Site icon IMLebanon

حلمٌ يتبدد

 

 

الصفحات الاقتصادية من هذا «الشرق» تضج، من أسفٍ شديد بأخبار القلق والحذر، بل والخوف على لبنان. الخوف الحقيقي على وطن بات مضغةً في الأفواه، أفواه الأقربين والأبعدين، المحبين والمبغضين، الداعين له والحاقدين عليه.

 

هذا الوطن الحلم آخذ في الذوبان، أمام اعيننا، نحن الجيل الذي عاش البحبوحة والازدهار، الفرادة والتفوق، الريادة والتميّز. ذاك الوطن الذي لم يبق منه شيء منذ أن فلتت عليه ذئاب جائعة امتصت دماءه، وأكلت لحمه، وجرمت عظامه ولم تترك منه إلاّ هذه الصورة المشوّهة التي سرعان ما بدت على حقيقتها المقززة، المخزية، الشنيعة ما أن أُسقطت ورقة التين عن العورات التي تسببت بها، منذ ما بعد الحرب وحتى اليوم، مجموعة من القيادات الهجينة التي كتبنا غير مرة، في هذه الزاوية بالذات، أنها وصلت الى التحكم بمصائرنا في غفلة من الزمن على حساب سلّم القيم، والأخلاق، والكرامات، وتلك العناوين المشرقة لبلدٍ كان درّة الشرق فحولوه إلى مزبلة، وكان أكثر بلدان الشرق ازدهاراً بما فيها الدول المنتجة للنفط  فجعلوه يتيماً على موائد اللئام!

 

ولكن ما ذنب اللبناني الطيّب، واللبنانيون كلهم طيّبون بإستثناء أولئك الهجينين الذي تخرّجوا من الحروب التي استفادوا فيها من التجاوزات كلها والإجرام كله ليفرضوا على اللبنانيين الأوادم الطيبين مشيئة القوة الغاشمة… وليجدوا من يدعمهم من خارج لبنان بالمال والنفوذ في مخطط جهنمي بدأنا نلمس  اليوم أهدافه ونتلمس نتائجه وتداعياته وأثقاله المروّعة!

 

أجل ما ذنب اللبنانيين الطيبين الأوادم، الذين تعبّر عنهم هذه الأصوات الشريفة التي تصدرها من أعماق القلوب الجريحة الحشود الكبيرة التي ثارت لكرامتها ولعنفوانها وخصوصاً لحقها في الحياة.

 

 

وأعود الى صفحات الاقتصاد في هذا «الشرق» لأجد في رسالة المؤسسات السياحية الى المسؤولين  أن مئة وخمسين ألف عائلة (من العاملين في هذا القطاع)  مهدّدة بلقمة عيشها.

 

وفي قرار نقباء المستشفيات والمستوردين التحرك التحذيري  من توقف المستشفيات عن استقبال المرضى، بسبب عدم تسديد المستحقات. وتلويح الهيئات الاقتصادية بإتخاذ خطوات تصعيدية مطلع الأسبوع المقبل. وصرخة جمعية الصناعيين حول صعوبة القطاع ومعاناته الكبيرة. وتنافس وكالات التصنيف (تنافس مشكوك في أبعاده وأهدافه وخلفياته) على خفض تصنيف المزيد من المصارف اللبنانية، هذه المصارف التي كانت المدرسة التي تخرّجت منها مصارف عديدة في مختلف أنحاء العالم العربي. وقرار المصارف الإقفال اليوم السبت وهو يوم عمل عادي (…).

 

هذا غيض من فيض، وفي يوم واحد في صحيفة واحدة!

 

وبعد نصرخ بأعلى الصوت: ماذا فعلتم بلبنان ايها المتعاقبون على المسؤولية منذ عقود وما زلتم تفعلون به اليوم؟!