في الولايات المتحدة، وفي اجتماع وُصف بالدقيق، إلتقت رئيسة بعثة لبنان الدائمة السفيرة أمل مدلّلي بحضور ملحق الدفاع اللبناني قائد معركة فجر الجرود العميد فادي داوود، بوفد رفيع المستوى من الجمهورية الفيدجية ترأسه وزير الدفاع الفيدجي المبعوث الخاص بإسم رئيس الجمهورية الفيدجية.
وضمّ الوفد رئيس اركان القوات المسلحة الفيدجية ووزير الأمن مساعد وزير الخارجية الفيدجية، كما انضمّ الى الإجتماع العضو الدائم للدولة الفيدجية في الأمم المتحدة بالإضافة الى المستشار العسكري العضو الدائم للدولة الفيدجية في الأمم المتحدة والمستشار الخاص لوزير الدفاع الفيدجي.
وقد تمّ البحث بأمور دقيقة تهمّ البلدين، وتناول البحث بشكل خاص وضع قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني وتحديداً عمل القوات الفيدجية المنضوية تحت لواء قوات اليونيفيل التي تضمّ قواتاً متعددة، وقد وصفت مصادر رفيعة المستوى اللقاء بالدقيق جداً.
تجدر الإشارة الى تاريخ شهر كانون الثاني من العام 1996 حين عقد لبنان والأمم المتحدة اتفاقاً في شأن الوضع القانوني للقوات الدولية المؤقتة، كما تجدر الإشارة الى الحدث المأساوي الذي وقع في نيسان من العام 1996 في بقعة انتشار القوات الدولية خلال «عناقيد الغضب»، حيث احتمى الأهالي في مقر القوة الفيدجية، لكنّ هذا لم يمنع اسرائيل من قصفها فقضى 106 شهداء من اللبنانيين، وجُرح 4 جنود من القوات الدولية بالاضافة إلى أضرار جسيمة في العتاد.
وفي الوقت الذي تناقلت المصادر نفسها معلومات تفيد عن نيّة الأمم المتحدة سحب القوات الخاصة الفيدجية العاملة ضمن قوات اليونيفيل من جنوب لبنان لأسباب مجهولة، تحفّظَت تلك المصادر عن ذكر تلك الأسباب.
وفي السياق تناقل دبلوماسيون معلومات عن سفيرة واشنطن لدى الامم المتحدة، نيكي هايلي، تفيد بانشغالها في اعداد اقتراح لإجراء مراجعة شاملة لقوات حفظ السلام الدولية من المرجّح ان تقود الى إنهاء بعض البعثات وتقليصها.
وقد وعدت هايلي، إثر تولّيها منصبها، بإعادة تشكيل الامم المتحدة و»التخلّص» ممّا وصفته بالنشاطات «التي عَفا عليها الزمن»، وسط نقاش في واشنطن بشأن التمويل الاميركي للمنظمة الدولية.
وخلال اجتماعات فردية مع سفراء مجلس الامن الدولي هذا الاسبوع، بحثت هايلي مسألة قوات حفظ السلام كأولوية لخفض التمويل للمشروع الأهم للأمم المتحدة، وذلك بحسب بعض الدبلوماسيين الذين اطّلعوا على النقاشات. وقد صرّح أحدهم في الامم المتحدة «بشأن الاصلاحات، كاشفاً أنّ هايلي تقوم بمراجعة كل مهمة من مهمات حفظ السلام الـ 16 على حدة، وهي «متشككة نسبيّاً» في قيمة وفعالية العديد من بعثات القبعات الزرق.
وصرّح دبلوماسي بارز في مجلس الامن لوكالة فرانس برس، انّ إصلاحات حفظ السلام هي «أولوية» بالنسبة للسفيرة الاميركية الجديدة «التي ترغب في العمل بشكل وثيق مع شركاء رئيسيين» حول القضية خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم انّ عدد الجنود الاميركيين العاملين في قوات حفظ السلام قليل، الّا انّ واشنطن أكبر مموّل لعمليات حفظ السلام الدولية حيث تساهم بنسبة 29% من ميزانية تلك القوات البالغة 7,9 مليارات دولار هذا العام.
