فيما الاطراف السياسية اللبنانية متلهية بخوض معاركها في اطار تقاسم مغانم السلطة، عشية تخابط كرة السلسلة ومواردها، ثمة في الكواليس من يطبخ «سما» من نوع آخر محاولا الاستفادة من الوقت، مفتعلا معارك وهمية مصوبا على المؤسسة العسكرية مواربة، من بوابة تسرب الارهابيين الى خارجه، سواء تحت ستار صفقة من هنا وتسوية من هناك، او عجز عن الامساك بالامن في محيطه، في حملة تعززت منذ انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مستهدفة الجيش قيادة ومؤسسة لاهداف سياسية لم تعد خافية على احد، تبنته بعض وسائل الاعلام اللبنانية، من الحملات المضمرة الظالمة،في الوقت الذي تكبر المخاوف من استخدام المخيمات الفلسطينية وخصوصا مخيم عين الحلوة، قاعدة لتنفيذ أعمال إرهابية في الداخل في ظل الاخبار الكثيرة التي يتم تداولها مؤخرا.
مصادر مقربة من قيادة الجيش ذكرت بوعد العماد عون جوزاف عون خلال لقائه اهالي العسكريين الشهداء في اليرزة بان «دم كل عسكري امانة في رقبتي، ما حدى رح يعتدي عا عسكري بعد اليوم ويفلت من العقاب، نحنا كجيش بنرجع حق عسكرنا وما منثأر»، مشيرة الى ان القائد وفى بوعده عندما حكمت المحكمة العسكرية بالاعدام على الشيخ احمد الاسير، مقيمة العدل، جازمة ومطمئنة كل اللبنانيين الى ان لا مجال للمساومة او التسوية مع الارهابيين في عين الحلوة تحت اي ظرف من الظروف، داعية الى عدم الاخذ بالشائعات التي تطلق بهدف التشكيك بالجيش.
اوساط وزارية متابعة اكدت ان القرار اللبناني حاسم بالنسبة لقيادات الصف الاول وان لا تراجع تحت اي ظرف ،داعية الى عدم الرهان على ظروف مشابهة لما حصل في مرطبيا خلال معركة فجر الجرود، ذلك ان الامور مختلفة بالكامل ولا مجال لاي شبه، مشيرة الى ان القيادات الفلسطينية المعنية ابلغت منذ اليوم الاول رسائل واضحة لا لبس فيها بانه ليس امام المطلوبين سوى حلين، اما تسليم انفسهم للقضاء اللبناني،او انتظار مصير مشابه لعماد ياسين، مؤكدة ان من مصلحة الفلسطينيين بكافة اطيافهم الضغط في اتجاه «تنظيف» المخيم لاراحة سكانه من الضغط القائم خصوصا ان انقسام تلك الجماعات خارج المخيم انعكس اتفاقا فيما بينها اذ لم تسجل اي عمليات اقتتال بل على العكس توحدت كل تلك الجماعات تحت راية «الشباب المسلم» مشكلة غرفة عمليات مشتركة حامية بعضها البعض، مشددة على ان ما لم تقبله الدولة سابقا لن تقبل به اليوم، مطمئنة الى ان كل الكلام عن محاولات تسلل وفرار خارج المخيم لا تعدو كونها اشاعات، فالدولة لن تدخل في اي صفقة على هذا الصعيد والاجهزة الامنية والعسكرية اتخذت كل الاجراءات اللازمة في هذا الخصوص.
وتكشف الاوساط ان ما نقلته القيادات الفلسطينية من معلومات عن فرار مطلوبين من الصف الاول الى خارج المخيم يبقى موضع شك في ظل عدم وجود ادلة قاطعة بهذا الخصوص،علما ان السيناريوهات «الهليودية» التي يجري نشرها، تبقى اقرب الى الخيال في ظل الاجراءات الامنية التي تتخذها وحدات الجيش في محيط المخيم، سائلة من يؤكد هوية ابو الخطاب ومن يملك اساسا صورة له، ومن قال ان من ظهر في الفيلم المصور هو ابو الخطاب؟
وذكرت الاوساط ان هناك اكثر من 35 من المطلوبين الخطرين داخل المخيم من اصل 160 اسما، بينهم الارهابي شادي المولوي وفضل شاكر، وآخرين من جماعة الارهابي أحمد الاسير، كذلك كل من أسامة الشهابي، هيثم الشعبي، رامي ورد، توفيق طه، ابو بكر حجير، رائد عبدو، جمال حميد، محمود الحايك، ابراهيم عاطف خليل الملقب بـ «المنغولي»، جبر حوران، محمد الشعبي، جمال رميض، هلال هلال، توفيق طه، رائد جوهر، زياد ابو النعاج، هيثم الشعبي، محمد الشعبي، بلال بدر، ابو جمرة الشريدي، يوسف شبايطة، بهاء الدين حجير، بلال العرقوب، جميعهم موزعون في حيّ الصفصاف وحيّ حطين في المخيم ومنتمون الى «فتح الاسلام» و«جند الشام» ومجموعة المقدسي و«جبهة النصرة» و«داعش» و«كتائب عبدالله عزام» والقاعدة.
وفي هذا الاطار نقلت معلومات عن مصادر فلسطينية من داخل المخيم عن «انشقاقات» داخل هذه المجموعات واختلافات حول السبل الافضل لمواجهة المرحلة المقبلة خصوصا بعد سقوط الجرود والحصار المشدد المفروض على مخيم عين الحلوة ،بما فيه مجال الاتصالات والتي ادت الى كشف اكثر من مجموعة ارهابية، فضلا عن الحركة «المقلقة» لاحد اجهزة الاستخبارات الاقليمية داخل المخيم، والاهم المخاوف من نتائج الاتفاق الفتحاوي – الحمساوي، على المخيم، خصوصا ان حركة حماس شكلت في الفترة الماضية صمام امان للجماعات الاسلامية المتطرفة وغطاء استطاعت ان تحتمي تحته نتيجة للتوازنات التي ارستها الخلافات الفلسطينية الداخلية سابقا.
غير ان اللافت هذه المرة الاهتمام الاميركي المباشر بمجريات الاحداث على الساحة الصيداوية والمخيم خاصة، من خلال قيام وفد عسكري اميركي ضم مساعد قائد القيادة الوسطى الاميركية بزيارة ثكنة محمد زغيب في صيدا على متن طوافة عسكرية اقلته الى ملعب المدينة البلدي، حيث اجتمع الى رئيس فرع مخابرات الجنوب العميد فوزي حمادة واطلع منه على تفاصيل الوضع في المخيم والاجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني.
فهل يسبق سيف السلطة والدولة عزل المتطرفين في عين الحلوة؟ ام ما كتب اقليميا ورسم من دور للاجئين المئة الف قد كتب؟ كل الفرضيات مباحة الا ان اكيدا واحدا اصبح في حكم الامر الواقع، قرار القيادة العسكرية اللبنانية بحسم الموضوع ايا كان الثمن طالما ان الامن القومي اللبناني في خطر.