لم تعد الإنتخابات النيابية في زحلة محصورة بمحور أو زعيم أو رئيس لائحة، فالكتل والمحاور الحزبية غير قادرة على فرض لائحة وإسقاط مرشحين «بالباراشوت» كما جرت العادة في الإستحقاقات النيابية الماضية، بل على العكس سيكون إلزامياً عليها اللجوء إلى التعاون والتحالف إنتخابياً مع مرشحين لهم حضورهم الإنتخابي والإقتصادي، وكذلك الزعيم التقليدي الذي اعتاد على تدفّق المرشحين إلى دارته لنيل رضاه بهدف دخولهم جنة لائحته، لا يستطيع اليوم ضمان مقعده النيابي، أمّا فيما يتعلّق برئيس اللائحة الذي ينتظر الإشارات و الرضى الإقليمي، قد يكون من الصعب فرض وترجمة هذه الإشارات مرة اخرى على الكتلة الناخبة في دارته.
مع إقرار قانون النسبية دخلت الحياة السياسية اللبنانية في مرحلة جديدة تقول اوساط سياسية، ستختلف بلا شك عن الواقع السياسي والأمني والإجتماعي الذي حكم لبنان لعقود عديدة. وسيتغير معه الخط الأدائي في الخطاب وأيضاً في الحراك الإجتماعي، المغلف في تلك الفترة بالمصلحة السياسية الإنتخابية…
ولأن القانون النسبي في دول العالم التي لا تتحكم فيها الطائفية والمذهبية بالمقاعد في البرلمان والرئاسة والحكومة. يمكن لها أن تطبق بأحسن صورها. أما في لبنان يختلف الأمر، فجاء الصوت التفضيلي الحر ظاهره وطني وباطنه طائفي ويعطي الحرية للمقترع بأن يصوّت للذي يختاره ويفضله، لذلك كان المخرج النهائي للقانون «مختلط» ما بين النسبية وما بين المحافظة على مكونات الطوائف في المجتمع اللبناني على أمل في السنوات القادمة مع الاجيال الصاعدة، أن تتوصل فيما بينها الى قانون نسبي من دون ضوابط مذهبية وطائفية.
ولكن وبلا شك أن القانون الجديد سيريح الحياة السياسية في لبنان تضيف الاوساط، ويفتح مساحة واسعة من الطمأنينة والاستقرار بعيداً عن «موشحات» الظلم المعتادة، وسيعطي القدرة لأي قوة سياسية أن تتجمع وتنظم نفسها لخوض غمار الحياة السياسية البرلمانية، وبالوقت عينه بين حقيقة حجم كل القوى استناداً الى واقعها الشعبي، وأيضاً بعيداً عن الموجات الاعلامية التي كان البعض يتفنن بممارستها في الفترات الماضية.
فالصوت التفضيلي ورغم الهجمة عليه فهو اللباس المفصّل لحجم الحزب أو الشخص، إلاّ اذا استشرست بعض الشخصيات وفتحت معركة مالية كبيرة جداً لشراء الأصوات بحسب الاوساط، وهنا يفتح كل مرشح على حسابه الخاص لأن الشراء للائحة لم يعد يجدي وينفع وحتى التصويت داخل اللائحة الواحدة سيولد نفوراً و«نقار» ومشكلة ما بين رفاق الخط الواحد والدائرة الواحدة وسيجتهد كل مرشح ان يرجح كافة الأصوات لجانبه دون حليفه في اللائحة، وهذا سيعكس مستقبلاً على تماسك عناصر الحزب الواحد اوالتيار، وسيساهم في بروز أجنحة تتصارع فيما بينها. وهذا الأمر وفق الأوساط، سيظهر في تحالفات التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وعلى وجه التحديد في مدينة زحلة وقضائها، وفي البقاع الغربي حيث ستشهد هذه الدائرة تجاذبا عميقا بين مرشحي تيار المستقبل أنفسهم وبين مرشحي المعارضة السنيّة أنفسهم ايضا، لأن فرص مرشحي المعارضة السنيّة متكافئة الى حد كبير.
ووفق هذا المتغير في إنتاج السلطة التشريعية تشير الأوساط أن المعركة الإنتخابية المقبلة في دائرة زحلة ستكون شديدة التنافس على كافة المقاعد باستثناء المقعدين السنّي والشيعي لأنّ تيار المستقبل لا يزال يتمتع بتأييد شعبي واسع داخل الطائفة السنية التي بلغ عدد ناخبيها وفق آخر الإحصاءات الرسمية إلى 49 ألف ناخب، حصة تيار المستقبل من هذه الكتلة الناخبة 70% بالرغم من كل الجراحات التي أصابت جسد التيار نتيجة الرهانات الخاطئة و التنازلات المتكررة لذلك يستطيع تيار المستقبل أن يضمن المقعد السنّي ويجيّر لأي حليف له في الدائرة فائض أصواته. أما الثنائي الشيعي في الدائرة الذي بلغت كتلته الناخبة في دائرة زحلة وايضاً وفق الإحصاءات الرسمية إلى 28 ألف ناخب حصة الثنائي الشيعي منها ما يفوق الـ 90% لذلك باستطاعته حجز مقعد لمرشحه وباستطاعته أيضاً ان يجيّر جزء من فائض أصواته لأي حليف له في الدائرة.
أما المقاعد المسيحية الأخرى ستكون عرضة لتنافس حاد خصوصاً مع تأكيد مراجع سياسية أن القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لن يكونا في لائحة واحدة، ومن المرجّح أن يكون التيار الوطني الحر وميريام سكاف وتيار المستقبل في لائحة واحدة وما عزّز هذا الإعتقاد كلام وزير العدل سليم جريصاتي في حفل التكريم الذي أقامته ميريام سكاف ظهر أمس للمطران نيفن صيقلي المعتمد البطريركي في روسيا «أنّ الوزير الراحل الياس سكاف كان من مؤسسي تكتل الإصلاح والتغيير».
وتؤكد مصادر سياسية عليمة انّ القدرة التجييرية للتيار الوطني الحر في دائرة زحلة لا تتجاوز ال 11 ألف صوت خلافاً لما يشيعه العونيون أن قدرتهم التجييرية تصل إلى 18 ألف و أيضاً القوات اللبنانية لا تتعدى قوتها التجييرية الـ 10 آلاف صوت.
ويحتل تيار المستقبل المرتبة الأولى في قدرته التجييرية ويليه الثنائي الشيعي ثمّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.