وخلال جلسات استماع في مجلس الشيوخ الشهر الماضي، أوضحت هايلي انها تسعى الى خفض المساهمة الاميركية في تمويل قوات حفظ السلام الى اقل من 25%، وقالت انّ على الدول الاخرى زيادة حصتها في تحمّل الاعباء.
تشارك القوى الفيدجية في لبنان في قوات اليونيفيل منذ العام ١٩٧٨
قائد الوحدة الحالي: Maj . MAMAU
العديد: ١٤٧ عنصراً، الطيري (القطاع الغربي)، ٣٠ عنصراً – بلاط (القطاع الشرقي)
المهمة: القطاع الشرقي (بلاط): الحرس على المدخل
القطاع الغربي 45-2 A (التمركز مع الكتيبة الإيرلندية / الفنلندية) حرس على المدخل وعدم التحرك إلّا بأمر مباشر من قائد القوى FC.
إشارة الى أنّ الكتيبة الفيدجية التحقت في ٢٨ / ٢ / ٢٠١٥ بالكتيبة الإيرلندية/ الفنلندية، وأنّ عملية التبديل تتمّ سنوياً.
مهام اليونيفيل
تجدر الإشارة الى أنّ قوات اليونيفيل أنشئت بموجب قراري مجلس الأمن الدولي ٤٢٥ و٤٢٦ الصادرين في ١٩ آذار ١٩٧٨، وقد وصلت طلائعها إلى لبنان في ٢٣ آذار ١٩٧٨. وفي قراره رقم ١٧٠١ (٢٠٠٦)، أذن مجلس الأمن الدولي بزيادة حجم قوات اليونيفيل إلى ما لا يزيد عن ١٥٫٠٠٠ جندي. ومنذ ذلك الحين ظل عديد اليونيفيل ضمن هذا الحد الأقصى، حيث يبلغ حالياً أكثر من ١٠٫٥٠٠ جندي من ٤٠ بلداً. ويشمل ذلك حوالى ٨٥٠ جندياً عاملين في القوة البحرية. إضافة إلى وجود نحو ١٠٠٠ مدني لبناني وأجنبي من حفظة السلام يعملون مع قوات اليونيفيل…
وإضافة إلى التفويض الممنوح إلى قوات اليونيفيل، والذي حصر نشاطها في مراقبة الوضع في جنوب لبنان وإرسال تقارير عنه إلى مجلس الأمن، فإنّ مهمة القوة المعزّزة بمقتضى القرار 1701 للعام 2006 تشمل:
- مراقبة وقف الأعمال العدائية.
- مراقبة انتشار الجيش اللبناني على الخط الأزرق بالتزامن مع انسحاب إسرائيل من لبنان.
- تنسيق النشاطات المذكورة مع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية.
- ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين والإشراف على العودة الآمنة للنازحين إلى ديارهم.
- التأكد من خلو المنطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني من أي مظاهر مسلّحة، ما عَدا سلاح الحكومة اللبنانية وقوة يونيفيل المنتشرة في المنطقة.
- مساعدة الحكومة اللبنانية، وبناءً على طلبها، في تأمين حدودها ومعابرها لمنع دخول أي سلاح من دون موافقتها.
- مهمة قوة يونيفيل المعزّزة هي قوة دفاعية بشكل أساسي مع إمكانية استخدام القوة المناسبة في حال دعت الحاجة، أي من حق جنود قوة يونيفيل المعزّزة فتح النار دفاعاً عن النفس ولحماية المدنيين في لبنان…
- يمكن اللجوء إلى القوة المتكافئة لمنع استخدام المنطقة العازلة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني لأنشطة عدائية. ويسمح أيضاً باستخدام القوة للتصدي لمحاولات عرقلة مهمة يونيفيل أو لحماية المدنيين من أي خطر وشيك.
«سيدر» حلَّ مُشكلة الإستثمارات وبقيت مُشكلة المالية العامّة
بروفسور جاسم عجاقة
حصد لبنان ما يقارب الـ 11 مليار دولار أميركي في مؤتمر سيدر 1 منها 860 مليون دولار أميركي على شكل هبات. وإذا كانت هذه الأموال تُشكّل نوعا من الأوكسيجن للإستثمارات في الإقتصاد اللبناني، إلا أن الدوّلة ما زالت تواجه مُشكلة إيرادات الخزينة التي تحتاج إلى تدّعيم في ظل زيادة الإنفاق.
