إذا كان الغريق يتعلَّق بحبال الهواء، فإنَّ الغريق اللبناني يتطلَّع إلى حبال حكومته ليتعلَّق فيها، فينظر كلَّ يومٍ إلى ما تقوم به علَّه يجد في عملها أو عمل رئيسها ما يشفي غليله ليقول:
لدينا دولة تعمل على الأقل.
لكنَّ شيئاً من التدقيق يُظهر أنَّ الوقائع عكس الأمنيات، وإذا أخذ أيُّ مراقب عيِّنة سياسية عشوائية من يوم من يوميات رئيس الحكومة، فإنه يجد أنَّها غير مطابقة لا في السياسة ولا في الإنجازات.
يُدقِّق المراقب في جزء من نشاط رئيس الحكومة فيقرأ ما يلي:
تابع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الأوضاع المحلية والخارجية مع زواره واستهل نشاطه صباح اليوم في السراي، بلقاء مع وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور وتناول البحث شؤون وزارته.
ثم استقبل وفداً مشتركاً من المهندسين اللبنانيين والألمان في حضور سفير ألمانيا لدى لبنان كريستيان كلاغيس.
والتقى أعضاء لجنة الصحة النيابية برئاسة النائب عاطف مجدلاني الذي قال بعد اللقاء:
وضعناه في أجواء ما آل إليه تنفيذ القانون 174 الذي يقضي بالحدِّ من التدخين، ومساءً استقبل الرئيس سلام بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، كما استقبل وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس، وتمَّ البحث في التطورات العامة في البلاد وشؤون وزارته.
إنتهى النهار والحصيلة إستقبل وودَّع، واستطراداً لا قيمة مضافة على هذا النهار الحكومي بل لقاءات واجتماعات بناءً على مواعيد مسبقة وكلامٌ عمومي لا يتحمل أي صفة من صفات الإنجازات.
هذا هو حال رئيس الحكومة، أما عن حال وزرائه، أو أكثرهم على الأقل، فلا يتغيَّر كثيراً، فباستثناء قلة قليلة تعمل، فإنَّ معظمهم يتمحور جهده على ما يلي:
التفتيش في ملفات الوزارة عن الدعوات الموجَّهة من الخارج، من وزارات أو من هيئات أو منظمات، لحضور مؤتمرات أو إجتماعات دورية، فيعمد إلى الطلب من معاونيه إبلاغ المعنيين في الخارج بأنَّه سيلبّي الدعوة، بصرف النظر عن أهميتها أو مردودها على وزارته أو على البلد. غالبية هذه الدعوات تكون شكلية وبروتوكولية ولا نتيجة منها، لكن بعض الوزراء يرون فيها رحلة راحة وإستجمام فيوافقون عليها ويقومون بها، ثم يعمدون إلى توزيع البيان تلو البيان عما قاموا به مع إنها لا تكون تساوي شيئاً.
تلك هي حال رئيس حكومتنا وبعض وزرائه، فأيُّ أمل يُرتَجى منه ومنهم؟
اللبنانيون في ورطة، فلا هُم قادرون على التعايش مع الواقع الذين هُم فيه ولا هُم قادرون على تغييره، لأنَّ التغيير لم يعُد كلمة في الفم بل أصبح مكلِفاً جداً ولا طاقة لأحد على تحمُّله.