سلبها من أصحابها الشرعيين.
صحيح ان الخسائر البشرية والمالية والاجتماعية الفلسطينية كبيرة.. لا بل هي كبيرة جداً، ولكن هذا الانتصار الذي حققه أبطال حركة حماس يعتبر يسيراً أمام ما حققته «الحركة» من نجاحات.
وللمناسبة ما دمنا نتكلم عن هزائم إسرائيل، فلا بد من ذكر الهزيمة الأولى عام 1973، أي في حرب أكتوبر أو «ت1» المجيدة حيث حقق الجيش المصري الذي اجتاز «خط بارليف» وأزاله وهو الذي كان يعتبر أهم خط دفاعي بالنسبة لإسرائيل، كما حقق الجيش المصري انتصاراً عسكرياً وكذلك فعل الجيش السوري في بداية الحرب، ولكن تدخل أميركا والجسر الجوّي غيّر المعادلات، ولولا تدخل الجيش العراقي الذي منع الجيش الاسرائيلي من احتلال دمشق. وكان هذا أوّل انتصار للجيوش العربية، بعد هزيمة عام 1967 العام الذي حققت فيه إسرائيل أكبر انتصار لها في التاريخ حيث احتلت صحراء سيناء في مصر، واحتلت الجولان والضفة الغربية من فلسطين التي كانت تابعة للأردن، كما احتلت غزة أيضاً.
هذا الانتصار لم تتمتع به إسرائيل طويلاً، بالرغم من مهاتراتها وتبجحها بأنها انتصرت على كل العرب… إذ انها استطاعت بـ5 أيام تحقيق أكبر انتصار عسكري في التاريخ.
هذا الانتصار -كما ذكرنا- لم يدم طويلاً لأنّ جيوش مصر وسوريا والعراق والكويت والمملكة العربية السعودية والمغرب، كل هؤلاء، شاركوا في «حرب أكتوبر» واسترجعت مصر صحراء سيناء، والفلسطينيون الضفة وغزة، والاردن وادي عربة، وسوريا لا تزال تنتظر الجولان.
ونأتي الآن الى الانتصارات الايرانية فنقول: إنّ أوّل انتصار كان دعم «حزب الله» اللبناني الذي استطاع أن يهزم إسرائيل ويجبرها على الانسحاب من لبنان من دون أي شرط، ولأوّل مرة في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي يحدث مثل هذا.
الانتصار الثاني هو انتصار «حماس» بالعملية العسكرية التي هزمت فيها الجيش الاسرائيلي شرّ هزيمة، واضطرت أميركا أن ترسل حاملتي الطائرات «إيزنهاور» و»جيرالد فورد» لحماية إسرائيل التي بدأت تنهار.
اليوم، بغض النظر عن التضحيات التي يقدّمها أبطال «حماس» في غزة علينا أن نعترف انه ليس على إسرائيل إلاّ أن تذهب الى طاولة المفاوضات… فالحل الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية بقيادة «حماس»..
أما عن الأكثرية العربية فماذا يفعلون، باستثناء جمهورية مصر العربية وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لا يزال الرئيس العربي الوحيد الذي يهدّد إسرائيل، والذي يسعى بجهد كبير لتأمين المساعدات الإنسانية والطبّية والغذائية والمياه والمحروقات، إذ لا يزال الاسرائيليون يماطلون وكأنهم لم يستفيقوا من قوة الصدمة التي لا يمكن أن يستوعبوا بسرعة ماذا حصل.
وأيضاً الكويت، إذ أعلن وزير داخليتها الشيخ طلال الخالد الأحمد وبصراحة تامة ووضوح أنّ الكويت منذ عام 1967 في حال حرب مع إسرائيل.
اما بقيّة العرب وخصوصاً دولة بكبر وقوة المملكة العربية السعودية بإمكانياتها المالية والبشرية التي تملكها، لو انها منذ تحذير الملك عبدالله بن الحسين من أنّ إيران تسيطر على 4 عواصم عربية، وبدل أن تنتبه المملكة وتدعم اللبنانيين والسوريين واليمنيين والعراقيين، وكل هؤلاء من أهل السنّة… الشيء الوحيد الذي فعله ولي العهد السعودي انه ذهب الى عُمان وطلب من الصينيين أن يقوموا بعملية مصالحة بينه وبين إيران.
لن أطيل الحديث عن هذا الموضوع، ولكن سوف يأتي اليوم الذي أضع فيه اصبعي على الجرح، وأكشف عن أخطاء المملكة العربية وعن زعامتها للعالم العربي، وعن الاهتمام بالمطاعم والسينما والافراح والليالي الملاح.