تهدف السياسات الإقتصادية إلى إيصال المُجتمع إلى مستويات عالية من التطور الإقتصادي، الإجتماعي، التكنولوجي… وغيرها. هذا الأمر يفرض على الحكومات وضع خطط عملية تزيد من فعّالية الماكينة الإقتصادية حيث يتمّ تعظيم الإنتاج بإستخدام كل الموارد المُتاحة.
بالطبع هذا الإجراء يفرض ضمان حرّية اللاعبين الإقتصاديين وحماية حقوقهم (ملكية…)، كما وضمان ثبات إقتصادي من خلال تخفيف التغيّرات في نسب النمو الإقتصادي، وتوزيع عادل للثروات في المُجتمع كلٌ بحسب مُساهمته.
من هذا المنطلق وبنظّرة إلى الإقتصاد اللبناني، نرى أن هناك سوء إستخدام للموارد المتوفّرة (إن بسبب التخطيط أو نتاج فساد أو هدر). وبالتالي، هناك خسارة حسابية في الناتج المحلّي الإجمالي ناتجة عن ثروات كان للإقتصاد اللبناني القدرة على خلقها لكن بسبب سوء إستخدام الموارد لم تتمّ الإستفادة من هذه الثروات.
تُعتبر الأموال جزء من هذه الموارد وهي موزّعة بين لاعبين أساسيين هما الأسر والشركات وثانويًا مع الدوّلة التي من المفروض أن أموالها تأتي حصريًا من الضرائب وليس نتاج إنخراطها في اللعبة الإقتصادية.
تقول النظرية الإقتصادية أن الأموال المُتوفرة في البلد يجب إستخدامها في إستثمارات في الماكينة الإقتصادية وذلك بحكم أن الإستثمار هو مفتاح خلق الوظائف وبالتالي الإستهلاك وكنتيجة الناتج المحلّي الإجمالي.
الأموال المتوفّرة في لبنان لا تُستخدمّ بشكل جيد من ناحية أن عجز الدوّلة اللبنانية يدفعها إلى الإستدانة من الأسواق وبالتالي مُنافسة القطاع الخاص على الأموال التي كان ليستخدمها في الإستثمار في الماكينة الإقتصادية. وزاد من الأمر سوءًا نسب الفوائد التي تدفعها الدولة اللبنانية على سندات الخزينة مما يتضارب وعائدات الإستثمارات في الإقتصاد اللبناني في ظل تردّي عوامل الإستثمار (إطار قانوني، فساد، أحداث أمنية…).
كل هذا للقول أن المُشكلة في لبنان تبقى بإلإستخدام السيء للموارد المُتاحة كما تنصّ عليه النظرية الإقتصادية.
حاجة الدوّلة إلى الأموال آت من عاملين أساسيين: نقص في الأموال المُحصّلة من الضرائب، والهدر في الإنفاق. وهذين العاملين هما ما يُطالب المُجتمع الدولي، من خلال مؤتمر سيدر 1، لبنان بمعالجتهما. أي بمعنى أخر، يُطالب المُجتمع الدولي الدوّلة اللبنانية بتحصين تحصيل الضرائب (وليس زيادتها كنسبة مئوية) ووقف الفساد والهدر المُستشريين في الإدارة العامّة.
وهنا لا بدّ لنا من إلقاء نظرة على أسباب تراجع مداخيل الدولة من الضرائب التي تُعتبر المدخول الوحيد للدوّلة اللبنانية (في الأحوال الطبيعية):
أولًا – التهرّب الضريبي والذي أظهرت الدراسة العلمية التي قمنا بها أن قيمته تصل إلى 7.2% من الناتج المحلّي الإجمالي سنويًا أي ما يوازي 4 مليار دولار أميركي (لقد كنا من أول من أعطى هذه الأرقام في مقال نُشر في جريدة الجمهورية بعنوان «الفساد يُكلّف لبنان 10 مليار دولار سنوياً « بتاريخ 3/1/2015).
على سبيل المثال، يُعتبر التهرّب الضريبي في المرفأ والمطار وعلى الحدود، التخمين العقاري، التهرّب من دفع الضريبة على القيمة المضافة، التهرّب من دفع ضريبة الدخل، الأملاك البحرية والنهرية… من أكثر الأبواب التي يتمّ من خلالها التهرّب من دفع الضرائب.
