Site icon IMLebanon

سياسة خارجية تنظر الى  النصف الملآن من الكوب

العالم يحترم الرئيس الذي يحترم نفسه… فكيف اذا كان مثقفا ومفكرا باتزان، وشجاعا في الموقف وعنيدا بالحق؟ ولعل هذا ما يفسّر موجة الاحترام التي طافت على لبنان بعد انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية، وغيّرت النظرة الخارجية اليه، ليس فقط بالنسبة الى الشقيق والصديق، وانما أيضا بالنسبة لهؤلاء الذين كانت لهم نظرة سلبية للبنان ولرئيسه قبل انتخابه. ومن المظاهر الايجابية توافد الزوار العرب والأجانب من الاقليم والعالم، ليس فقط مراعاة لواجب بروتوكولي بتقديم التهاني، وانما أيضا وأولا لتنسم التوجهات الجديدة لهذا الوطن الصغير بمساحته، والكبير برسالته وقد تحوّل الى مفاعل سياسي واجتماعي في المنطقة.

***

آخر هؤلاء الزوار – ولن يكون الأخير – هو وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أورو ايرولت. ولا يشك أحد في عمق الرغبة الفرنسية باحاطة لبنان بكل ما يمكن الرعاية والمساعدة… ولكن فرنسا خسرت الكثير من هيبتها وموقعها في العالم في العهود الأخيرة، ولا سيما مع الرئيس ساركوزي سابقا والرئيس الحالي فرانسوا أولند. وابتعدت فرنسا كثيرا عن شموخ فرنسا الديغولية حين كانت المثل العليا تتقدّم على المصالح المادية والمنافع التجارية. واذا صحّ أن الوزير الفرنسي الزائر قد أثار موضوع الهبة السعودية المجمّدة للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، فليس خافيا دافع المصلحة الفرنسية وهذا لا عيب فيه، اضافة الى المصلحة اللبنانية…

***

السياسة الخارجية في عهد الرئيس عون – وخلافا لما يعتقده كثيرون – ستكون بسيطة، وهي ستنظر الى النصف الملآن من الكوب مع كل دولة، وتتعامل مع الايجابيات لا السلبيات. واذا جاز إبداء وجهة نظر في شأن الهبة، فقد يكون من اللياقة والكرامة الوطنية للطرفين، ألا يكون لبنان هو المبادر الى اثارة هذا الموضوع عندما يقوم رئيس الجمهورية بزيارته الأولى خارج البلاد الى السعودية. ذلك أن الهبة – أية هبة – تعكس ارادة المانح في العطاء من جهة، وارادة المتلقي في القبول من جهة ثانية. ومن الأكرم للطرفين ان تأتي المبادرة من المانح وليس من المتلقي… فاذا كان المانح لا يرغب في تقديم الهبة، فلماذا احراجه بالإلحاح؟ واذا كان المانح يرغب فعلا في تقديمها، فلماذا نقطع عليه الطريق ونحرمه من كرامة المبادرة وكرمها؟!