ثانيًا – تحصيل الجباية من فواتير ورسوم على معاملات وخدمات قدّمتها الدوّلة (تلفون، كهرباء، رسوم…) والتي تخطّت حتى الساعة الـ 3.5 مليار دولار أميركي. الجدير ذكره أن الفرق في هذه الحالة أن المعنيين معروفون بالأسماء وليسوا مجهولين كما هي الحال في التهرّب الضريبي.
ثالثًا – الإقتصاد الموازي (Informal Sector) والذي يبلغ حجمه 38% من الإقتصاد اللبناني أي أن الحجم الحقيقي للإقتصاد اللبناني هو 70 مليار دولار أميركي! وبالتالي فإن عدم خضوع نشاطات الإقتصاد الموازي للضرائب يؤدّي إلى تراجع كبير في مداخيل الدوّلة اللبنانية (أقلّه 38%).
رابعًا – الفساد في الإدارات العامّة حيث يتوّجب دفع الرسوم نسبة لحجم العملية، لكن الموظّف يعمد إلى تغيير واقع العملية على الورق لكي يتمّ دفع مبلغ أقلّ للخزينة وبالتالي يستحصل هو على حصته. وهذه الخسارة تبلغ أقلّه 20% من إجمالي ما تجنيه الدولة اللبنانية من إجمالي الرسوم المفروضة.
خامسًا – الخسارة غير المُباشرة على خزينة الدوّلة الناتجة عن ضرائب كانت لتحصل عليها الدولة لو أن النشاط الإقتصادي كان أكبر (هذه الحالة تُسمّى بضياع الفرص الإقتصادية). وبحسب النموذج الحسابي الذي وضعناه، تُقدّر هذه الخسارة بما لا يقل عن 4.5 مليار دولار أميركي سنويًا!
سادسًا – المُعاهدات التي وقّعتها الدولة اللبنانية مع الإتحاد الأوروبي (التبادل الحرّ) ومع الدول العربية (معاهدة التيسير العربي) والتي حرمت الخزينة من الكثير من الرسوم الجمركية على البضائع المُستوردة من الإتحاد الأوروبي ومن الدول العربية. الجدير ذكره أن ما لا يقلّ عن 40% من إستيراد لبنان مصدره الإتحاد الأوروبي و10% من الدوّل العربية، وبالتالي فإن الخسائر ترتفع إلى ما يقلّ عن ملياري دولار سنويًا!
لذا، ومما تقدّم نرى أن إيرادات الدولة بحاجة إلى تدّعيم وهذا الأمر يفرضّ خطّة واضحة من الحكومة تسمح بتحسين مداخيل الدوّلة كي لا تتجّه إلى الإقتراض من الأسواق وبالتالي منافسة الإستثمارات في القطاع الخاص.
هذه الخطّة تحوي على النقاط التالية:
أولًا – وضع قاعدة بيانات مُوحّدة بين الجمارك، وزارة الإقتصاد والتجارة ووزارة المال.
ثانيًا – خلق وحدة مكافحة التهرّب الضريبي والإختلاس على أن تُطلق يدها ولا تكون خاضعة لقانون السريّة المصرفية.
ثالثًا – سنّ قانون يُعاقب فيه التهرّب الضريبي على أساس أنه جريمة وليس جنحة يتم فيها دفع المُستحقات فقط.
رابعًا – منع العمليات النقدية التي تفوق قيمتها الثلاثة آلاف دولار أميركي وحصرها بالبطاقة المصرفية أو الشيك المصرفي أو التحاويل المصرفية.
خامسًا – وضع قانون خاص يرعى عمل شركات الأوفشور لمزيد من الشفافية المالية.
سادسًا – تدعيم دور الجمارك وزيادة الرقابة على أفرادها.
إن هذه الخطوات وحدها كفيلة بمحو عجز الموازنة في أقل من سنتين. وبما أن كل الأحزاب اللبنانية في جلسة مجلس النواب لمُناقشة الموازنة قد صرّحت أنها تريد مُكافحة الفساد، فليكن شعار حكومة ما بعد الإنتخابات «حكومة إستعادة السلطة المالية للدوّلة اللبنانية».